×
محافظة المنطقة الشرقية

في ختام ملتقى القافلة النسائي (140) فتاة يتقدمن لطلب الزواج و(11) عاملة يعتنقن الإسلام

صورة الخبر

بيروت ـ لندن: «الشرق الأوسط» بينما تتراصف سيارات السوريين في طوابير طويلة عند معبر جديدة يابوس على الحدود السورية - اللبنانية، في حركة نزوح سجلت ازديادا مخيفا في الأيام الثلاثة الأخيرة، أجّل مناف. ر زيارته إلى لبنان، خشية أن تقع الحرب ولا يكون إلى جانب أبنائه وزوجته ووالديه العجوزين. ومناف الذي يملك منشأة صناعية صغيرة في ضواحي دمشق، سبق أن رفض طلب زوجته السفر إلى إحدى الدول الأوروبية حيث يقيم أقرباؤها، وقاوم إلحاحها المتواصل إلى حد كاد يطيح بزواجه، متذرعا بأن منطقة غرب العاصمة التي يعيشون فيها لا تزال هادئة نسبيا وأن البقاء فيها أفضل من الغربة والتشرد. منذ فترة بدأت منطقتهم تشهد سقوط قذائف وعمليات هجوم على الحواجز، لكنه بدا متمسكا أكثر بقراره وكلما طرحت زوجته فكرة السفر كان يرد: «ولمن نترك بيتنا وبلدنا». إلا أن السبب الحقيقي، كما يقول مناف، أنه «لن يتخلى عن والديه العجوزين، ولن يدعمها يواجهان الخطر وحيدين». أما الجملة السائرة بين السوريين الذين يختارون البقاء رغم امتلاكهم إمكانية السفر وتوفير وضع آمن في الخارج، فهي: «مثلنا مثل كل الناس هنا ما يجري عليهم يجري علينا»، وهي جملة كررها مناف كما كررتها سوزي التي كانت ترتب أوراق سفرها إلى العراق مع إدارة الشركة التي تعمل فيها وانتقلت من دمشق إلى العراق. ولكن بعد قرع طبول الحرب باتت مترددة وتفكر في إلغاء السفر حتى لو اضطر الأمر لفقدان العمل وتقول: «الأمر اختلف الآن.. كنت أسعى للهرب من حرب بلا نهاية تسير ببطء، لكن هناك أمل اليوم أنه في حال تمت الضربة الأميركية فسيضطر الجميع للذهاب إلى حل سياسي، وربما تنتهي الأزمة». ومنذ بدء حركة فرار السوريين من جحيم الحرب التي شنها النظام، وعمليات الملاحقة والاعتقال، انقسم المجتمع السوري بين جماعة الداخل وجماعة الخارج، وعند كل منعطف في الحرب كانت الشروخ تضرب المسافة بين الجانبين، حيث يشعر كثر ممن يعيشون بالداخل أنهم تركوا وحدهم في مواجهة الموت بينما نجا الآخرون بأنفسهم. ويطلب الداخل من الخارج الكف عن التحدث باسم الداخل، أو التحريض بحجة «أنكم في الخارج مرتاحين ونحن في الداخل نعاني الأمرين»، وفي حين ينادي من في الخارج بأنهم «ليسوا جميعهم مرتاحين وأن خروجهم جاء قسريا»، وأنهم يعملون في الخارج ما في وسعهم للتعجيل بسقوط النظام. والمفارقة في التجاذب بين الداخل والخارج أنهم يعودون للالتحام في موقف واحد عندما تحل كارثة أو تقع مجزرة أو تشن حرب على إحدى المناطق، فتراهم يعودون للعمل معا وتبادل الغزل في جمع التبرعات وتأمين مواد الإغاثة، وتنسيق الجهود الإعلامية. ويهاجم الطرفان الفئات الانتهازية التي امتطت ظهر المعارضة في الخارج والثورة في الداخل، ومع تنامي احتمال توجيه ضربة عسكرية أميركية عادت الخلافات والمهاترات والارتباك بين السوريين في الداخل والخارج حول الموقف من الضربة. وعموما جماعة الداخل ينتابها الذعر من المجهول، رغم تطلعهم للخلاص من النظام، بينما تهلل جماعة الخارج وتعتبر أن الضربة ستكون بداية النهاية للنظام والأزمة. ويكتب حليم حمص، ناشط حمصي يعيش في الخليج، على صفحته بموقع «فيس بوك»: «إذا لم تضرب أميركا النظام، فلا أمل لنا بالعودة إلى سوريا». إلا أن هلا.م (معلمة بمدرسة في حي ركن الدين) تشعر بكثير من الألم والقهر والحزن وتقول: «أعجب من القابعين في الخارج خلف الـ(لاب توبات) كيف يهللون للحرب على سوريا، نحن نعيش هنا ونكتوي بالقصف وفقدان الأمان». ويعيش السوريون من سكان المناطق المحيطة بالمقرات الأمنية حالة من الذعر، مما قد تسفر عنه الحرب في حال استهداف تلك المناطق، وكثر فروا من منازلهم إما إلى لبنان أو إلى قرى نائية داخل البلاد، في حين أصر آخرون على البقاء لحراسة منازلهم وأملاكهم. «جميعنا بين أيدي الرحمن»، تقول الحاجة فاطمة، وتعيش في حي المزرعة قريبا من عدة مقرات أمنية، وتشير إلى أن أبناءها فروا إلى لبنان باستثناء بنت بقيت معها وزوجها. وتتابع: «ابنتي وعائلتها سبق أن نزحت إلى لبنان ومكثت هناك سنة، لكنها عادت مؤخرا بعد أن دفعت كل ما لديهم من مال.. رجعت عَالحديدة لتسكن معي.. تجربتها في لبنان كانت سيئة جدا بسبب ارتفاع أسعار الإيجار والمعيشة عموما»، وتضيف: «كأن المال في لبنان ليس له بركة». وشهدت الحدود اللبنانية - السورية ارتفاعا ملحوظا بنسبة الداخلين، قدرت، خلال 36 ساعة، بـ15900 داخل، مقابل 10100 شخص عبروا الحدود اللبنانية باتجاه سوريا. وقال مصدر بارز في الأمن العام اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الوافدين إلى لبنان «قارب أعلى سقف لعبور السوريين إلى الحدود اللبنانية، لكنه لم يصل إلى مستوى التدفق كما لم يتجاوز الحدود الطبيعية في أعلى مستوياتها». ويبقى هذا الرقم الذي وصل إلى 5800 شخص في الإطار الطبيعي للداخلين إلى لبنان، حيث تتفاوت أرقام العابرين إلى الداخل أو الخارجين إلى سوريا، بحسب المناسبات. ولم ترصد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تدفقا استثنائيا للنازحين على الحدود يفوق المعدل الطبيعي للدخول اليومي، كما لم يحدد ما إذا كان العابرون إلى لبنان نازحين بعد، لعدم تسجيلهم في قوائم المفوضية حتى عصر أمس. وقالت الناطقة باسم المفوضية دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن الرقم الذي عبر إلى لبنان لم يتخطَّ العدد الطبيعي لدخول النازحين، مشيرة إلى أن المفوضية تضع خطة طوارئ للاستجابة إلى تدفق كبير في حال وقوع حدث ما يدفع إلى ذلك. وتوضح سليمان أن المفوضية رسمت خطة للاستجابة لمتطلبات مليون نازح، تليها خطط طوارئ أخرى إذا ما تخطى العدد ذلك. وتقول إن «التحدي الأكبر الذي نواجهه هو التمويل لتوفير متطلبات هذه الخطة»، لافتة إلى أن المتطلبات «تتنوع بين الغذاء والمساعدات العينية والصحية التي يجب أن تكون متوفرة، فضلا عن مساعدة أطفال قادمين من غير عائلاتهم». كما يعتبر توفر مراكز استقبال النازحين ضرورة، وهي من ضمن خطة الطوارئ «لأننا نتوقع عددا كبيرا من الوافدين». وتعد وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية شريكا أساسيا في إغاثة اللاجئين السوريين، ويتضاعف التعاون في توفير مراكز إيواء لاستضافة عدد أكبر من النازحين. وتشير سليمان إلى أن «التعاون مع الوزارة مستمر لتوفير متطلبات النازحين». ومع ازدياد المخاوف من تدفق كبير للنازحين السوريين إلى لبنان، على أثر شيوع نبأ الضربة الأميركية المحتملة على سوريا، ترأس الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس اجتماعا وزاريا حضره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وجرى بحث الإجراءات اللازمة لتدارك تدفق أعداد إضافية من النازحين السوريين في ضوء زيادة التوتر في المنطقة. وجدد سليمان دعوة القوى السياسية كافة «لإعادة الاعتبار إلى سياسة النأي بالنفس على أساس إعلان بعبدا وتغليب المصلحة الوطنية، خصوصا في هذه المرحلة، على أي اعتبار آخر»، مذكرا بـ«الثوابت اللبنانية التي تدعو إلى إيجاد حلول سياسية للأزمة السورية، بعيدا عن أي تدخل عسكري خارجي، وضرورة الاستمرار في متابعة خطوات وإجراءات معالجة أزمة النازحين من سوريا بما تشكله من أعباء راهنة وتحسبا لأي تطورات واحتمالات». وفور نهاية الاجتماع، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور أن السلطات اللبنانية «قررت متابعة معالجة الأزمة بما يتوافق مع الواجبات والالتزامات الإنسانية والقانونية وواجب تحصين لبنان وحمايته من أي تداعيات سلبية والتحسب لأي تطورات أو أعباء إضافية قد تنتج عن تنامي حدة التوتر، وقد تم التوافق على اتخاذ تدابير محددة في هذا المجال بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية». ويستضيف لبنان أكثر من 703 آلاف نازح، وبينهم 592 ألف لاجئ مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، و110 آلاف نازح في انتظار التسجيل. وبينما يتضاعف التحدي المالي لإغاثة النازحين، يشارك لبنان في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل في مؤتمر المانحين الذي سينعقد في نيويورك، ويحضره وزير المال في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي، حيث يسلط الضوء على الواقع الصعب الذي يواجهه اقتصاد البلاد وعلى الأعباء التي يتحملها لبنان والمشكلات التي يواجهها في القطاعات كافة، نظرا لعدم قدرته على استيعاب هذا الكم الهائل من النازحين، لا سيما لجهة تأمين الطبابة والمسكن والمأكل والمشرب وغيرها من الصعوبات التي تتطلب حلا عاجلا ودعما دوليا طارئا.