بيروت: بولا أسطيح أدى تعثر المحاولات الخمس السابقة لانتخاب رئيس جديد للبنان إلى انصراف قوى «14 آذار» للبحث في إمكانية الانتقال قريبا إلى الخطة «ب» التي تتبنى بموجبها مرشحا آخر غير رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، في مقابل تمسك قوى «8 آذار» بالخطة «أ» والوحيدة التي أعدتها لخوض معركة الرئاسة، والتي تتبنى بموجبها الترشيح غير المعلن لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وكان أنطوان أندراوس، نائب رئيس تيار «المستقبل» الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أول من دعا لضرورة انتقال قوى «14 آذار» إلى الخطة «ب»، التي تقول بوجوب البحث عن مرشح آخر غير جعجع يلتزم برنامجها ومبادئها. وأكد القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش أن قوى «14 آذار» أعدت الخطة «ب»، لكنها لم تتخذ بعد قرار الانتقال إليها، لافتا إلى أنها تلحظ تبني مرشح جديد على أن يكون من «14 آذار». وقال علوش لـ«الشرق الأوسط»: «نحن جاهزون للبحث عن أسماء مرشحين توافقيين مشابهة للرئيس السابق ميشال سليمان، إلا أن قوى (8 آذار) ليست على استعداد للتخلي عن سياسة (عون أو لا أحد) التي تنتهجها فيما يخص الملف الرئاسي». وأوضح علوش أن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أعلن في خطابه الأخير تمسكه بهذه السياسة: «لا، بل بوجوب أن يكون هذا المرشح مرهونا لما يسمى المقاومة وأن يقبل بأن تحمي المؤسسات اللبنانية، وهو ما يزيد من تفاقم الأزمة الرئاسية». قد يكون حزب «الكتائب» الذي يرأسه رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، أكثر المتحمسين لانتقال قوى «14 آذار» للخطة «ب» التي قد تلحظ تبني ترشيح رئيسه غير المعلن رسميا بعد. وفي هذا الإطار، أوضح النائب عن «الكتائب» إيلي ماروني أن قوى (14 آذار) «وضعت منذ البداية استراتيجية لقيادة معركة الرئاسة، على أن تصوت في إطار الخطة (أ) مجتمعة لجعجع، على أن يجري التوافق بعدها على مرشح جديد في حال فشل الخطة الأولى في إيصال مرشح هذه القوى إلى سدة الرئاسة». وقال ماروني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد فشل خمس جولات من الانتخابات الرئاسية في وضع حد لشغور سدة الرئاسة، حان وقت تقييم المرحلة السابقة والانتقال إلى مرحلة جديدة من خلال تبني مرشح جديد». وأضاف: «التنسيق مستمر بين قوى (14 آذار) لضمان فوز مرشحنا بالانتخابات، وسنقرر حسب المعطيات توقيت الانتقال إلى الخطة (ب)». بدورها، تتمسك قوى «8 آذار» بترشيح عون غير المعلن، وهو ما أكده الأخير في المؤتمر الصحافي الذي عقده مطلع الأسبوع حين قال إنه ليس لدى القوى التي ينتمي إليها أي خطة «ب»، لا بل لديها خطة «أ+». وأوضحت مصادر في قوى «8 آذار» أنها في المرحلة الحالية ليست بوارد البحث عن أسماء مرشحين توافقيين، وهي متمسكة بترشيح عون، وفي انتظار أن ينضج التوافق حول اسمه. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لقد حان الوقت لكي يكون للجمهورية رئيس ميثاقي، أي ممثلا حقيقيا للمسيحيين كما أن رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي ممثلون حقيقيون لطوائفهم، ونحن نعتقد أن لدينا فرصة قد لا تتاح في المستقبل، ومن ثم فنحن متمسكون بها حتى النهاية». وقال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إن «من يريد انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد عليه أن يسلك طريق الاتفاق»، موضحا خلال احتفال في ضاحية بيروت الجنوبية أن حزب الله يرغب في إتمام الاستحقاق الرئاسي «بأسرع وقت ممكن، لكن هذا الأمر مرتبط بآليات واقعية وموضوعية، ونحن حاضرون لكل مساهمة توصل إلى الاتفاق، ونعده الطريق الطبيعي والسليم». في المقابل، أكد جعجع، أمس الأربعاء، مضيه في ترشحه، متهما عون وتياره بتعطيل الانتخابات بسبب سعيهم لضرب النصاب الدستوري الواجب توافره لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس. وقال جعجع في مؤتمر صحافي: «ترشيحي لا يقطع طريق العماد عون للرئاسة، بل يزيد فرصه لأنه إذا شعر (حزب الله) باحتمال مجيئي رئيسا سيحاول بكل ثقله أن يأتي برئيس يوازيني شعبيا». وأكد جعجع رفضه لطروحات الأمين العام لحزب الله التي تقول إن المقاومة تحمي الرئيس المقبل، قائلا: «أنا كمواطن لبناني لا أقبل بكلام نصر الله عن حماية الرئيس. إن وجود حزب الله كما هو يضعف الدولة لأن الدويلة تكبر على هامشها». بدوره، حذر الجميل من أن «الشغور في رئاسة الجمهورية يفضي إلى فراغ في المؤسسات»، لافتا إلى أن جهوده تنصب في خانة «وصل ما انقطع بين الزعامات المارونية والمساهمة في ضمان حصول الاستحقاق الرئاسي في أقصر المهل». وأكد الجميل، في تصريح له بعد لقاءات عقدها في دارته، «الاستمرار في السعي الجامع بالغا ما بلغت التعقيدات»، وقال إن انتخاب رئيس الجمهورية «بقدر ما هو مسؤولية مسيحية مارونية، بقدر ما هو مسؤولية وطنية»، محذرا «من خطر الدخول في تطبيع الوضع والتأقلم مع حالة عدم وجود رئيس للبلاد». واقترح الجميل «إنشاء قوة ضغط للدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت».