لفت انتباهي مقال الكاتب خالد السليمان في صحيفة «عكاظ» بتاريخ 15/7/1435 بعنوان «كورونا.. فشل الطب الوقائي»، تطرق فيه الكاتب الى فيروس كورونا واتهم الطب الوقائي بالتقصير والاهمال. أشكر الكاتب على طرح هذا الموضوع فهو بلا شك قد طرحه من باب الغيرة الوطنية، ولكن من الواضح أن الكاتب يصف الطب الوقائي كإدارة في وزارة الصحة لا زالت تدار من قبل غير المختصين سابقا ولاحقا وكم كنت اتمنى لو ابحر الأستاذ السليمان قليلا في واقع الطب الوقائي السعودي والذي يعاني من الإقصاء وطمس المعالم حتى صار مشوها فاقد الهوية. الطب الوقائي المنعوت بالسلب هو في الحقيقة مسلوب الإرادة، فهو يفتقر اولا الى استشعار المسؤول بأهميته وبالتالي عدم تهيئة البيئة المناسبة للمختصين رغم ندرتهم وتشجيعهم على القيام بدورهم وممارسة تخصصهم باستقلالية تامة بعيدا عن الوصاية المفروضة من تخصصات اخرى. كل من له علاقة بالرعاية الصحية الاولية يعلم يقينا ان 80 % او تزيد من عناصر الرعاية الصحية الاولية المطبقة في مراكزنا والتي تم الاتفاق عليها في اجتماعات منظمة الصحة العالمية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي (أي منذ 35 سنة تقريبا) هي من اختصاص اطباء المجتمع والصحة العامة، ومع ذلك لا تجد الاهتمام الرسمي بهذا التخصص، وإلا بماذا نفسر القرار الاخير بشأن عدم استحقاق من يحصل على ماجستير الصحة العامة على مسمى أخصائي. مدهش حقا ان تجد مسؤولا في الوزارة او طبيبا يعتقد ان كل قطاع صحي او إدارة صحية عامة لا تحتاج الى اكثر من طبيب مجتمع واحد او طبيب وبائيات واحد، والمدهش اكثر ان تكون الجهة المسؤولة عن التدريب في كافة المجالات الصحية ليس لديها مراكز تدريب للبورد السعودي في تخصص طب المجتمع سوى في الرياض وجدة، وحديثا تم استحداث مركزين في كل من المدينة المنورة وابها. نردد كثيرا «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، والصحة تنادي كثيرا لهذا الشعار دون ان نعمل جديا لتحقيقه، فالوقاية ليست شعارات تكتب ولا عبارات تتلى بل هي برامج طويلة الامد تحتاج الى تطبيق ومتابعة من خلال متخصصين وتحتاج الى اعادة توزيع الموارد المالية، بحيث يحظى الجانب الوقائي الى ما يكفي لتنفيذ البرامج والخطط الوقائية. كل ما نحتاجه يا سادة هو اختيار القيادات المناسبة للطب الوقائي وتبني خطط طويلة الامد تجني ثمارها الاجيال القادمة، وعندها يكون درهم الوقاية خيرا من قنطار علاج واقعا ملموسا. د. رجاء بنت محمد الردادي