×
محافظة المنطقة الشرقية

وزير الخدمة المدنية يلتقي الفريق الاستشاري لبرنامج معرفة 2

صورة الخبر

تبادل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية مؤخراً مقطعاً صوتياً، يحتوي على حديث دار بين رجل وفتاة يتفقان على اللقاء في أحد الفنادق لممارسة "الرذيلة"، وقد ادعى الحساب الذي نشره أن التسجيل بين الفتاة وأحد الدعاة من الشيوخ المشهورين، والذي أثار الجدل العام الماضي في فتواه حول تحريم السفر إلى دبي، وحينما قمت بعمل بحث عبر الشيخ الأفرنجي عبر "جوجل" لمعرفة الكثير عن هذه الشخصية، وجدت أن الشيخ المغدور به، كان قد سبق وأن تم اعتقاله في العام الماضي لمدة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً، وحينها وصفه محبوه أنه الداعية الذي عرف عنه مواجهته الليبرالية ومحاربة الاختلاط (لا أعرف لماذا تخـيلت أننا ما زلنا في عصـور الظلام ما أن قـرأت هـذه العبارة). ولم يكن قد سبق لي أن تعرفت على الشيخ أو قمت بمتابعة حسابه عبر تويتر، أو معرفة نوعية الفتاوى المثيرة للجدل التي كان يطلقها بين الحين والآخر، ولكني علمت من الصديقة التي بعثت لي التسجيل، وهي تعمل كممرضة في إحدى أهم مستشفيات المملكة، أنها عانت من فتاوى الشيخ لكون فتاواه "المثيرة" تحمل في مضمونها إساءة بالغة إلى مهنة التمريض وإلى الممرضة السعودية تحديداً. وما جاء في التسجيل أن الفتاة قامت بمواعدة الشيخ، وقامت بنشر المقطع، وقد لاقى هذا الأمر استنكاراً كبيراً من قبل عدد من المشائخ والمغردين، كما انهالت التعليقات عبر موقع تويتر، وقال الشيخ "المغدور" في تغريدة له عبر حسابه: "انتشر مقطع مفبرك فبركة عجيبة وأنا والذي فلق البحر لموسى بريء منه براءة الذئب من دم يوسف، فاللهم اهتك ستر من نشره وساعد فيه". كما غرّد المحامي والمستشار الشرعي د. سليمان العجلان، قائلاً: "تم التواصل بيني وبين الشيخ (.....) بخصوص ما أثير في تويتر واتفقت معه على مقاضاة من وضع التسجيل، وكل من دعمه من قريب أو بعيد بتأييد أو تدوير". وبعيداً عن ما إذا كان الشيخ هو نفسه صاحب الصوت أو أن الصوت مفبرك كما يقول، فأنا لا أجد فيما قامت فيه الفتاة أي بطولة تذكر، وهناك مقولة جميلة للكاتب الياباني المعاصر "جونجي كينوشيتا" تستحضرني الآن، حيث يقول: "هناك جرائم لا نتحمل مسؤوليتها مباشرة، أي لم نشارك فيها، ولكن لا بد أن نتحمل مسؤوليتها" لا أعرف لماذا شعرت بمسؤوليتي الكاملة عن الفتاة وما قامت به، أتفق معك أن تغضب وأن تعلن الحراك تجاه ما لا يتفق مع معتقداتك، لا أن تستخدم أنابيب الاختبارات، لكي تكتشف مدى طهر أو عهر الآخرين من حولك، ونحن في المملكة نعيش داخل منظومة اجتماعية هائلة من التعقيد، لكن بالرغم من هذا كله ما زلنا نحاول أن نمضي بشكل متوازن جداً مع نظام القيم والقبيلة في المجتمع، وأكاد أجزم أننا استطعنا أن نتجاوز عن كثير من الأمور ذات الطبيعة القاسية والصعبة، ونحن فخورون بما وصلنا لهُ، كما وأننا ندرك جيداً أن لكل إنسان "سقطة" وأحياناً كثيرة "سقطات"، ولكننا نؤمن بمنطق العقل بأن عدم التعرض لها أحياناً أو مكاشفتها أفضل بكثير من فضحها. أقول هذا، وأنا الفتاة التي شاهدت وسمعت وقرأت، كيف لجأ بعض المحتسبين في وطني إلى التشهير ببعض الشباب والفتيات، دون أن يحرصوا على "الستر"، ودون أن يطبقوا ما جاء في نصوص القرآن الكريم، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، و{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}، و{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}، و{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}، لكن بعض المحتسبين في وطني لجأ إلى "كشف الستر" كما فعلت الفتاة، من مطاردات لا حصر لها بمجرد اشتمام رائحة "المنكر"، وهذه الرائحة أدت - للأسف الشديد - إلى مصرع عدد من المطاردين بسبب "خواطر المحتسبين"! الفتاة الصغيرة لم تأت بجديد، فكل ما قامت به من وجهة نظري الشخصية، أنها اتبعت ما شاهدته من تصرفات لبعض المحتسبين في مجتمعها، وكأنها بذلك تودّ أن ترد الصاع صاعين.