يعتمد المتخصصون في العلوم الأمنية على مؤشرات عدة لقياس مستوى نجاح العمل الأمني من عدمه، ولعل من أسهل المؤشرات - التي قد يلاحظها حتى غير المخصص - مؤشر مستوى نفور العناصر الإجرامية من مناطق تمركز الجرائم، أو ما يسمى بالمناطق الساخنة، فذلك الهروب والتشتت دليل على نجاح الدور الأمني في تلك المناطق. ولعل ما أسفرت عنه جهود الأجهزة الأمنية السعودية مؤخرا من القبض على خلية الـ(62) التي تنسق وتنفذ عمليات لتهريب عناصر القاعدة من المملكة العربية السعودية إلى بعض دول الجوار دليل على إحكام القبضة الأمنية على تلك العناصر، والتضييق عليها حتى اضطرت إلى الهروب. إلا أن ذلك ليس المؤشر الوحيد على نجاح وزارة الداخلية في معالجة مشكلة الإرهاب أو بالأصح الاسترهاب، فالمؤشرات الأخرى كثيرة، ومن أبرزها مؤشر الاستفادة الدولية من التجربة الأمنية للدولة الناجحة أمنيا، ولعل ما يقوم به المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل هذه الأيام من آخر الفعاليات التي أستطيع أن أبرهن بها على نجاح التجربة السعودية وفق المؤشر الأمني الأخير، فقد تلقيت دعوة كريمة من أخي وصديقي العزيز البروفيسور نصر بن سلطانة رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل -وهو مركز علمي متخصص يسعى لحماية تونس من جميع الظواهر المهددة للأمن الوطني- وكانت الدعوة لحضور ندوة دولية بعنوان: تونس بين تحديات الإرهاب الجيوستراتيجية ومتطلبات المصلحة الوطنية، خلال الفترة (23-24مايو2014م)، بالعاصمة التونسية، ومع أسفي لعدم تمكني من الحضور لارتباط مسبق؛ إلا أنني سررت حين رأيت برنامج الندوة يتضمن مساحة كبيرة للتجربة السعودية في مكافحة الإرهاب، بهدف الإفادة منها، ولعل تركيزهم على تجربة مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وكذلك حملة السكينة، دليل على وعيهم وحرصهم على الاستفادة من أكبر قدر من هاتين التجربتين الناجحتين. وحلت التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب ضيفاً على الطاولة التونسية، بعد استضافتها على الكثير من الطاولات الدولية، كما ستدعى مستقبلا للكثير من المحافل العلمية والعملية، فهي تفرض نفسها كتجربة حققت الكثير من النجاحات في زمن يسير قياساً بالزمن اللازم لمعالجة الظواهر والمشكلات الأيديولوجية. إلى الأمام يا وطني العزيز، أدام الله عزك بالتمسك بالدين، ثم بجهود أبنائك المخلصين. * متخصص في العدالة الجنائية والأمن الفكري