لدي سؤال صغير جداً، ولكنه مشاغب جداً، وأعترف لكم أن المشاغبة طبع متأصل بداخلي منذ الصغر، فطالما أكلت "علقات" وضربات موجعة بسبب هذه الأسئلة المشاغبة التي يرى بعض الأساتذة، والأهل أيضاً أنها لئيمة، وربما رآها بعضهم سخيفة، على أنني بكل تأكيد لا أراها كذلك، بسبب عنادي ورفضي للاستسلام..!! وما عليكم مني ومن مشاغباتي السابقة، وتحملوا هذه المرة سؤالا صغيراً، والذي ربما رآه البعض مشاغبا، بل ربما رأى فيه قلة حنكة، وقلة دراية وقلة فطنة سياسية، ووجد فيه كثيرا من "القّلات" والعلات.. والسؤال: بما أن إيران تعمل على صناعة مفاعل نووي على غرار المفاعل الإسرائيلي الذي يجثم فوق صحراء النقب، ويجثم على قلوبنا منذ أكثر من خمسين عاماً.. أقول: اليوم تصنع إيران مفاعلها لتفعل في قلوبنا الأفاعيل من إرهاب لنا وإرعاب وإطارة النوم من عيوننا وعيون أطفالنا، لأنها سوف تصبح ذات ثقل وقدرة نووية.. ومن ثم فسوف تضرب وتبيد نوايانا الحسنة طبعاً في بناء بنيتنا التحتية، والفوقية والنفسية معا، وسوف تقيدنا بالرعب والخوف، بمفاعلها هذا فقد تجعلنا في المستقبل - لا قدر الله - لا نتحرك إلا وجلين فلا نذهب إلى أعمالنا، ولا إلى مدارسنا ولا إلى مساجدنا إلا وأقدامنا تمشي على دروب من الخوف والقلق والوجل... وكما تعلمون أيها السادة بأن بيننا وبين إيران تاريخاً طويلاً عريضاً مليئاً بالكراهية والأحقاد الفارسية، فهي لن تنسى يوم ذي قار، ولن تنسى معركة "الجسر" وجولولاء، ونهاوند، لن تنسى ليلة "الهرير" ومقتل رستم في معركة القادسية، فكل ذلك منقوش في صحائف الأحقاد الفارسية الكسروية.. أقول بما أن الأمر كذلك وهي تصّر على إنتاج القنبلة الذرية رغما عن أحاديث الشجب "الغربية" التي تكدس أطنان الشجب والهرج والتهديد، وهي في الباطن تمارس التسامح وغض الطرف عن الفعل..! وبما أن الغرب يعرف تاريخنا ذلك كله.. ويعيش تاريخ اليوم معنا، ويعرف نوايا إيران الفارسية وبما أن ضميره معنا، وقلبه يرتعش خوفا علينا كما يزعم، فلماذا لا يسمح لنا بأن نبني مصنعا صغيراً جداً ننتج فيه " قنيبلُة " ولو بحجم حبة البرتقال خاصة وأن لدينا عقولا متميزة في هذا المجال, فنربك بها كل خطط إيران التي تبني مفاعلها النووي على بعد مرمى حجر من نفطنا, ومن محطات تحليه مائنا، بل ومن أعظم ينابيع مصدر الطاقة الاممي.. فلو تكرم الغرب وسمح لنا بذلك لأثبت أولاً محبته المخلصة لنا.. ولكففنا -ثانيا- عنه الشر الإيراني الذي يعمل الغرب ليل نهار على تهويله والتحذير منه.. فهل يا سادتي يتفضل علينا صديقنا الغرب الذي يحبنا حباً لا شك فيه ولا لبس!! ويسمح لنا بصنع هذه "القنيبلة" التي ستريحنا ولن تضره شيئا..؟ انه مجرد سؤال..! ولا شك أن هناك من يرى هذا السؤال، غير وجيه وغير بريء.. ولكنها المشاغبة، وربما المشاكسة التي جُبلت عليها أنا وبعض امثالي... والمشاغب دائماً ينظر إليه، نظرة الريبة، وربما الاستنكار.. لأن الثقافة السياسية والعقلية السياسية التي عُوّدنا عليها ترفض مثل هذه الأسئلة المشبوهة والتي لا تخطر إلا على بال الحمقى، والمشاغبين... لكن دعونا نسأل، ونتمنى، ونتوهم، وفي زمن العجز تكثر الأوهام، أو اعتبروا ذلك مجرد فكرة حالمة... فكرة صناعة "قنيبلة" بحجم البرتقالة، ألم يقل محمود درويش: "البرتقالة فكرة تضيء في الليل" وما اطول ليل الواهمين.