لقب المهاجم الألماني غيرد مولر بـ«در بومبير» أي «المدفعجي». لم يكن موهوباً ولا أنيقاً، لكنه كان فعالاً أمام المرمى، ويبقى من بين أفضل الهدافين في تاريخ الكرة المستديرة. ويستطيع البقاء طوال المباراة لا يعمل شيئاً، يتمشى داخل الميدان حتى ينساه الجميع، وفي ثوان يستطيع أن يقلب مجريات اللعب، ويسجل من مختلف الوضعيات، بالرأس بالقدمين بالبطن بالصدر بالركبتين، في كل مكان، وفي كل زمان، المهم بالنسبة لهذا الهداف هز الشباك ولا شيء غير ذلك. وكان زملاؤه يدعونه بـ«البدين» لأنه كان قوي البنية (1,75 متر، و75 كيلوغراماً)، ويملك رجلين قصيرتين لكنهما عريضتين. وسجل مولر 68 هدفاً في 63 مباراة دولية، و365 هدفاً في 472 مباراة ضمن دوري ألمانيا الغربية، وهو المعدل الذي لم يستطع تحقيقه أي لاعب بعده. ولد مولر في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 1945 في إحدى المدن الصغيرة في مقاطعة بافاريا من عائلة من الطبقة العاملة، اكتشف كرة القدم وهو في سن الـ11، وبدأ مباشرة في مركز قلب هجوم، ولم يبق طويلاً حتى لاحظه كشافو بايرن ميونيخ، الذين قرروا فوراً ضمه إلى فريق الأشبال وهو في سن الـ17. في هذه الفئة تمكن من تسجيل 22 هدفاً في مباراة واحدة، وهو ما جعل مدرب الفريق الأول يستدعيه للتشكيلة عام 1964، ليبدأ بذلك مولر مسيرته الاحترافية. وكان مونديال المكسيك 1970 بمثابة الانطلاقة الحقيقية لمولر إذ أبهر العالم باتقانه تسجيل الأهداف. في المباراة الأولى تمكن من تسجيل هدف الفوز في مرمى المغرب (2-1)، ثم تمكن من تسجيل ثلاثيتين في مباراتين أمام كل من بلغاريا (5-2)، والبيرو (3-1). وفي الدور ربع النهائي، التقت ألمانيا المنتخب الإنكليزي، الذي تقدم (2-صفر)، غير أن الألمان تداركوا الفارق وأنهوا الوقت الأصلي بالتعادل (2-2). وفي الوقت الإضافي وبعد تلقيه تمريرة من غرابوفسكي، سدد مولر كرة صاروخية هزت شباك الحارس الإنكليزي بيتر بونيتي، مسجلاً بذلك هدف التأهل لمنتخب بلاده ليواجه في الدور نصف النهائي نظيره الإيطالي في مباراة تاريخية تمكن فيها مولر من تسجيل هدفين في الوقت الإضافي، واحد منهما صورة طبق الأصل للهدف الذي سجله في مرمى إنكلترا، غير أن الألمان خسروا في النهاية (3-4)، وخرجوا من المنافسة، بينما نال مولر لقب هداف المونديال بـ10 أهداف. ولعب مولر بعد سنتين دوراً بارزاً وأساسياً في بطولة الأمم الأوروبية، وأسهم في إحراز منتخب بلاده للقب بتسجيله هدفين في مرمى إنكلترا على إستاد «ويمبلي» الشهير (3-1)، وسجل هدفين أيضاً ضد بلجيكا في مباراة الدور نصف النهائي (2-1)، وفي النهائي أضاف هدفين آخرين في مرمى الاتحاد السوفياتي (3-صفر). وكان حاضراً أيضاً في منافسات كأس أوروبا للأندية البطلة (دوري الأبطال حالياً)، إذ أسهم بفعالية في فوز بايرن ميونيخ باللقب أمام أتلتيكو مدريد الإسباني. كما تألق بقوة في «البونديسليغا» وهو لقب الدوري الألماني، وتوج هدافاً للدوري ست مرات متتالية (1969-1974)، كما نال الحذاء الذهبي الأوروبي مرتين عامي 1970 و1972. وفي مونديال 1974 الذي نظمته ألمانيا الغربية لم يبرز «المدفعجي» في الدور الأول وسجل هدفاً واحداً في مرمى أستراليا، وكان الأمر مشابهاً في مباراة الدور الثاني أمام يوغوسلافيا، أي أنه سجل هدفين فقط في خمس مباريات. في الدور نصف النهائي أنقذ ألمانيا الغربية أمام بولندا، وتمكن من تسجيل هدف الفوز في الدقيقة 75 بتسديدة أرضية خدعت الحارس توماشيفسكي. وفي 7 تموز (يوليو) كان الموعد مع المباراة النهائية أمام المنتخب الهولندي العتيد، الذي كان السباق إلى التسجيل منذ الدقائق الأولى، غير أن الألمان تمكنوا من التعديل بواسطة ركلة جزاء في الدقيقة 43، بعدها تمكن مولر من السيطرة على كرة من بونهوف، ثم سدد بقوة مخادعاً الحارس يونغبلود، لتتوج ألمانيا الغربية بطلة للعالم، وعمت الفرحة ملعب ميونيخ الأولمبي. لكن وفي مساء اليوم ذاته اندلع جدال كبير وحرب كلامية بين اللاعبين ومسؤولي الاتحاد المحلي بسبب رفض الأخيرين دعوة زوجات اللاعبين إلى الاحتفال بالفوز، فضرب مولر الباب وغادر الحفل مودعاً في الوقت ذاته تشكيلة المنتخب من دون رجعة. وبقي مولر على رأيه ورفض العودة إلى صفوف المنتخب الألماني وهو في الـ28 من العمر. غير أن نجم مولر بدأ في الأفول مباشرة بعد مغادرة القيصر بكنباور لبايرن عام 1977، فقرر الهجرة إلى الولايات المتحدة عام 1979، ولعب لموسمين قبل أن يعتزل عالم الكرة نهائياً. ألمانيامولر