أكد المدير العام لصندوق النقد العربي عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي أمس الحاجة الملحة إلى ضرورة إيلاء موضوع الرقابة على النظام المالي الأهمية اللازمة من أجل تجنب تكرار أزمة المال العالمية وما نجم عنها من تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي برمته. جاء ذلك في كلمة افتتاحية لدورة «الاستقرار المالي والتنظيم الاحترازي» التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع «بنك إنكلترا» (المركزي البريطاني) في أبو ظبي في 25 - 29 أيار (مايو) الجاري، وألقاها بالنيابة عنه مدير معهد السياسات الاقتصادية في الصندوق سعود البريكان. وقال الحميدي: «يحتل القطاع المالي أهمية كبرى في اقتصادات الدول، وتتبلور أهمية هذا القطاع في الدور الكبير الذي يؤديه في عملية النمو الاقتصادي من خلال الوساطة المالية لتوفير التمويل للاستثمار. فالوظائف العديدة للقطاع المالي التي تتجسد، على سبيل المثال لا الحصر، في تجميع المدخرات وتقويم أفضل للاستثمار وإدارة الأخطار وتسعيرها وتخفيض تكلفة التعاملات وإجراء عمليات المقاصة وتسوية المدفوعات والآلية لانتقال آثار السياسة النقدية تعود بالنفع على الاقتصاد ووتيرة نموه». ولفت إلى «أن الأهمية التي يحتلها القطاع المالي في النمو الاقتصادي لا تنفي أن فشله قد تكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد، وليس أدّل على ذلك من الأزمة المالية التي عصفت بالقطاع المالي لكبرى الدول». وأكد أن الأزمة المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية أفرزت العديد من الظواهر التي يجب التوقف عندها ودراستها والاستفادة منها. أول هذه الظواهر أن سلامة النظام المالي على درجة كبيرة من الأهمية. وقال: «إذا لم تجرِ مراقبة هذا النظام وتنظيمه في شكل سليم، ستكون تداعيات مصاعبه مكلفة مادياً على الصعيد الاجتماعي لذا يجب العمل على تقوية إدارة الأخطار وتفعيلها لدى المؤسسات المالية كما يجب العمل على تفعيل اختبارات التحمل لمعرفة مدى قدرة المؤسسات المصرفية على التعامل مع الظروف الضاغطة». وحذر الحميدي من أن الأزمة المالية أفرزت ظاهرة أخرى في ظل الترابط الكبير بين الاقتصادات في العالم والتطورات التكنولوجية الهائلة سيكون من تأثيراتها المحتملة انتقال أثر العدوى المالية من دولة إلى أخرى. وقال: «ليس أدل على ذلك من ما حدث في بعض اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي حيث شهدت اقتصاداتها وقطاعها المالي صعوبات وصلت إلى حد الأزمات». وأكد أن الدول التي تتمتع بأساسيات اقتصادية قوية ستكون أكثر قوة لتخفيف وطأة الأزمات عليها من تلك الدول التي تتصف أنظمتها المالية والاقتصادية بالضعف والهشاشة. ولفت إلى أن من الأمور المهمة التي سيجري التعرض لها في هذه الدورة هي سياسة السلامة الاحترازية الكلية الهادفة إلى تحديد الأخطار التي تهدد الاستقرار النظامي وتخـفيفها وبالتالي خفض الكلفة التي يتكبدها الاقتصاد جراء اضطراب الخدمات المالية مثل شح الائتمان الناجمة عن تكبد المصارف لخسائر تجعلها غير قادرة أو راغبة في منح الائتمان. وقال الحميدي: «معلوم أن الأخطار النظامية يمكن أن تنشأ بسبب فشل مؤسسة كبرى تربطها علاقات مكثفة بعدد كبير من المؤسسات الأخرى حيث يسفر إخفافها عن تهديد الاستقرار النظامي وذلك من خلال انكشاف المؤسسات المالية الأخرى مباشرة على المؤسسة المتضررة واضطرار المؤسسة المتضررة إلى بيع الأصول بأسعار بخسة مما يسبب انخفاض قيمة جميع الأصول المشابهة ويكبد المؤسسات الأخرى خسائر من الأصول التي في حيازتها وارتفاع تكاليف التمويل وتزايد السحب الجماعي للأرصدة من المؤسسات الأخرى». وأكد أن التوجهات الحالية تهدف إلى تشديد الرقابة على المؤسسات الكبيرة وذلك من خلال الطلب منها الاحتفاظ بنسبة راس مال كبيرة و الحد من بعض نشاطاتها خاصة المعقدة منها. وأشار إلى أن هذه الدورة ستغطي محاور عدة ومهمة ذات علاقة وصلة بما تشهده اقتصادات العالم جراء الأزمة المالية العالمية وستلقي الضوء على الأدوات والأساليب التي يجب اتباعها للتعامل مع الأخطار والتقليل من أثرها وعلى الشروط الواجب توافرها في اقتصادات الدول إذا رغبت في تحجيم أو تقليل أثر الأزمات أو الصدمات الخارجية وتؤكد على الدروس المستفادة من هذه الأزمات وكيفية تجنب حدوثها مستقبلاً. وستركز الدورة على عدد من المحاور تشمل مصادر الضعف وأخطار عدم الاستقرار المالي وأدوات سياسة الرقابة الاحترازية الكلية والتوريق والأخطار النظامية وبنوك الظل وترابط الاقتصاد الكلي والقطاع المالي واختبارات التحمل وتحليل المنفعة للسياسة الاحترازية الكلية وتخفيف الأخطار. صندوق النقد العربي