×
محافظة المدينة المنورة

أمير المدينة المنورة يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة

صورة الخبر

غزت شوارع بيروت أخيراً شعارات طبعت على الجدران تقول «أحلى هدية لعيد الـ 18 دفتر سواقة بلا امتحان» و»أحدث تقنيات التلاعب بعدّادات الكهرباء» أو «مع كل شهادتي بريفيه وبكالوريا واحدة ببلاش» وغيرها ما أثار التساؤلات حول هوية كاتب هذه العبارات وغايته، الى أن أعلنت مجموعة شباب عن افتتاح «دكانة البلد» في شارع الجميزة تقدم عروض الفساد تلك. انها جمعية «سكّر الدكّانة» التي بدأت نشاطها منذ اقل من اسبوعين في شارع الجميزة في بيروت وبدا الحيز الذي خصصته لـ «تجارتها»، كأي محل صغير تُباع فيه السلع والمنتجات لأهل الحي المجاور. لكن بدلاً من المعلبات والأجبان والألبان، يجد المتسوق شهادات رسمية معلّقة على الجدران وسجلاّت عدلية وشهادات قيادة بالإضافة الى لافتات حول شراء أصوات الناخبين، والعديد من «الخدمات» التي تجمعها مظلة الفساد. ومع كلّ زائر جديد ينهمك ناشطو الجمعية في الشرح عن الفساد بهدف توعية المواطنين حول طريقة مواجهة الفساد والتبليغ عنهم، ولا يمكن الاستهانة بالانطباع الذي تتركه هذه «الدكّانة» على زوّارها، خصوصاً أنّها موجودة ضمن حيّ سكني- سياحي هو الجميزة، ويزوره الكثيرون من مختلف المناطق اللبنانية. فحين دخل الشاب سامر غصّوب ليكتشف معالم «الدكّانة»، وقف مندهشاً أمام كثرة الدلائل الموجودة عن الفساد، فهل يمكن مثلاً لتلميذ أن يرفّع مدرسياً وهو راسب في الشهادة المتوسطة؟ وهل سقطت كلّ أجهزة الرقابة الى حدّ أنّه يمكن تصفير عدّادات الكهرباء من دون أن يكون هناك من يطال المخالفين؟ لكن ما تعرضه «الدكّانة» صحيح، فكلّ المعاملات يمكن شراؤها في لبنان وحتّى الصوت الانتخابي يمكن أن يعرض في المزاد مع حرص المسؤولين على شرائه بأبخس الأثمان. وتحدث مواقف طريفة وساخرة على مدار الساعة في تلك «الدكانة» مثل بحث إحدى المتسوّقات عن جنسية أخرى غير اللبنانية لأنّها يئست من إيجاد حلّ لمشكلة الفساد المتغلغل في الإدارات العامة، أو طلب أحد الطلاّب الحصول على شهادة جامعية على رغم أنّه رسب ثلاث مرّات في الشهادة المتوسطة. ما يلفت في مبادرة «سكّر الدكّانة» حجم الجهد الذي بذل لتحقيقها منذ تأسيس الجمعية في كانون الأول (ديسمبر) 2013، وهذا ما يميّزها عن الكثير من المبادرات الأخرى التي تعالج الموضوع نفسه. فكما يشرح رئيس الجمعية عبدو مدلج أنّ طريقة محاربة الفساد هنا مختلفة، لأنّ المطلوب من النّاس أن تشارك في هذه المبادرة من خلال الوسائل التي تقدّمها الجمعية ومنها: الموقع الإلكتروني (sakkera.com)، وتطبيق إلكتروني يعمل على نظامَي أندرويد وآبل، بالإضافة الى مركز مخصّص لاستقبال الاتصالات من المواطنين. كما أن هناك سيارة تحمل شعار الحملة وتجول على الإدارات العامة لجمع التبليغات حول الفساد. ويرى مدلج أنّ ما يعتبره بعضهم مجرد دعم صغير لتسهيل إنجاز المعاملات هو في الواقع حقنة إضافية تغذّي منظومة متكاملة من الفساد الذي يقوّض التفكير النقدي السليم ويؤدي الى انعدام الكفاءة الاقتصادية والسياسية. وفي اتصال مع مركز الاتصالات الخاص بالجمعية، يتبيّن أنّ هناك تعاملاً جدّياً مع موضوع الفساد. فالاتصال مسجّل، والأشخاص المتطوّعون العاملون في المركز يأخذون كلّ المعلومات الخاصة بالموقف الذي تعرّضت له، مع إمكان عدم ذكر اسم الشخص المتّصل، ويمكن أن تطلب التواصل مع شخص خبير كمحامٍ في حال أردت الحصول على استشارة. وبعد الاتصال، يُنشر التبليغ على الموقع الإلكتروني وتتمّ متابعته من قبل ممثلّي الجمعية مع المرجعيات والإدارات التي يحصل فيها الفساد. وحتّى لو لم تتمّ معاقبة الموظّف المسؤول أو الجهة المعنية، فأقلّه يكون المواطن قد قام بدوره على صعيد التبليغ ورفض السكوت عن الفساد، ما يساهم في قياسه عبر القطاعات والإدارات العامة.   توعية الطلاّب الجامعيين لن تحدّ جمعية «سكّر الدكانة» نفسها في المحلّ الكائن في منطقة الجميزة كما يقول القائمون عليها بل ستوسّع نشاطاتها لتطاول مختلف المواطنين. وبعد أن جمعت أشخاصاً من مختلف المناطق في دكّانتها، كانت لها أيضاً مشاركة في معرض الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) المخصّص للجمعيات الأهلية والمنظّمات المدنية. ولم يخفِ بعض الطلاّب اندهاشهم من منصّة عرض «سكّر الدكّانة» لأنّها أتت مختلفة عن أي جمعية أخرى بسبب الأوراق المعلّقة واللافتات التي «تبشّر» بحسومات عالية على الشهادات، فكانوا يتساءلون إذا كانت هذه الشهادات للبيع حقيقة أو هي للعرض فقط بما أنّ الجمعية ما زالت جديدة. وحين شرح ناشطو الجمعية حول نشاطهم في كشف الفساد، كان التجاوب واضحاً من قبل الطلاب الذين بدأ كلّ واحد منهم يقصّ ما حدث معه أو مع أهله والرشاوى التي اضطروا لدفعها لإنجاز بعض المعاملات. كما كانت لافتة رغبة بعض الطلاب في التطوّع ضمن الجمعية، وهذا ما يُعتبر مؤشراً إيجابياً الى إمكان استمراريتها وقدرتها على مساعدة الجيل الجديد لرفض الفساد بكل أشكاله. لكن بعضهم الآخر مرّ مرور الكرام على منصّة عرض «سكّر الدكّانة»، والسبب أنّ الفساد برأيهم لا يمكن أن يُقتلع من جذوره إلا بإرادة من سائر المواطنين وقرار سياسي موحّد. غير أنّ الأمل يبقى في أن تستطيع جمعية مثل «سكّر الدكّانة» أن تتخطّى المشاكل التي سبق وواجهتها الجمعيات الأهلية في موضوع الفساد، وتحرز تقدّماً واضحاً في متابعة قضايا الفاسدين وملاحقتهم لا أن يكون الأمر مقتصراً على التبليغ. شباب