نحن فرحون ومندفعون جداً للسير في ركب وسائل التواصل الاجتماعي الجديد، ولا تثريب علينا في ذلك متى ما توفرت لدينا الضمانات الكافية بأن السلبيات لن تجد لنفسها طريقاً إلينا. نعلم جميعاً أن إغلاق الباب أمام هذا المد التواصلي الإعلامي الجديد سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلاً، ونعلم في الوقت نفسه أن هناك من يلِج إلينا عبر هذا الباب المُشرع كي يهدم ما بنيناه من كيانات وأخلاق وقيم. اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية أماط اللثام في تصريحه الأخير عن أن هناك أكثر من خمسمائة ألف موقع الكتروني تستهدف الإساءة إلى المملكة، وبعضها يعمل من داخل المملكة أيضا. والتحدي الذي نواجهه الآن هو كيف يمكن لنا أولاً أن نتعرف على أكبر عدد من هذه المواقع، ثم كيف نستطيع أن نتصدى لها، ونُفشل مخططاتها؟ إنهامسؤولية وطنية واجتماعية كبيرة، وبعض الذين يستهدفون هذه البلاد يريدون الإساءة لمعتقداتنا، والبعض يريد أن يدمر كياننا، وآخرون يسعون إلى محاولة تفكيك تلاحمنا وزرع القلاقل داخل مجتمعاتنا وأُسرنا. هناك أسماء رمزية، وهناك مواقع وهمية، ورسائل ومحتويات مشبوهة، وهنا يأتي دورنا الأول في بناء حائط الصد القوي الذي يقف في وجه التجاوزات ويحارب الحسابات المريبة، ولكن مع الأسف البعض يتجاوب معها، ولا يكتفي بذلك بل يؤيد ويساند. قولوا (لا) لكل من لا يُعرّف باسمه، وقولوا (لا) لكل مواقع نشم من وراء ما يُكتب فيها رائحة الخبث والهدم والعداء. كل من تعرّف على أي مستخدم خارج عن الصراط المستقيم عليه أن يشهّر به ويُبلغ الآخرين، من سلطات ومستخدمين لكي نضيق الخناق على أصحاب النوايا السيئة. على الجانب الآخر علينا أن نفرق بين الإشاعة والحقيقة، وبين المحتوى الصالح والفاسد. لا يجب أن تأخذنا الفرحة والعزة بأننا نتابع فلاناً أو فلانا فقط لأن لديه أعداداً كثيرة من المتابعين ونحن لا نعرف حقيقة توجهاته ومن يكون. صحيح أننا نفخر في بلادنا بأننا من أكبر دول العالم نموا وزيادة في معدلات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، بما في ذلك بعض الدول المتقدمة، ولكن ما فائدة كل ذلك إذا كان حجم الضرر أكبر من النفع، ونحن هنا يجب أن لا نبحث عن الكم على حساب الكيف. مما يؤسف له أن بعض المستخدمين، وحتى المعروفين منهم، ينظر إلى هذه الوسائل الحديثة على أنها منابر للحرية، ونراه يقذف هذا وينتقص ذاك لا لشيء إلا كي يوهم نفسه بأنه (عنتر ) زمانه. المطلوب اليوم هو حرية منضبطة واستخدام سليم هادئ يحقق الهدف ويُصلح الشأن ولا يثير الفرقة وينتقص من شأن الآخرين ويتدخل في خصوصيتهم بعيدا عن العمل الذي يقومون به، ودعونا جميعا نتفرغ بدلا من ذلك لحماية بلادنا وامتنا من كل ما يُحاك ضدها.