لو فكر الدعاة الذين تتصدر صورهم الإعلانات عن المناشط الدعوية في معنى أن تتصدر صورهم تلك الإعلانات، لما احتاجوا أن تصدر وزارة الشؤون الإسلامية قرارا بحظر تلك الصور، ذلك أن على الداعية أن يقدم الأنموذج الأمثل للعمل الذي يخلو تماما من أي مظهر للتباهي وحب الذات والمجد الشخصي، ولحرصوا ــ في الوقت نفسه ــ على أن يكون ما يجذب المستمعين إليهم هو الموضوعات التي يتطرقون إليها، والطريقة التي يعالجون بها القضايا التي تعزز السلوك الاجتماعي المكرس للقيم الأخلاقية التي تحفظ للمجتمع أمنه وتماسكه واستقامته وتشيع فيه روح الدالة والإخاء والمساواة. ولو فكر الدعاة في جوهر الدعوة، لما تصدرت صورة واحد يعد من أشهرهم وأكثرهم متابعين، أو أتباعا ــ كما يحلو له أن يسميهم ــ الإعلانات السياحية التي تروج لنفسها بصورته واسمه ومواعيد محاضراته التي سيحظى بها المشاركون في الرحلات السياحية التي تنوي إحدى الشركات تنظيمها إلى مصائف تركيا. إن مثل هذا الترويج للسياحة المعتمد على أسماء الدعاة وصورهم وعدد متابعيهم وأتباعهم يؤكد على أن هناك من يتخذ الدعوة سبيلا للمتاجرة، وطريقة لاجتذاب «الزبائن» تفتقت عنها عقليات مكاتب السياحة، ولقيت هوى لدى بعض الدعاة الذين لا يعلم إلا الله ما دفعته لهم تلك المكاتب من مال، كما لا يعلم إلا الله بنواياهم، خصوصا إذا ما علمنا أن بعضهم غير بوصلة سفره، فبعد أن كان ضيفا دائما على مصر خلال حكم جماعة الإخوان أصبح ضيفا على تركيا، مرافقا للوفود السياحية المتجهة إليها، مستثمرا الاتجاهات السياسية نفسها في تركيا. أحسنت وزارة الشؤون الإسلامية حين منعت وضع صور الدعاة على إعلانات المناشط الدعوية، فحفظت للدعوة قيمتها بعد أن أوشك بعض الدعاة أن يتحولوا إلى نجوم شباك، وكأنهم ممثلون يستدرجون الناس إلى قاعات عرض أفلامهم الجديدة.