أعلنت قيادة الانقلاب العسكري في تايلاند حل مجلس الشيوخ وتسلمها السلطة الاشتراعية، وأفادت في بيان تلي على التلفزيون: «مجلس الشيوخ المنتهية ولايته جرى حله. أي قانون يحتاج إلى مصادقة البرلمان أو مجلس الشيوخ سيُصادِق عليه منذ الآن زعيم المجلس العسكري». ترافق ذلك مع تسليم جنرالات رسالة إلى الملك بوميبول الذي يحظى باحترام كبير في النظام الملكي الدستوري، طالبته بالاعتراف بالنظام الجديد، وهم أكد أنهم لا يريدون إلا تسوية الأزمة السياسية المستمرة منذ سبعة أشهر من دون نهاية منظورة، لكنهم فرضوا حظراً للتجول ومنعوا التظاهرات. وتنفيذاً للأحكام العرفية أغلق جنود وشرطيون شوارع العاصمة بانكوك أمس، ومنعوا محتجين مناهضين للانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش الجنرال برايوت تشان أوتشا الخميس الماضي، من التوجه في مسيرة حاشدة إلى نصب النصر التذكاري وسط العاصمة، حيث أرادوا التجمع للتنديد باستيلاء الجيش على السلطة واعتقاله رئيسة الوزراء المعزولة ينغلوك شيناواترا ومساعديها، إضافة إلى سياسيين آخرين، والدعوة إلى إجراء انتخابات. واحتشد محتجون كثيرون في البداية أمام مركز للتسوق في جزء آخر من العاصمة، ثم توجهوا إلى نصب النصر التذكاري للانضمام إلى متظاهرين آخرين، فاعترضتهم قوات الأمن وأعادت من حاولوا سلوك طرق أخرى. وفيما أفاد الجيش بأنه سيعتقل الموقوفين السياسيين «حسب درجة مساهمتهم» لمدة أسبوع، أعلن الجنرال تيراشاي ناكوانيش أن رئيسة الوزراء المعزولة ينغلوك «في وضع جيد»، موضحاً أن «إطلاقها بسرعة يرتبط بتعاونها». وخلال انقلاب 2006، اعتقل عدد من مساعدي شقيق ينغلوك رئيس الوزراء السابق تاكسين شيناوترا، لكن الحملة لم تكن بحجم الإجراءات الحالية التي تشمل توقيف 155 سياسياً. ودعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان الجيش إلى «إطلاق جميع الذين اعتقلوا تعسفياً، وإرساء الديموقراطية مجدداً بسرعة». وقال المحلل السياسي الأميركي بول تشامبرز من جامعة شيانغ ماي شمال تايلاند: «إنها حملة تطهير لتهديدات محتملة قد تواجهها الحكومة المنبثقة عن الانقلاب». ويهدف ذلك إلى تجنب تكرار سيناريو 2005، حين طرد تاكسين شيناواترا من السلطة إثر انقلاب تزامن مع وجوده في الخارج، لكنه نجح في ترتيب عودة حزبه إلى السلطة في انتخابات نظمت نهاية 2007. ومنذ الفوز الأول لتاكسين عام 2001، انتصر حزبه في كل الانتخابات. ويشكل إنهاء هيمنة «عائلة شيناواترا» على الساحة السياسية، أساسَ مطالب المعارضة، التي تظاهرت سبعة اشهر لتحقيق هذا الهدف. لكن الانقلاب أثار انتقادات مجمل الأسرة الدولية، خصوصاً واشنطن، التي علقت جزءاً من مساعداتها العسكرية لحليفتها، وطالبت بـ «عودة الديموقراطية». وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف: «علقنا نحو 3.5 ملايين دولار من مساعدات الجيش التايلاندي، ونراجع كل برامجنا لنرى إذا كنا سنعلق شرائح مساعدات أخرى»، والتي بلغت قيمتها الإجمالية 10.5 ملايين دولار العام الماضي. ووصفت اليابان، أكبر مستثمر خارجي في تايلاند، الانقلاب بأنه «مؤسف»، ودعت بقوة إلى استعادة النظام السياسي الديموقراطي فوراً». واضطرت شركات السيارات اليابانية العملاقة إلى وقف عملياتها الليلية في مصانعها بسبب الحظر الذي فرضه المجلس العسكري الجديد. وتحدثت «تويوتا» التي تنتج 670 ألف سيارة سنوياً في تايلاند، عن أن الحظر اضطرها إلى وقف مصانعها الثلاثة المحلية لتجميع السيارات، كما جمدت شركة «هوندا» أعمال مصنعها قبل اربع ساعات من موعدها المحدد في منتصف الليل. ودعت الصين إلى ضبط النفس، لكنها امتنعت، على غرار ما فعلت في انقلاب 2006، عن انتقاد الجيش التايلاندي، فيما أبدت أستراليا قلقها الشديد من سيطرة الجيش على السلطة، وحذرت رعاياها من السفر إلى تايلاند، وهو ما فعلته هونغ كونغ وماليزيا وسنغافورة، علماً بأن السياحة يعد مصدر دخل رئيسي لتايلاند التي استقبلت حوالى 26.7 مليون زائر العام الماضي. وحذرت وزارة الخارجية السنغافورية من أن الوضع في تايلاند «لا يمكن التكهن به ومضطرب، وربما يتدهور في شكل سريع».