تفتقر الكثير من المنظمات في عالمنا العربي إلى ثقافة الاهتمام بالمواهب ، حيث تتركز ادوار الموارد البشرية علي قياس الفجوة في الأداء ، وتعمل علي معالجتها من خلال برامج التدريب والتطوير والتوجيه والتحفيز لأن استمرار هذه الفجوة يمثل تهديداً للأداء المستهدف . ويعني ذلك أننا نركز علي إدارة التهديدات في المنظمة ، ونتجاهل إدارة الفرص التي يمكن أن تحتاج إلى جهد وتكلفة أقل لتحقيق التميز والنجاح من إدارة التهديدات وهي إدارة المواهب ، ولا يعني ذلك أننا نتجاهل إدارة التهديدات ولكن لابد أن تكون هناك موائمة في جهود المنظمة التطويرية في إدارة الفرص والتهديدات . والفرق بين إدارة التهديدات والفرص في هذا الشأن في المنظمة هو الفرق بين من يبحث عن تحقيق المستوي المقبول من الأداء في حالة إدارة التهديدات حيث التركيز على العلاج ، وبين من يبحث على تحقيق التميز والإبداع في حالة إدارة الفرصة من خلال دعم وتطوير أداء الموهوبين . لقد أفرزت التجارب العالمية الكثير من الخبرات التي تؤكد أن المشكلة لا تكمن في مجرد الاهتمام بالموارد البشرية فقط ، ولكنها تعدتها إلى العمل علي زيادة عدد الموهوبين في المجتمع وفي منظمات الأعمال ، وليس لتحقيق النجاح فقط ولكن للوصول إلي قمة الأداء والإبداع والإنجاز المتميز . وفي الجانب الأخر أفرزت التجارب العالمية خبرات أخرى تؤكد أيضاً أن تلك الدول التي ركزت جهودها على إنشاء المشروعات الصناعية الضخمة واستيراد التكنولوجيا الحديثة ، وأهملت الاهتمام الحقيقي والجاد بالموارد البشرية وإدارة المواهب لم تفلح في تحقيق أي تقدم اقتصادي أو أن تتبوأ مكانة متميزة ومنافسة بين الدول ومنظمات الأعمال . وتأتي التجارب اليابانية والألمانية والصينية والكورية والماليزية والعديد من التجارب الأخرى ، لتؤكد أن تحقيق التميز في الإنتاج ليس فقط من خلال إنشاء وحدات للموارد البشرية في البناء أو الهيكل التنظيمي للمنظمة كالاهتمام الشكلي بالموارد البشرية ، أو حتى تفعيل دور الموارد البشرية بشكل تقليدي في إدارة منظمات الأعمال ، بل تعداه إلي العمل بشكل إستراتيجي الي زيادة أعداد الموهوبين من خلال برامج التربية والتعليم والتدريب والتطوير . وأكدت التجارب العالمية أن الاستثمار الفعال للموارد البشرية يجعل هذه المنظمات قادرة على التنافس ، ويتجسد هذا الاستثمار في أفضل صوره في إدارة المواهب ، ففي هذا العصر الذي نعيشه والذي يتسم بالسرعة والمنافسة، أصبحت الموهبة رأس مال بشري عالي القيمة ، الأمر الذى جعل من إدارة المواهب، وحسن اختيار الموظفين، واكتشاف مواهبهم وتنميتها يأتي في مقدمة الأولويات . ونتوقف قليلا حول أهداف إدارة الموارد البشرية قبل التحول لإدارة المواهب البشرية في جذب المرشحين والاحتفاظ بالجيدين منهم ودفعهم للعمل وهناك أهداف أشمل وأعم تتمثل في الإنتاجية ونوعية حياة العمل والإذعان القانوني وتحقيق الميزة التنافسية، وتكييف قوة العمل للمتغيرات البيئية، وهذه الأهداف تتفاعل فيما بينها لتحقيق غايات البقاء والنمو والتنافسية والربحية، والمرونة، ويمكن تفصيل ذلك في النقاط التالية: نشاطات إدارة الموارد البشرية في التالي : 1-الجذب.2-الاحتفاظ.3-الدافعية.4-التدريب. والأهداف المنظمية: 1-الإنتاجية.2- تحسين العمل.3-الإذعان القانوني.4-الميزة التنافسية.5-تكييف قوة العمل. الأهداف العامة: 1-البقاء.2-التنافسية.3-النمو.4-الربحية.5-المرونة. الوظائف الرئيسية التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية، هي: فهم البيئة والإيفاء بمتطلباتها وهذا يتطلب إنجاز مجموعة من الوظائف منها: التنبؤ وتخطيط الموارد البشرية على المدى القصير والطويل، واستحداث برامج إدارة المسار الوظيفي وتحليل وتصميم الوظائف في المنظمة. التوظيف: وتتضمن هذه الوظيفة استقطاب المرشحين لشغل الوظائف، واختيار الأفضل في ضوء خصائص الوظائف الشاغرة. تقييم أداء العاملين بالمؤسسة وسلوكهم: وتتضمن هذه الوظيفة القيام بجميع المعلومات الخاصة بالسلوك والأداء وتحديد مستويات الأداء الفعلية، وتقويم الأداء من خلال التركيز على نقاط القوة والضعف فيه وتحديد الفجوة. المكافآت: وتتضمن المكافأة المباشرة، وغير المباشرة، والمكافأة المعتمدة على الأداء. التدريب والتطوير: وتتضمن هذه الوظيفة، تحديد وتصميم وتنفيذ البرامج التدريبية والتطويرية لزيادة وتحسين قدرات وأداء العاملين، وتطوير وتنفيذ الإجراءات الإدارية ونشاطات الموارد البشرية لتحسين جهود إدارة الجودة الشاملة داخل المنظمة. ولأن إدارة الموارد البشرية أصبحت في العصر الحديث تلعب دورًا ومكانًا استراتيجيًا داخل الهياكل التنظيمية، ولاشك أن هذا المكان داخل الهيكل التنظيمي يختلف تحديده من منظمة لأخرى لعدة عوامل من أهمها: ـ نمط إدارة المنظمة ومدى فهم الدور الحيوي الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية. ـ عدد العاملين في المنظمة. ـ الهيكل التنظيمي العام للمنظمة الذي تعمل فيه إدارة الموارد البشرية. ويعتبر تخطيط الموارد البشرية من أكثر النشاطات أهمية في المنظمات الحديثة، وذلك لدورة الرئيس في الارتقاء بالمنظمة وتحسين فعاليتها. أما أهداف تخطيط الموارد البشرية، فيمكن إجمالها في التالي: يساعد تخطيط الموارد البشرية على تحديد وتخطيط احتياجات المنظمة المستقبلية من حيث الكم والنوع. كما يساهم في زيادة العائد على استثمارات المنظمة ويخفض التكلفة عن طريق الاستفادة المثلى من الموارد البشرية. ويساعد على تهيئة المنظمة لمواجهة التغيرات في البيئة الداخلية والخارجية. ويظهر نقاط القوة والضعف في نوعية وأداء العاملين مما يؤثر في النشاطات المتعلقة بالموارد البشرية كالتدريب والتطوير. وإشباع وتحقيق رغبات وأهداف كل من المنظمة والفرد. وهناك العديد من العوامل المؤثرة في تخطيط الموارد البشرية: فهناك مجموعة من العوامل التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في تخطيط الموارد البشرية وهي التغيرات الداخلية والتغيرات الخارجية والتغيرات في قوة العمل. وفي وسط عالم مليء بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، تحتاج الإدارات إلى ثوابت يُعتمد عليها لمواكبة كل التغيرات. فالأزمة العالمية التي حصلت وامتدت آثارها من نهاية 2008 وحتى يومنا هذا جعلت الشركات بأحجامها المختلفة، الصغيرة والكبيرة منها وحتى المؤسسات الحكومية تراجع ما تبقى من أصولها. ومع انخفاض الأسهم والقيمة السوقية للشركات، تحتاج الإدارات إلى مراجعة نفسها، وتقتضي هذه الوقفة تحليل أين تقف هذه الشركة وماذا تملك وماذا لا تملك وما هي استراتيجيتها وماذا تحتاج للخروج من هذه الأزمة لتحقيق أفضل عائد للمساهمين. الموارد البشرية هي الحل لقد خدمت الأزمة الحالية والتباطؤ الاقتصادي المفترض بعض الشركات بتعريفها ما هو المهم وما هو الأهم لها. ومع قلة الإعتماد على الثوابت السابقة التي لم يعد بالإمكان الاعتماد عليها، يأتي الحل أو الحلول من مصدر واحد رئيسي وهو العاملين في تلك المؤسسة الذين يعرفون حقاً ماذا ينبغي أن يُعمل للنهوض والتقدم. لقد أتى زمن هذا العامل أو الموظف الذي يعمل ويعرف ماذا يحتاج العمل فعلاً. لقد أتى زمانه ليُسمع من داخل المؤسسة لا وبل ويُدرس كلامه. لقد اعتدنا قديماً أن تستمع الإدارات إلى المستشارين القادمين من خارج المؤسسة كخبراء يعلمون بالضبط ماذا يجب أن يُعمل ولكن مع تقدم العلم ووجود المعرفة على أطراف الأصابع من خلال التكنولوجيا وازدياد مخزون الخبرات، أصبحت آراء الموظفين العاملين بشكل عام في مؤسسة ما ذات قيمة حقيقية. لا أعتقد أن عمل المستشارين سيصبح بلا أهمية، بل سيختلف الدور الذي يقومون به من تقديم الحلول الى المساعدة على إخراج الحلول من العاملين ومن فرض خطط انقاذ الى تدريب وتأهيل المواهب المتوفرة داخل المؤسسة للتفكير الخلاق وتشجيعهم على التفكير خارج إطار المألوف. وفي فترة ما بعد الركود الاقتصادي العالمي، تنظر الشركات في جميع أنحاء العالم الى تعديل استراتيجياتها وخططها في إدارة الموظفين عامة والمواهب خاصة. وفي هذا السياق، أعدت ديلويت تقريراً جديداً يسلّط الضوء على مجموعة مبتكرة ومتطورة من الاتجاهات، وعددها اثني عشر، ستحوّل وتسيطر على جدول أعمال المؤسسات والقياديين والمسؤولين في قطاع إدارة الموظفين والمواهب خلال الأعوام التالية. يرصد تقرير ديلويت اتجاهات أساسية في لعبة التغيير وتأتي إدارة الموارد البشرية والمواهب في الأسواق النامية على غرار الشرق الأوسط على رأس قائمة هذه الاتجاهات، تليها تحليلات القوى العاملة ، وتكنولوجيا الموارد البشرية السحابية ، والبرمجيّات الخدمة بشكل خاص ، ومما لا شكّ فيه أننا نتنبأ بسلسلة من الاتجاهات الآنية في مجال الموارد البشرية ستجتاح القطاع بسرعة هائلة. وتبرز هذه المسارات في ظل العولمة والتغيرات الديموغرافية العميقة. إن الاعتراف بهذه المسارات في الموارد البشرية وفهمها من ناحية، وتعديل أولويات إدارة الموارد البشرية والمواهب على أساسها من ناحية أخرى، تشكل جميعها الخطوات الأساسية الأولى في تحديد كيفية دفع نجاح المؤسسات قدماً. فعلى قادة قطاع الأعمال وإدارة المواهب السعي نحو تعزيز فهمهم للأسواق النامية التي يعتبر الشرق الأوسط جزءاً لا يتجزأ منها. ولأن هذه المنطقة تضم أسواق نمو المستقبل، سيكون لها تأثيرات عميقة على خدمات الموارد البشرية على كافة الأصعدة، بدءاً بالإستراتيجية الشاملة إلى التنفيذ في الواقع ، ويمكن لهذه الأسواق النامية أن توفر فرصاً ممتازة للتخطيط وتفعيل برامج الموارد البشرية في مرحلة مبكرة ً- وليس فقط كتلقي لما يصمم في بلدان أخرى كما سبق وكانت عليه الحال غالباً في الماضي. ويبحث تقرير ديلويت الذي يحمل عنوان اتجاهات رأس المال البشري: في الابتكار والتطوير تفاصيل مسارات إدارة الموارد البشرية والمواهب وتأثيرها المتوقع على المؤسسات والموظفين والمجتمعات: تحليلات القوى العاملة: بفضل تحليلات القوى العاملة، تتجه المؤسسات أكثر فأكثر نحو مقاربات الموارد البشرية والمواهب التي تعتمد على المزيد من البيانات والمعلومات والنماذج فتكون المحرّك في عملية اتخاذ القرارات الهامة في مجال إدارة الموارد البشرية. وينطوي هذا التغيير على تحوّل إلى عمليات وأدوات تحليلية جديدة، والتركيز على بناء القدرات في الموارد البشرية وكافة أقسام الشركة، بهدف العمل في بيئة تذخر بالبيانات والتحليلات. الموارد البشرية في التكنولوجيا السحابية: يمكن لبرمجيّات الخدمة أن تقدم نموذج عمل سريع وتحسّن من مستويات الخدمة وتوفر وسائل جديدة لضبط التكاليف- كلها عناصر حيوية للمؤسسات التي تشهد تأثيرات ما بعد الانكماش الاقتصادي ويتزايد فيها الطلب على الموارد البشرية. الأسواق الناشئة: تضع العديد من المؤسسات التي تعنى بشؤون الموارد البشرية الأسواق النامية على غرار الشرق الأوسط نصب أعينها وفي قمة أولوياتها- والتي قد اكتست المزيد من الأهمية سيما بعد الركود الاقتصادي. يمكن لنمو هذه الأسواق النامية أن يؤثر بامتياز على خدمات الموارد البشرية على مختلف الأصعدة، بدءاً بالاستراتيجية الشاملة إلى الممارسات، الأمر الذي يغّير الكثير في أولويات إدارة المواهب. من السلم المؤسساتي إلى الشبكة المؤسساتية: لم يعد مكان العمل في يومنا هذا ما كان عليه في السابق، إذ أن بيئة العمل أصبحت أكثر واقعية وتعتمد على التعاون وإدارة المشاريع. وبالتالي، لم تعد القوى العاملة الحالية ما كانت عليه سواء. فقد تبدّلت احتياجات العمّال وتطلعاتهم ومفهومهم للنجاح، الأمر الذي يجعل المقاربة الواحدة التي تطبق على جميع الموظفين مقاربة غير صالحة ومرّ عليها الزمن في مجال إدارة المواهب. نتيجةً لذلك، فإن مبدأ السلم المؤسساتي يضمحل شيئاً فشيئاً ليبرز مكانه مبدأ الشبكة المؤسساتية.المهارات القيادية في الجيل القادم: قد تتطلّب مواجهة التحديات في الشركات النامية مهارات جديدة وميزات مختلفة- بالإضافة إلى نماذج جديدة لاستكشاف وتطوير وإشراك قادة الجيل الجديد. ونظراً لتحديات العولمة والتكنولوجيا ووتيرة التغيير، تعيد المؤسسات النظر في مقارباتها في مجال تطوير مهارات الجيل القادم من القادة في المؤسسات. التنوّع والاحتواء : في بيئة العمل الحالية، تعتمد عملية الابتكار على توفير أفكار متنوعة تؤثر إيجابياً في اتخاذ القرارات. فالأدوار التي يضطلع بها الأفراد في المؤسسة بالإضافة إلى تطلعاتهم من حيث التأثير والتقدم لا تقلّ أهميةً عن إسهاماتهم المحتملة، فالتنوع هو في الوقت عينه أداة لاتخاذ القرارات وعاملٌ فاعل في لعبة التغيير. في التطوير المواهب في زمن الانتعاش: تسعى الشركات جاهدةً لتخطي النهج الذي اتبعته إدارة المواهب خلال فترة الركود وهي تعمل جاهدة نحو استبقاء المواهب وتطويرها. ومن المرجح أن تستمر معدلات البطالة العالية إلى جانب النقص الحاد في المواهب في مجالات معينة كالبحوث والتطوير والقيادة. ويصبح التحدي أكبر عندما تعود معدلات دوران العمالة الإختياري إلى مستويات أعلى. مدراء العمليات في أقسام الموارد البشرية: يشكل انشاء منصب مدير العمليات في إدارة الموارد البشرية مقاربة بارزة نظراً لحجم وتشعّب العمليات والبرامج في إدارة الموارد البشرية. فمدير إدارة الموارد البشرية هو القائد الذي يركز على كيفية توفير خدمات إدارة الموارد البشرية إلى جانب إعداد وتطوير وتطبيق هذه الخدمات على المستوى العالمي. القيادة في عالم منظّم: تتطلب إدارة المخاطر إلتزاماً أساسياً على صعيد المناصب التنفيذية كافةً- ويمكن لإدارة الموارد البشرية أن تلعب دوراً محورياً في تنظيم هذه الأنشطة. ففي العديد من القطاعات، تترأس المخاطر والمسائل التنظيمية جدول الأعمال، الأمر الذي يتطلب جمع كل من عمليات التدريب والمهارات والمعرفة والضوابط والقدرات والأدوات ذات الصلة بشكل منطقي ومجدٍ ليستفيد منها كافة الموظفين عبر المؤسسة. القيادة الجماعية: نظراً للتحديات القادمة، يعترف كبار المسؤولين التنفيذيين بالحاجة إلى اتباع مقاربات جديدة أوسع نطاقاً في مجال القيادة الجماعية، أي أن اجتماع مجموعة لافتة من الأشخاص والتزامهم بالمساعدة يمكن أن يحدث تغيرات هامة. كما يمكن للقادة في إدارة الموارد البشرية المبادرة بإدخال مناهج جديدة إلى القيادة والتغيير. القوى العاملة الاحتياطية: فيما تستمر أنواع القوى العاملة بالتوسع، يمكن للشركات النظر بفاعلية أكثر إلى قضايا المتعهدين لتستفيد من عملية تعزيز الأداء التشغيلي وانخفاض تكلفة اليد العاملة واتخاذ قرارات أذكى في عملية التوظيف وتوافق الموارد البشرية بشكل أكبر مع أهداف المؤسسة. إصلاح الرعاية الصحية من قبل رب العمل: نظراً لتأثيراتها الهامة على هذا القطاع، ما زالت عملية إصلاح الرعاية الصحية تلزم أرباب العمل بالتعامل معها على أنها مسألة استراتيجية وذات صلة بالتخطيط للقوى العاملة، علماً أن القرارات المتخذة قد تؤثر بشدة على أقسام المؤسسة الأخرى. لكن ترى ماذا عن إدارة المواهب؟ وما هي المبادئ التي تقوم عليها؟ يقصد بإدارة المواهب قيام المنظمة أو المؤسسة بجذب المواهب والاحتفاظ بها وتحفيزها وتنميتها، لتفعيل دور الموهبة، وتطوير جودة الموارد البشرية لتحقيق إنجازات عالية في الإدارة والأعمال، ويعتبر نظام إدارة المواهب من أحدث أساليب الإدارة فى عالم المال والأعمال، وهذا المفهوم برز لأول مرة في التسعينيات عندما شاع استخدام عبارة حرب المواهب، التي اشتعلت بين الشركات في الدول الكبرى، تعبيرا عن المنافسة الشديدة بين المنظمات، فشركات كانت تحاول اجتذاب الموظفين أصحاب الكفاءات العالية، وأخرى تسعى للحفاظ والإبقاء عليهم، وتطور هذا المفهوم وأصبح نظاماً يطبق في أغلب إدارات المؤسسات كأحد إستراتيجيات التطوير والتغيير. وتعتبر هذه الإدارة من أبرز الإستراتيجيات الفاعلة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من برامج التطوير القيادي، نظراً لكونها لا تتعلق بالتعلم الوظيفي فحسب وإنما ببناء العلاقات الإنسانية وإدارة العنصر البشري، مما ستسهم هذه المنظومة في ضمان تطوير وإعداد القادة وفق أسس ومبادئ ومعايير عالية المستوى، وتتأتي أهمية هذه الإدارة في كونها تهدف إلى تطوير مفهوم ثقافة التركيز على المواهب كمصدر للتنافس، وتزويد هذه الموارد بمساعدة الموظفين لإنجاز أفضل قدراتهم ومواهبهم، ومساعدة المؤسسات على مواجهة التحديات، والدخول إلى أسواق جديدة، والتحرك إلى الأمام في سبيل المنافسة والتنافس. وتقوم إدارة المواهب على عدد من المبادئ منها، الانجاز حيث يطلق خبراء الإدارة اصطلاح ذكاء الموهبة على عملية قياس مدى اقتران المواهب بالانجازات فلا نستطيع منح لقب موهوب لأي شخص إلا إذا أنجز عملا يتسم بالتفرد والتميز، والموهبة تنبع من حسن استخدام المهارات وحسن توظيف القدرات في ظل قيادة تتسم بالحكمة. الثقافة: فالموهبة ثقافة تقوم على تبني عدد من المبادئ والأساليب ، ويشترك قادة المواهب في تبني مبدأ واحد يقول بأن: الفارق بين النجاح والفشل يكمن في الأسلوب الذي تختاره للمضي في حياتك، كما يؤمنون بأن المعرفة والقدرات أهم من السلطة والنفوذ. الاختيار والتعيين: فالاختيار فن لا يجيده سوى القادة المحترفون الذين تمكنهم خبراتهم ومهاراتهم من الاختيار السليم للكوادر الفعالة القادرة على مواجهة التحديات وإنجاز المهمات، ويقوم هذا الاختيار على مبدأ التفاهم والتحاور بين القادة وأعضاء فريق العمل، حتى يؤمن كل منهم بقدراته، وأن المكان الذي يعمل به هو المكان المناسب ومن ثم يقوى لديهم دافع النجاح. التدريب : فالشخص الموهوب في حاجة دائمة لاستيراتيجية منظمة لقائمة المهام التي يتحتم عليه القيام بها، لكن الموهبة لا يمكن الاسترشاد بها وحدها للقيام بذلك، فهذه وظيفة القائد الذى يسارع في تدريب الموظفين الموهوبين للعمل على صقل الموهبة بالخبرة والممارسة في ضوء التخطيط والتقييم، ويحتاج القائد في ذلك لمعرفة جيدة بطبيعة عمل المؤسسة وتحديد ما يرغبه من الشخص المتدرب في ظل نظام من التقييم الموضوعي الدقيق. الاتصال: فإدارة الموهوبين تحتاج من القادة التمتع بخبرة الاتصال وتوصيل الرسائل بفعالية، كما تتطلب منهم الحكمة في التعامل مع ظروف المواقف الاتصالية بمزيد من المرونة والمنطقية حتى في حالات الفوضى. المسئولية : إدارة المواهب تحتم على المسئولين تولي مهام تقييم أداء الموظفين بنوع من المسؤولية استنادا على معايير موضوعية تمنح الموهوبين المزيد من الطاقة، وتمكنهم من استعادة نشاطهم، فالتقييم غير الموضوعي والتحيز في الحكم يقتلان الموهبة ويثيران جوا من الضغائن لا يساعد على الإنجاز والإبداع. الذكاء العاطفي: فالموهبة النابعة من الذكاء دائمة الحاجة إلى التنمية والتنشيط، وفي إدارة المواهب يجب أن يكون القائد متمتعا بالذكاء، ومن ثم لديه مرونة في التعامل مع الموهوبين في مختلف المواقف والظروف التي تتسم بسرعة التغيير. إدارة الصراع: لا تكاد تخلو المؤسسات من الصراع، والموهوبون هم الأكثر عرضة للوقوع في مثل هذه الصراعات، فموهبتهم تهدد الأشخاص المتقاعسين، والصراع يحتاج إلى الحكمة في الإدارة والاستماع المتكافئ لجميع الأطراف، وحسن إدارة الحوار في ضوء السعي الدائم للتوصل إلى اتفاق عادل يرضي جميع الأطراف ويفيد مصلحة العمل. التخطيط: فالإدارة علم يحتاج للمزيد من التنظيم والتخطيط من خلال عدد من السياسات والاستراتيجيات الواضحة المعالم سواء بالنسبة للقائد أو أعضاء فريق العمل، وخارطة المواهب هي أحد طرق حل المشكلات، وتتضمن هذه الخارطة التعريف برسالة المؤسسة في ضوء الإمكانيات الحالية والتوقعات المستقبلية. ورغم أن حسن استثمار الموارد البشرية والذي يتجسد في أعلى مراحله في إدارة المواهب هو السبيل الأمثل لبقاء المؤسسات والشركات وتميزها إلا أن العديد من الشركات والمؤسسات لا تهتم بأسلوب إدارة المواهب، لذا باتت الحاجة ملحة للاهتمام بإدارة المواهب، وتخصيص إدارة للمواهب الإدارية، وتفعيل دورها لتسهم في نجاح الشركات والمؤسسات، ولا يشترط أن تحمل الإدارة اسم إدارة المواهب فغالبا ما تحمل هذه الإدارة في الشركات مسمى إدارة الموارد البشرية ولكن الأهم هو تفعيل دور إدارة الموارد البشرية لاكتشاف المواهب وإدارتها. عليك أن تبحث عن هؤلاء الذين يمكن أن يلعبوا الدور الأكبر في نجاح الشركة أو المنظمة ، أنهم اصحاب المواهب الذين تتوفر لديهم القدرات والكفاءات والمعارف والمهارات التي تمكنهم من توليد القيم ولأفعال الإستثنائية لصالح شركتك . إن الابتكار الفريد الذي يقدمه لك أحدهم هو الذي يجعلك تتميز وتجني الأرباح لفترات زمنية طويلة -بعد الله- . وحتي نضمن الأداء الأمثل للموهوبين علينا أن نعمل من أجل اكتشاف واستقطاب ورعاية المواهب وهو ليس بالأمر السهل ، حيث عليك أن تدرك أنهم ينفرون من أن يقودهم أحد ، ولاتصلح معهم أساليب القيادة التقليدية التي تصلح مع الآخرين لأنهم يفكرون بشكل مختلف ، وعليك أن تكون معهم راعيًاً ذكياَ وسخياَ ، وليس مجرد رئيساً تقليدياً ، عليك أن تحميهم من الروتين والتعقيدات فهي كالفيروس الذي يستهدف أدائهم فلا تجعله ينتصر عليهم ، عليك أن توفر لهم بيئة العمل المشجعة حتى يستطيعوا أن يخرجوا من عقولهم أفضل مابها، عليك أن تحررهم من الخوف وتحترم قدراتهم حتى يستطيعوا أن يجربوا ويستخرجوا من أخطائهم ابتكاراتهم . عليك أن تدرك أن ابتكاراتهم ومبادراتهم غالباً ما تأتي خارج توقعات وتوجهات الإدارة الرسمية للمنظمة ، عليك أن تتلقاها في حاضنات فكرية لحمايته وتقويتها. عليك أن تحميهم من الآخرين الذين لايملكون القدرة علي مواجهة الجديد ويقاومون التغيير ، ويخشون من تفوق الآخرين الذين الذي يهدد عروشهم . عليك أن تحميهم من ذلك الصراع المرير الذي سوف يقوده ضدهم الفاسدون والمستفيدون من الشكل التقليدي في العمل والأداء والذي أرتبط بمصالحهم الذاتية ودخولهم ، والذي سوف يستخدمون فيه كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة من أجل التخلص من المواهب بمجرد ظهورها ويقتلوا الأمل في نموها . إن أعداء التغيير دائماً جاهزون في كل منظمة لافتراس الموهبة في مراحلها الأولى ، ولديهم من الأساليب والأسلحة التي برعوا فيها كثيراً ، فهم يعلمون جيداً مصادر القوة والضعف في المنظمة ، ويستخدمونها جيداً لتحقيق مأربهم ، ولاتستهين بقدراتهم وبصفة خاصة تلك الفئة اللاأخلاقية منهم ، عليك أن تكون أنت أيضاً حريصاً ومتيقظاً ، فبكل أسف أن هناك الكثير من التناقضات في المجتمع التي يجيدون استخدامها لصالحهم ، ويستثمرون صمت وخوف المحايدين عن القول الحق . والخطأ الكبير الذي يرتكبة أصحاب وقيادات منظمالت الأعمال هو أنهم يعتقدون أن الجهد الأكبر في ادارة المواهب يتركز في اكتشافهم واستقطابهم وتعيينهم بمرتبات مغرية ، ولا يدركون أن الجهد الأكبر المطلوب هو العمل على حمايتهم من مؤمرات الأخرين وتهيئة الحماية اللازمة لاستثمار الموهبة . فعندما تكتشف منجم الذهب ( الموهبة) عليك أن تصونه وتحميه .