×
محافظة المنطقة الشرقية

وفاة عامل وإصابة اثنين آخرين في انهيار جدار بالطائف

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي إن قيام مجلس التعاون في 25 أيار (مايو) 1981 جاء تجسيداً للإرث التاريخي ووشائج القربى والنسب التي تربط بين شعوب منطقة الخليج العربي، الذي أساسه وحدة الدين واللغة والمصير المشترك، واستجابة طبيعية لتوق هذه الدول وشعوبها للاندماج في إطار ينظم التنسيق والتعاون القائم بينها كبداية لتحقيق الهدف المنشود نحو التكامل والوحدة، ولاسيما أن قيام هذا الكيان قد تزامن مع متغيرات عدة إقليمية ودولية تمثلت في الثورة الإيرانية، والحرب العراقية - الإيرانية والغزو السوفياتي لأفغانستان، وكذلك الانقسام العربي حول توقيع اتفاق كامب ديفيد والحرب الأهلية اللبنانية. ولا شك أن مجلس التعاون الذي نحتفل هذا العام بالذكرى الـ33 لتأسيسه حقق عبر هذه المسيرة المباركة إنجازات وعلى جميع المستويات، فعلى الصعيد السياسي والديبلوماسي سعت دوله دائماً إلى الحفاظ على أمن هذه المنطقة الاستراتيجية واستقرارها من العالم، وقد استطاعت عبر التنسيق والتشاور المستمرين بينها وبين الأطراف الإقليمية والدولية الحد من انعكاسات وتداعيات الظروف الأمنية التي تزامنت مع قيام المجلس، ولاسيما تداعيات الحرب العراقية - الإيرانية، وهو ما ضمن استقرار دول المجلس ورخاء شعوبها، ثم جاء التعامل مع غزو العراق لدولة الكويت ووقوف دول مجلس التعاون وقفة واحدة وتحرك ديبلوماسي منسق في مواجهة هذا الغزو وتحرير الكويت وعودة الشرعية فيها. وعلى رغم أن الديبلوماسية الخليجية لم تستطع الحيلولة دون حدوث الحرب في العراق، إلا أنها حاولت بعد سقوط النظام العراقي وبكل فعالية للحفاظ على سيادة العراق ووحدته وسلامة شعبه وتحقيق الاستقرار فيه، عبر العمل العربي المشترك وفي إطار جهود دول جوار العراق وكذلك عبر دعم الجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن، كما أن دول مجلس التعاون عملت - ولا تزال - جاهدة؛ لإعادة الأمن والاستقرار في الدول العربية التي شهدت منذ عام 2011 تحولات سياسية واجتماعية، ومن هذا المنطلق جاءت المبادرة الخليجية في اليمن ودعمه في كل مراحله والدفع نحو نجاحه في إخراجه من أزمته السياسية والاقتصادية. إلى ذلك فإن دول مجلس التعاون وانطلاقاً من النظام الأساسي للمجلس الذي أكد أهمية الانتماء العربي والإسلامي والالتزام بدعم قضاياه ظلت حاضرة دائماً في القضايا العربية كافة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما أن دول مجلس التعاون أكدت حضورها كمنظومة واحدة تسعى التكتلات والدول إلى التعامل معها في شكل جماعي، وهذا ما يعكسه تعدد الحوارات السياسية والاستراتيجية بين مجلس التعاون والدول والتكتلات الإقليمية كالاتحاد الأوروبي والعديد من الدول مثل روسيا الاتحادية والصين وتركيا ورابطة أمم جنوب شرق آسيا (الآسيان) وغيرها. كما أن دول مجلس التعاون - وإدراكاً منها بأهمية التنسيق والتعاون في المجالات الأمنية والعسكرية في ما بينها في تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء وإدامة عمليات التنمية فيها - شرعت منذ البداية في تحقيق أعلى مستويات التعاون وعقدت اتفاقات عدة، لعل من أهمها اتفاق الدفاع المشترك والاتفاق الأمني واتفاق مكافحة الإرهاب، وإنشاء قوة درع الجزيرة والتمارين العسكرية المشتركة وغيرها من المشاريع العسكرية، والتعاون مع كل جهد دولي؛ لموجهة الإرهاب وتمويله والقرصنة غيرها من الظواهر التي تهدد الأمن والسلم الدوليين. أما على الصعيد الاقتصادي فإن دول المجلس - على رغم الظروف السياسية والأمنية التي واكبت نشأته - أدركت أهمية الجانب الاقتصادي في تحقيق ما يلبي تطلعات قادة وشعوب هذه الدول، وعملت على تحقيق مستويات عالية من التعاون والتكامل، وجعل دول مجلس منطقة تجارية حرة، إذ وقعت على الاتفاق الاقتصادي الموحد ومن ثم «الاتحاد الجمركي» عام 2003 و«السوق الخليجية المشتركة» عام 2007، وهو ما عزز العمل الاقتصادي المشترك من حيث حرية التنقل وتملك العقارات والتعامل في الأسواق المالية ومزاولة المهن والأنشطة التجارية. كما شملت إنجازات مجلس التعاون مجالات عدة تعنى بالمواطن الخليجي وبيئته مثل التعليم والصحة والخدمة المدنية والعدل والقضاء ومجالات حقوق الإنسان وغيرها من المجالات، فها هي دول المجلس تعمل على توحيد تشريعاتها وأنظمتها؛ لتسهيل تعامل المواطن الخليجي معها في الدول الأعضاء كافة ويحقق المواطنة الخليجية، ولعل من القرارات المهمة التي اتخذها مجلس التعاون في هذا المجال تشجيع انتقال القوى العاملة المواطنة بين الدول الأعضاء، بمد المظلة التأمينية للمواطن الذي يعمل خارج وطنه. وإدراكاً من دول مجلس التعاون بأن هذه المنظومة خيار استراتيجي فإنها لا تزال تتلمس السبل الكفيلة بتعزيز هذه المسيرة والمضي بها قدماً نحو الأهداف السامية التي تضمنها النظام الأساسي للمجلس، عبر التعامل الواقعي المرن القائم على التدرج، والتحرك المدروس، وهو النهج الذي انتهجته دول مجلس التعاون منذ البداية، وهو ما شكّل ضمانة لاستمرار هذه المسيرة.     alfadala@gccsg.org