السياسة والحديث عنها وتحليل أوضاع الدول أمر يتناوله الناس هذه الأيام بالنقاش ، ولم يعد أحد يهاب الحديث في السياسة كما كان في الماضي وأتذكر قبل سنوات كنت في زيارة لإحدى الدول العربية وكانت الناس يومها تخاف أن تتحدث في السياسة خاصة عن رئيس الجمهورية أوحكومته المبجلة، وحذرني صديقي العربي»الأبي» من أن أجيب سيرة أحد بخير أو شر فيما يخص الحكومة لان الجدران لها آذان . بدأت اقرأ في السياسة بتحريض شخصي من فقيه السياسة زميلي الاستاذ الدكتور صدقة فاضل عضو مجلس الشورى عندما أهدى لي كتابه المقرر الجامعي عن مبادىء السياسة فوجدت انه علم يستحق الانسان أن يتعلمه ، والدكتور صدقة سياسي مخضرم صاحب رؤية سياسية «علمية» وهو من القلة الذين لايجاملون في المشورة السياسية وكنت كلما ألقاه لنقاش أي موضوع يقول لي : « فتش عن السياسة» فهو مُصرٌ على أن خلف مصائب العرب ومشاكل الشعوب والحروب « السياسة» وما من زوبعة في اي وطن الا وخلفها السياسة وذات يوم أراد أن يكون أكثر وضوحا معي فقال الانسان أي انسان له ركنان تقوم عليهما حياته هما : الحرية والعدالة ، وأكد لي أن الذي فجر الوضع العربي في بعض دوله هو أنيميا» الحرية «الحادة التي أصابت خلايا نفسه وحسب مايقوله أستاذ السياسة أن الرجل الأفريقي اليوم تهمه حريته أكثر من أي شيء آخر وأنه لم يعد يقبل أن يستعبده أحد وأنه يريد ان يكون صاحب حرية وصاحب كلمة وأنه انسان «آدمي» منحه الله الكرامة في قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) ويذكرني دائماً بمقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً « ، يجب أن يتمتع الانسان بسيادة نفسه على نفسه حتى لايكون من «منزوعي « الحرية أو «قليلي « الدسم الإنساني. إن حرية الانسان هي عافية الأوطان ، ومظهر من مظاهر صحته وعامل من عوامل بقائه ، والأوطان التي يكون أهلها فيها أحرارا تكون خالية من الأمراض السياسية ، خاصة في زمن التواصل الاجتماعي والانفتاح على العالم عبر الابتعاث والسفر والتلفزيون كل ذلك ساعد كثيراً في النضج السياسي وحرك هرموناته. ومواكبة لهذا التسابق مع الوضع الجديد كانت التوجيهات بضرورة مشاركة الأبناء والبنات في المجالس الاستشارية في المدارس والجامعات كخطوة اولى لنشر ثقافة المشاركة ، وكذلك الحوار الوطني الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بين شرائح المجتمع وقراره الحكيم بمشاركة المرأة في مجلس الشورى ، وانتخابات المجلس البلدي وغيره مما كان له طيب الأثر ولعل ما ستتحدث عنه الأيام المقبلة من تطوير مرتقب في وضع مجلس الشورى وتفعيل آلياته وصلاحياته سيقوي بنية الوطن ويعزز عافيته في ظل توجيهات سديدة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي شهد الوطن في عهده نقلات نوعية كبيرة حفظ الله بلادنا وقيادتنا من كل سوء .