واشنطن: محمد علي صالح نزل في الأسواق الأميركية كتاب رسوم كرتونية عن إدوارد سنودن، خبير الكومبيوتر الذي كان يعمل في وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه)، وجمع أسرارا خطيرة عن تجسس الوكالة على كل اتصالات الإنترنت والتليفونات، ربما في كل العالم، ثم نشرها، وهو الآن في روسيا، هارب من الشرطة الأميركية. وليست هذه أول مرة تتحول فيها شخصية أميركية مشهورة إلى شخصية كرتونية. فالمسلسل الكرتوني «دونزبيري» دأب خلال الـ30 عاما الماضية على تقديم شخصيات سياسية ومشاهير، خاصة رؤساء أميركيين، مثل: هنري كيسنجر وزير الخارجية الأسبق. وتقمص البطل «هيدروم» شخصية الرئيس رونالد ريغان، وهو يتلعثم عندما يُسأل سؤالا ليس متأكدا من إجابته. كما تقمص البطل «ماريس» شخصية الرئيس بوش الابن، وعلى رأسه قبعة تكساسية عملاقة. وتقمصت فطيرة الرئيس كلينتون لما لها من صلة بشخصيته المتأرجحة. حتى الآن، لم تتقمص شخصية الرئيس باراك أوباما. لكن توجد شخصية كرتونية تسأل عن سبب الغياب (في غمزة واضحة). وتوجد أسماء شخصيات أميركية مشهورة في كثير من المسلسلات الكرتونية المشهورة؛ الممثل كلينت إيستوود بطل في مسلسل «بلاك بيلت». حاكم نيويورك السابق جورج باتاكي بطل في مسلسل «هاي أرنولد». كذلك كان السيناتور السابق جون روكفلر بطلا في مسلسل «روكداك». وجاكلين كيندي، أرملة الرئيس كنيدي، بطلة في مسلسل «سمبسون». لهذا، لا يعدّ سنودن جديدا على الشخصيات الكرتونية الأميركية، لكن ظهور شخصيته في مجال الكرتون أثار نقاشا وسط الأميركيين، لأنه مطلوب أمام العدالة الأميركية، ولأن كثيرا من الأميركيين يعدّونه «خائنا». لكن، في الوقت نفسه، هناك من يعده «بطلا»، مثل فاليري أوريزيو، كاتبة المسلسل الكرتوني، التي كتبت لشركة «مارفيل» للفنون الكرتونية مسلسل «بنيشاد» (المعاقب). وهو عن شخص يسرِّب أسرار الحكومة الأميركية. لهذا، جاء مسلسل «بيوند (ما بعد): إدوارد سنودن»، امتدادا للذي قبله. وعن هذا قالت: «الشيء المضحك هو أن كثيرا من شخصياتي عن أناس يسربون معلومات سرية». وقال دارين ديفز، الناشر الذي ينشر المسلسل: «ربما ستجد سنودن مثل روبن هود (شخصية أخلاقية)، أو مثل ديلينجر (مجرم). لكن أهم من ذلك هو أنه يعبر عن حضارتنا الإلكترونية الحالية، حضارة المعلومات غير الآمنة (لا نقدر على أن نسيطر عليها في بعض الأحيان)». وأضاف: «يوجد دائما نوع من الناس يسلك طريقا استثنائيا. وتوجد دائما شخصية مثيرة للجدل. لهذا، واجبنا هو أن لا نميل نحو هؤلاء، أو نميل ضدهم. لكن نسمح للقراء باتخاذ قرارات واعية خاصة بهم». وأشار إلى شخصيات مشهورة صارت كرتونية، مثل التي أشرنا إليها أعلاه، وقال إنها ربما مضحكة، أو مؤسفة، أو تشهر، أو تسيء، لكنها تساهم في نشر الوعي. وقال: «إن تحكِ قصة في شكل فكاهي موضوع كتاب جاد، فإن ذلك يُعد وسيلة لطيفة وفريدة من نوعها لسرد القصة. ويعود ذلك إلى أنك يمكنك رؤية جوانب عادة قد لا تراها وأنت تتابع الأحداث اليومية». تتكون أولى حلقات المسلسل التي ظهرت، أول من أمس، وكتبتها فاليري أوريزيو، ورسمها دان لويار، من 22 صفحة. وتبدأ بتصوير سنودن وكأنه ينتمي إلى ثقافة «غيك» (المهووسين)، ثم تتابع عمله في وكالة «إن إس إيه»، ثم كشفه الأسرار عن طريق صحيفتي «واشنطن بوست» و«غارديان» البريطانية. وتوجد شخصية كرتونية تمثل الصحافي الأميركي غلين غرينوولد، صديق سنودن، وأكثر من ساهم في نشر الأسرار. ومن المفارقات أن غرينوولد أصدر، مع صدور المسلسل الكرتوني، كتابا «جادا» عن سنودن. وفي إجابة عن سؤال من مايكل كافنا، صحافي في صحيفة «واشنطن بوست»، عن الكتابة عن طريقة تفكير سنودن، وطريقة «الدخول إلى مخه»، قالت المؤلفة إنها قضت ساعات تقرأ عنه، وتشاهد فيديوهات يتكلم فيها، وإنها ركزت على نظرية «ساتيليتي» (التفكير الخفي)، وذلك لتقدر على أن تفرق بين ما يقول وما يفكر فيه.