عاد للواجهة الحديث عن تعديل كادر المهندسين العاملين بالقطاع الحكومي، حيث جدد مهندسون سعوديون مطالباتهم تلك خلال لقاء جمعهم بالمنطقة الشرقية مع رئيس هيئة المهندسين الذي بدوره أوضح أن نسبة المهندسين السعوديين بالقطاع العام 4% فقط، وهي نسبة متدنية جداً بالرغم من حجم المشاريع الضخم الذي يعتمد سنوياً بالميزانية العامة الأمر الذي يُعد خطيراً جداً، حيث إن عزوف المهندسين السعوديين عن البقاء بالقطاع العام يفقد الأجهزة الحكومية خبرات وكوادر مهمة جداً خلال الفترة الذهبية الحالية لنشاط بناء وتجديد مرافقها. وسبق التطرق لكادر المهندسين بالقطاع العام كثيراً بوسائل الإعلام، بل إننا نسمع عن تعديله منذ سنوات طويلة تتعدى الخمس سنوات مما يثير الاستغراب لِمَ كل هذه المماطلة والتأخير بالتوصل لصيغة مناسبة تعطي هذه المهنة حقها بالدخل المجزي والمزايا الجيدة، فهم يديرون ويشرفون على مشاريع الدولة التي تبلغ أحجامها سنوياً ما يفوق 150 ملياراً على الأقل منذ عدة سنوات مما يتطلب وجود كفاءات عالية التأهيل ولا يمكن أن تبقي عليها أو تستقطبها إلا بدخل مناسب، فالانعكاسات السلبية لعدم استقرارهم الوظيفي كبيرة وتفوق تكاليفها أي قفزات بالدخل حتى لو كانت بأضعاف الكادر الحالي من حيث الرواتب والمزايا، ولنا بتعثُّر المشاريع وفشل بعضها عند أول اختبار عملي بعد تشغيلها خير مثال للمقارنة بين تحسين دخل المهندسين لتحفيزهم على البقاء بوظائفهم الحكومية وبين حجم المشاريع المتعثر الذي يبلغ وفق عدة تقديرات حاجز 500 مليار ريال، فالخسارة ليست بتأخير تنفيذ هذه المشاريع بل حتى بجودة إنشائها في حال كانت الخبرات الموجودة محدودة نظراً لتسرب أصحاب الخبرات الجيدة من القطاع العام للخاص لفوارق الدخل والمزايا الكبيرة بينها لصالح الخاص وكذلك تأثير تأخر المشاريع على خطط التنمية وتحسين الخدمات بالمجتمع. كما يُضاف لما نفقده من ضعف كادر المهندسين هو فقدان الخبرة لدى من يعملون بالقطاع الحكومي بسبب عدم استقرار المهندسين فيها ومع كادر ضعيف، فإنها لن تتمكن من تغطية احتياجها من الخارج بالكفاءات الجيدة، أي أن انعكاس ضعف الكادر للمهندسين يؤثر على بقاء المهندسين السعوديين بوظائفهم أو استقطابهم، وكذلك عدم استقطاب خبرات مميزة من الخارج لأن ما يُدفع لهم بالقطاع الخاص يفوق بأضعاف مزاياهم بالقطاع العام. تعديل كادر المهندسين لمزايا جاذبة سيكون له آثار إيجابية على التنمية والاقتصاد المحلي لا يمكن حصرها والضرورة تتطلب الإسراع باعتماد كادر جاذب يلبي طموحاتهم ومتطلباتهم ويغري بجذب الكفاءات الوطنية بالمقام الأول للقطاع العام وكذلك خبرات من الخارج تمثّل إضافة مهمة للعمل الهندسي فما ينفق على المشاريع الحكومية من مئات المليارات يفترض أن تكون فوائده متعددة ومن بينها توطين الخبرات وتعزيز مهاراتها وإمكانياتها لتكون مبدعة وقادرة على الابتكار بالاقتصاد المحلي وتخرج من تحت أيديها مشاريع بجودة عالية تعطي مردوداً تشغيلياً عالياً وتقلل من الهدر والتكاليف المستقبلية على أعمال صيانتها وترتقي بالخدمات العامة كما هو مستهدف عند اعتمادها بخطط التنمية.