آخر ما يمكن أن تتوقعه أن يخرج شخص ليعلن على الملأ أنه سيفضح الليبراليين ويتوعدهم بالويل والثبور والصور الفاضحة و(اليوتيوبات) المحرجة. والسبب هو أنه يدافع عن موقف أحدهم الذي تعرض لحالة يرفضها ويستنكرها كل عاقل، مهما كان ما ظهر من هذا الشخص أو سجل عليه. الإنسان لا يعيش بمفرده بل هو محسوب على عائلة وأولاد وبنات ومن تعرض له بسوء فقد تعرض لكل هؤلاء بنفس السوء. ولذلك فإن هذا هو الأمر الوحيد الذي لا يمكن أن يكون فيه الجزاء من نفس العمل، وإلا دخلنا إلى غابة بشعة من التقول والافتراء والسب والشتم والفضح المجاني. من حقك أن تدافع عمن تحب أو من وكلك للدفاع عنه في مجالس القضاء لكن من الحماقة البالغة أن تستجمع قواك لتقول إنك بصدد فضح هؤلاء وهؤلاء وأولئك لأنك لا تحبهم أو لا تلتقي معهم على نفس الرؤى والأفكار. ثم إن المفلس هو من يهدد ويرعد ويزبد لأنه خالي الوفاض مما يهدد ويخوف به، إذ ما دام أن هذا سلوكك فلا أظن أن في جعبتك شيئا مما هددت به وإلا لما توانيت لحظة عن إطلاق عقال الفضائح التي تقول إن ملفاتها مكومة عندك. والأمر إذن محض انفعال وتسرع لا داعي ولا مبرر له وقد يكون ضارا بمن تحزم بك أكثر من نفعه لأنك تضعف موقفه مما تعرض له وتحرمه من إحقاق حقه إن كان له حق. هذا شيء. والشيء الآخر أن كل إنسان معلق من (عرقوبه)، بمعنى أن الخطأ الذي قد يرتكبه شخص لا يصح أن يعمم على جماعة أو فئة أو تيار من التيارات الفكرية التي من حقها جميعا أن تناقش وتدافع عن وجهات نظرها في الشأن الوطني والاجتماعي العام. وبالتالي علينا أن نتعقل ونزن الأمور بموازينها الصحيحة، وعلينا أن نفتش عن مواطن الخير عند الجميع بدلا من (تنبيشنا) عن مواطن السوءات والمزالق. كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فتدبروا يرحمكم الله.