نقلت نشرة «تراك بروجيكتس» أخيرا أن حجم المشاريع التنموية التي يجري تنفيذها حاليا أو تعتزم الحكومة السعودية تنفيذها بلغ 784 مليار دولار، وأن الإنفاق الحكومي الضخم في السعودية على مشاريع البنية التحتية وضعها على رأس قائمة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث الإنفاق على هذه المشاريع. لكن بغض النظر عن مدى دقة هذا الرقم، فإنه لا يبدو غريبا، ومن السهل تصديقه في ظل تنامي الإنفاق الحكومي خلال السنوات السبع الماضية، مدعوما بارتفاع أسعار البترول، حيث وصل في ميزانية 2014 وحدها إلى 211 مليار دولار. هذا الكم من الأموال التي يجري إنفاقها، والحراك على الأرض لمشاريع يجري تنفيذها، يطرح تساؤلات عن أثره في معالجة مشكلات يواجهها الاقتصاد الأكبر عربيا! هذه المشاريع لم تسهم بشكل ملحوظ في خفض نسب البطالة، التي وصلت إلى 12% بحسب آخر إحصائية لمصلحة الإحصاءات العامة، بل إنها من جهة أخرى رفعت عدد الوافدين للعمل إلى السعودية من مختلف جهات العالم. كما أن النمو الاقتصادي المرافق للإنفاق الحكومي خلال السنوات الماضية لم يرتفع بعد بحظوظ السعوديين بكل طبقاتهم في امتلاك المساكن، ونسبة تملك السعوديين للمساكن ما زالت هي الأدنى مقارنة مع مواطني بقية دول مجلس التعاون. وفي مقابل هذه التساؤلات تبرز حقيقة مهمة. هذا الإنفاق مهما ارتفع، ومهما زاد عدد المشاريع، لن يكون عصا سحرية لحلحلة المشكلات التي يواجهها الاقتصاد، ولا يتوقع منها أن تكون كذلك منفردة. إذ إن هذا الإنفاق لا بد أن يترافق مع تشريعات وأنظمة تضمن علاقة أفضل ما بين الفرد ومدخلات الاقتصاد، مما يفرز خطوة مهمة تؤسس لخارطة طريق تكفل الإنجاز للمشاريع على الأرض، وتحقق استفادة الفرد منها على كل الصعد. كما أنه حتى عندما تسن هذه التشريعات، فلن تظهر نتائجها بين يوم وليلة، إذ يترافق تطبيقها في البداية مع نوع من الاضطراب أو الفوضى في السوق، يتحول مع الوقت إلى استقرار تظهر نتائجه الإيجابية، تدريجيا وتصاعديا. ويبدي صناع القرار في السعودية تفهما وإدراكا لهذه الحقيقة، والأنظمة التي تستحدث في سوق العمل دليل واضح على ذلك، لا يختلف أحد على نتائجها الإيجابية في المدى البعيد. هنا يجب التنويه أيضا بالمسؤولية المشتركة ما بين الحكومة والفرد، فضمان حل مشكلات الاقتصاد ينتج عن قانون تفرضه الحكومة، ويلتزم به الفرد.