×
محافظة المنطقة الشرقية

بمناسبة اعتماد مشروع النقل العام بحاضرة الدمام ومحافظة القطيف أمير الشرقية يرفع الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي إذا دخلت البحبوحة على الإنسان من باب خرج التقدم والتحسن من باب، وقيل: «المال يمنحنا مظاهر الأشياء من دون جواهرها»، إنه يمنحنا الطعام لا الشهية، والدواء لا الصحة، والمعارف لا الأصدقاء، والخدم لا المخلصين، والمرح لا السعادة. القلق يصيب الفقراء والأغنياء، على حد سواء، والخطورة تكمن في عجز الغني والفقير في مجتمعٍ ما عن قراءة المستقبل والاطمئنان إليه، وفي هذه الحال تتحول هواجس الأغنياء والفقراء من قلق إلى مخاوفَ من ضياع يلتهم الأخضر واليابس. يخاطب الخبراء وأصحاب الرأي بين الحين والآخر المسؤولين عن صناعة القرار الاقتصادي والمالي في السعودية، وتذهب أدراج الرياح، وكأنّ هؤلاء من كوكب والمسؤولين عن صناعة القرار من كوكب آخر، أو كأني بهم يقولون لمن يكتب ومن يصدح: «ما أوتيتم من علم الاقتصاد والمال إلا قليلاً». لغة الحوار مقطعة الأوصال، لا تنفع معها تجارب ولا شواهد على أرض الواقع، حتى وصلت الحال إلى وهم التفسير لدى بعضهم، بأن صمت هؤلاء المسؤولين أو تطنيشهم وراءه كنوز لم تُعلَن، خوفاً من أطماع الأعداء. أجيبونا، يا صناع قرار الطاقة والاقتصاد والمال عن دوائر سيئة وخطرة تحيط بمستقبل اقتصاد الوطن. الدائرة الأولى: الحرق الهائل للطاقة الهيدروكربونية من نفط وغاز وديزل لإنتاج الطاقة الكهربائية، موجهةً لزراعة زائفة وموقتة وغير مستدامة، وتتسبب في تدمير الموارد المائية وأمن الوطن المائي، أليس في اتساع الرقعة الزراعية في أرجاء المملكة هدر للماء والموارد؟ وماذا ستقولون للأجيال المقبلة، والمقدرات والمدخرات تتعرض لنزيف لم يسبق له مثيل على كوكب الأرض على صناعات تحويلية وصلت إلى أكثر من 6500 مصنع، قيمتها المضافة، تلوث بيئي، وعمالة من كل حدب وصوب، نسب البطالة بين شباب الوطن في ازدياد، ولم تستطع هذه الصناعات الوهمية استيعاب 20 في المئة من توطين الوظائف، على رغم استنزافها مقدرات الوطن، من كهرباء ووقود وأراض مطورة بأسعار زهيدة إذا ما قورنت بجميع دول العالم؟ الدائرة السيئة الثانية: الإعانة التي تحيط بجميع أوجه اقتصادنا الوطني ومفاصله، فما الخطة المتدرجة المعلنة يا صناع القرار - حتى لو كانت طويلة المدى -؛ لإخراج الاقتصاد من إدمان دوامة الإعانة حتى يمكن مواجهة تبعات انخفاض أسعار النفط، التي تتحكم فيها نسب العرض والطلب في الأسواق العالمية، ودورنا هو مراقبة الأسعار وليس صناعتها؟ أليست الإعانة المفتوحة - يا صناع القرار - من دون عائد على الاستثمار بمفهومه الشامل وتوطين اقتصاد المعرفة، تندرج ضمن سياسة اقتصاد إطفاء الحرائق وإشباع رغبات موقتة وإخماد مطالب أخرى والمسكوت عنها؟ ألا يمكن تعريفها ضمن إهدار مقدرات ومدخرات الأجيال المقبلة؟ الدائرة الثالثة السيئة: دائرة الفساد، ألا تعلمون - يا صناع القرار- أنه بعد مضي أكثر من أربعة أعوام على إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تركت «الهيئة» الأصل وعادت بنا إلى الوراء خمسة عقود من الزمن، لا للفساد دعوة خجولة على أوراق وصفحات جرائد، وكتيبات تشرح للدهماء قرار إنشاء الهيئة ومهامها وبرامجها التوعوية. يا إلهي، تركوا الأَسْود واتجهوا لليابس، تجاهلوا تطوير الأنظمة واللوائح وسد ثغرات ومنافذ الفساد فيها وعلى رأسها نظام المشتريات والمناقصات والعقود الحكومية، واتجهوا إلى برامج توعوية تستهدف عامةً ليس لهم ناقة ولا جمل، هم يسمعون ويقرأون عن تعثر المشاريع وغرق شوارع مدن بسبب الأمطار، وأنتم فقط من المفترض من يملك الإجابة. أليس من المستغرب أن يزداد النشاط التوعوي للعامة مع كل كارثة يتعرض لها الوطن؟ التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني كبيرة وخطرة، حتى في ظل الملاءة والفوائض المالية التي مهما بلغت، فهي أرقام لا يمكن بجمودها أو سوء استغلالها بناء اقتصاد مستدام وتنمية القدرة المؤسسية التنافسية الإنتاجية من خلال رؤية وإلهام ونزاهة، وسيبقى مستقبل الأجيال المقبلة متوقفاً على ما سنبقيه في باطن الأرض من طاقة هيدروكربونية، وهو الحل الذي نراه واقعاً يجب الاعتراف به والعمل على إنقاذه قبل فوات الأوان، وقبل أن يفرض الندم واقعه ونحن نردد، يا زماناً ضاع في الزمن.     * كاتب سعودي. alyemnia@