استعانت وزارة الزراعة بعدد من الخبراء والمستشارين المتخصصين من الجامعات السعودية لدراسة انتشار نبات البلس في محافظة فيفاء بمنطقة جازان حيث زارت اللجنة امس الاول جبال فيفاء للوقوف على حجم المشكلة البيئية وابداء الرأي للقضاء على هذا النبات الذي اخذ يهدد الطبيعة والانسان والحيوان في محافظة جبال فيفاء وبعض المناطق الجبلية بعد ان استولى على بعض سفوح الجبال وأخذ يزحف بشكل سريع على المدرجات الزراعية وصولاً الى المناطق السكنية. «الفاو» جلبت النبات إلى المنطقة ورفضت تحمل المسؤولية وقال جابر محمد الفيفي «احد المتضررين»: منذ 10 سنوات طلبنا وزارة الزراعة بمساعدتنا في التصدي لهذا النبات الذي غزا مزارعنا وعجزنا عن مكافحته بالوسائل البدائية وقدمنا عدة شكاوى وكنا موعودين بمشروع مكافحة بواسطة حشرة البق الدقيق من مركز الابحاث في ابو عريش على أن يبدأ تنفيذه قبل عام، لكنه لم ينفذ الى الان. وأضاف: خسرت عددا من الماشية التي اصيبت بأشواك نبات البلس ونفقت بعد ذلك، كما خسرت 50 الف ريال وعملت لمدة عام للقضاء على النبات حول منزلي، لكن دون فائدة حيث عاد للنمو مرة اخرى بسبب بذوره التي تنقلها الحيوانات والطيور. الطويرقي: مشروع المكافحة لم يلغ.. وتأجيله بسبب المزيد من الأبحاث وحذر من تأخر مكافحة النبات سريع النمو والانتشار، مؤكدا ان المواقع التي سيطر عليها النبات يستحيل دخولها. مكافحة حشرية من جهته، أكد المستشار الوقائي الدكتور هاني عبدالرحمن الطويرقي من ادارة وقاية المزروعات بوزارة الزراعة ان المشروع لم يتم الغاؤه وانما تم تأجيله لمزيد من الدراسة. وأضاف أن مكافحة النبات الذي غزا المنطقة تحتاج الى دراسات والاستفادة من خبرات الدول التي مرت بنفس المشكلة، كما تأخذ الاجراءات وقتا طويلا، كما ان الحشرة احتاجت وقتا طويلا للتأقلم مع اجواء المملكة وفترات اخرى لتكاثرها كما ان الوزارة تتابع طرق المكافحة التي يقوم بها المواطنون ونتائجها. وقال: الوزارة اطلعت على تجربة جنوب افريقيا وخبرتها في هذا المجال من خلال حشرة البق الدقيق التي تم ادخالها للمملكة بواسطة خبراء من جنوب افريقيا واثبتت نجاحها في القضاء على نبات البلس في المكسيك وجنوب افريقيا، لكنها لا تزال تخضع للتجارب في محميات لمعرفة عدم تأثيرها على البيئة الطبيعية الاخرى في المملكة والوزارة في انتظار توصيات الاستشاريين الذين استعانت بهم. عارف: المنطقة تمر بكارثة بيئية تقضي على المزارع وتهجّر السكان دراسة الفاو واكد استاذ علوم الغابات بجامعة الملك سعود والمستشار بوزارة الزراعة الدكتور ابراهيم محمد عارف ان نتائج دراسة منظمة الفاو حول سبل مكافحة نبات البلس ضعيفة جدا وغير مقنعة وضيقة الافق واختصت بجزئية محددة جدا وهي ادخال حشرة البق الدقيقي للمملكة والتعامل مع النبات ولم تكن الدراسة شاملة لذلك تشكلت هذه اللجنة للحضور الى محافظة فيفاء للتعرف على تفاصيل المشكلة واشراك خبراء في مجال الحشرات من جامعة الملك سعود للتأكد من نتائج الدراسة وطريقة التطبيق وبداية العمل. وأضاف ان جولة اللجنة اظهرت ان الامر خطير جدا ويحتاج الى حملة وطنية تختص بمنطقة جازان وتشارك فيها كل الجهات، مشيرا الى أن الامر يحتاج الى جهود جبارة لمواجهة كارثة بيئية لا تحتاج الى انتظار نتائج البحث العلمي لأنها تغزو الان مواقع يصعب الوصول اليها وهي تتلف الثروة الحيوانية والغطاء النباتي. واقترح عارف ان تتولى امارة منطقة جازان تكوين لجنة من المختصين بجامعات المملكة ومدينة الملك عبدالعزيز واشراك الجانب البحثي والتطبيقي والميداني وتقيم هذه الاعمال كل ستة اشهر ووضع حلول تمنع زحف هذه النباتات عبر الحدود والقضاء عليها. الداود: الانتشار السريع وأشواكه الكبيرة أبرز مشكلات البلس واستبعد عارف ان تتمكن وزارة الزراعة بمفردها من القضاء على البلس، مشددا على ان الوضع خطير ويهم منطقة جازان عموما ودعا امارة جازان الى المبادرة وتحمل المسؤولية قبل تحول مشكلة انتشار نبات البلس الى كارثة يصعب معها المكافحة والتصدي للانتشار السريع لهذا النبات الذي سيستولي على الاراضي الزراعية ويدمر البيئة بكل مكوناتها في جازان، مطالبا الامارة بإعلان آلية من الان للبدء في القضاء على هذا النبات وتشكيل فريق علمي واخر عملي وتوضيح طرق المكافحة ومسار الانتشار ومواقعه والتعاون مع الجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز ووزارة الزراعة، محذرا من انتظار نتائج دراسات الجامعات التي تعطي معلومات بحثية تستغرق سنوات طويلة. عدار: بدأنا دراسة المشكلة منذ 8 سنوات.. ولا نريد الإضرار بالبيئة واكد عارف انه اذا لم تتحمل امارة منطقة جازان المسؤولية وتتبنى الدولة استراتيجية وطنية لمكافحة نبات البلس في المنطقة فان هذه الآفة ستقضي على افضل مناطق جبلية بالمملكة في منطقة جازان من تربة وبيئة وحيوان وتهجر سكانها وتتحول هذه المناطق البكر الى بيئة طاردة بعد ان كانت مناطق جاذبة للسكان والاستيطان. وناشد عارف بالاهتمام الكافي لان اهمال الموضوع سوف يحرم المملكة من بيئة ومنطقة سياحية فريدة، مستبعدا ان تتمكن حشرة البق بمفردها دون جهود كبيرة مصاحبة تبذل للقضاء على افة نبات البس في فيفاء. واشار الى ان محاربة هذه الافة تحتاج الى عزيمة وجرأة وصبر وجهود مخلصة ودعم مادي الى جانب البحث العلمي والعمل الميداني. وقال إن وزارة الزراعة ستتبنى عدة خطوات للمكافحة من الاستعانة بحشرة البق والمبيدات والحرق والازالة اليدوية والميكانيكية وهي كلها اعمال تحتاج الى دعم مادي ولن تتحقق أي نتائج مرضية دون دعم مادي مناسب وستكون النتائج ايجابية والعكس صحيح، معتبرا هذا النبات وباء خطيرا ويجب إنشاء مراكز خاصة لمكافحته. وقال: الفاو لا يمكن ان تحل مشكلة هذا النبات في المملكة لانها اشبه ما تكون بشنطة متنقلة ليس لديها مختبرات او معامل وقد خذلونا في كثير من الامور ونتائجهم مخيبة للآمال ولذلك يجب اسناد العمل الى الجامعات السعودية ومراكز البحوث في المملكة التي لديها الامكانات والمعامل، منتقدا دراسة الفاو التي اقتصرت على جزئية محددة وهي حشرة البق مع تناسي الجوانب البيئية الاخرى والخريطة النباتية وطريقة التكاثر. وشدد على ضرورة الاخذ بكل الجوانب البيئية من تربة ومكان وطريقة التكاثر والفترة الزمنية للتكاثر وايهما انسب التكاثر الخضري او البذري والواجهة التي يتكاثر فيها هذا النبات التي يجب التركيز عليها في المكافحة. واضاف عارف ان الاستشاريين والخبراء السعوديين في وزارة الزراعة لم يشاركوا في الدراسة التي اجرتها منظمة الفاو ولم يعلموا بها الا قبل شهر رمضان وطلب منهم ابداء الرأي حولها حيث تفاجأوا بالدراسة التي لم تكن مقنعة ومتواضعة جدا، لذلك رأت وزارة الزراعة تكليف لجنة تضم الخبراء السعوديين للوقوف على المشكلة والخروج بتوصيات اكثر دقة. وقال: فريق الخبراء وجد ان بذور هذه النباتات منتشرة بشكل كبير على التربة وهو ما يعني استمرار انتشارها في بيئة كثيرة الامطار ومحفزة لنمو النباتات كمحافظة فيفا ولا بد من تصور علمي تطبيقي يشترك فيه المواطنون والمختصون والمجالس البلدية والمدارس وكافة القطاعات الحكومية. وبين ان اللجنة في صدد رفع ست توصيات خاصة فقط بطرق الازالة منها الازالة الميكانيكية والإزالة بواسطة حشرة البق والإزالة بواسطة متابعة الخارطة النباتية وتواجدها والإزالة بواسطة المواد الكيماوية الحارقة. انتشار البلس وبين عضو هيئة التدريس في كلية علوم الاغذية والزراعة بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالرحمن بن سعد الداود ان سبب انتشار نبات البلس في السعودية يعود الى منظمة الاغذية والزراعة العالمية الفاو التي ادخلت الى اليمن نباتات صباريات بغرض الزينة من ضمنها هذا النبات الذي يتميز بقدرته القوية على الغزو مقارنة بالنباتات الاخرى الذي يعرف علميا باسم « اوبتما استركتر» وينتقل عن طريق كائنات حية او عن طريق عمليات يقوم بها الانسان من النقل او تعبيد وشق طرق ونقل تربة او نباتات والامطار والسيول وقد دخل المملكة عن طريق اليمن قبل حوالي 20 سنة. واضاف ان النبات مر بمرحلة ثبات وتأقلم وهي مرحلة لا يشعر فيها الناس خصوصا ان هناك انواعا عديدة من الصباريات والنباتات تنتشر في المنطقة لذلك لم يتم التنبه اليه الا بعد ان وصل لمرحلة الاضرار بحاجات الانسان. وتكمن مشكلته في الانتشار السريع وغزو مساحات كثيرة واشواكه الكبيرة والصغيرة مقارنة بالبرشومي والتعرف على النبات وموطنه الاصلي من الجهات المعنية احتاجت الى وقت حتى تم معرفة موطنه الاصلي واي نبات ينتقل الى بيئة اخرى جديدة غريبة عليه يشكل افة لأنه يفتقد التوازن البيئي الطبيعي كما يحصل الان من انتشار سريع لهذا النبات في جنوب السعودية. واضاف ان حشرة البق الدقيقي اثبتت نجاحها في جنوب افريقيا في القضاء على هذا النبات وقد تم اخذ الاذن لنقل الحشرة للسعودية بغرض التجارب لضمان عدم الاضرار بالأنواع الاخرى من الصباريات المنتشرة في المملكة التي يعد بعضها مصدر رزق لبعض المواطنين. واوضح الداود ان التجارب الاولية التي اجريت للحشرة على نبات البلس وعدد اخر من الصباريات والنباتات اثبتت جدواها ولا تزال مستمرة ولن يتم استخدامها على نبات البلس في فيفا الا بعد اخذ الاذن من الجهات الرسمية. وقال إن استخدام هذه الحشرة يعد جزئية واحدة من المكافحة المتكاملة لهذه الافة بالإضافة الى الازالة الميكانيكية واستخدام مواد كيميائية ومبيدات الحشائش والطرق الفيزيائية بواسطة الحرق. وبين ان الطريقة الصحيحة للإزالة تكمن في القطع وتركه الى ان يجف ثم حرقه وعمل دراسة دقيقة لكمية انتشار النبات في المملكة والمناطق ذات الكثافة، مؤكدا ضرورة ان تبدأ عمليات الإزالة الميكانيكية من الان وكذلك استخدام المبيدات الكيميائية مع توضيح خطر هذا النبات لمساندة الجهات الحكومية وسيكون على المزارعين دور كبير لتوزيع الحشرة على المناطق الموبوءة عند السماح باستخدامها وضرورة نقل طرق المكافحة الى الاشقاء في اليمن لضمان عدم عودة انتشار النبات مرة اخرى. تأجيل المكافحة وقال رئيس قسم المراعي بإدارة الموارد الطبيعية في وزارة الزراعة المهندس تقي الدين حسن عدار: بدأت الوزارة دراسة مشكلة انتشار نبات البلس بمحافظة فيفا عام 1426 وتم التواصل مع خبراء سعوديين من كلية الزراعة في جامعة الملك سعود ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمركز الوطني للبحوث بالرياض والمنظمة العربية للتنمية الزراعية ومنظمة الاغذية والزراعة بالأمم المتحدة لدراسة الموضوع من جميع الجوانب للوصول الى حل قريب. وأضاف ان عمل المكافحة وصل الى مرحلة الانطلاق الا ان الخبراء رأوا إجراء مزيد من التجارب على حشرة البق الدقيق قبل اطلاقها في المناطق الموبوءة داخل المملكة، مشيرا الى ان وزارة الزراعة استفادت من خبرات جنوب افريقيا التي لها تجربة كبيرة في هذا الجانب. وقلل عدار من جدوى استخدام المواد الكيماوية، موضحا صعوبة المكافحة الميكانيكية بسبب تضاريس فيفاء الجبلية. وكان تقرير صادر عن خبراء من منظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو) قد أوصى وزارة الزراعة بضرورة عمل دراسات وبحوث عاجلة للحد من انتشار نبات «الصبار» في جبال منطقة جازان وخاصة محافظة جبال فيفاء وتأكيد فرع وزارة الزراعة بجازان توقف التجارب الحيوية العلمية لمكافحة نبات البلس بسبب تأثير حشرة البق الدقيق على نبات البرشومي.