×
محافظة المنطقة الشرقية

مزيد من برامج دعم الشباب للتقليل من نسب البطالة

صورة الخبر

فجع زوج وأسرة منذ عشرة أيام (9 رجب 1435ه، 8 مايو 2014م) بوفاة الزوجة والابنة على إثر حادث سيارة كانت تقودها في شمال الرياض بعد اصطدامها بسور نادي الشباب، رحمة الله عليهما وألهم ذويهما الصبر والسلوان. كان هذا الحادث، كما في كثير من الأحيان، فرصة لخلط الأوراق والحقائق والقفز إلى الاستنتاجات التي ما أنزل الله بها من سلطان، مثل أن هذه هي نتيجة قيادة النساء للسيارات، وكيف أن مجتمعنا ودولتنا تحمي المرأة بأن تمنعها من قيادة السيارة التي لا تعرف كيف تقودها وبالتالي تقودها إلى الهلاك. كما كان هناك حديث مطول حول على من تقع المسؤولية، وكثير ممن أراد الاصطياد في الماء العكر فحاول قذف الكرة على الدعوة والداعيات لقيادة المرأة للسيارة، وهي دعوى مردودة حجة ودليلاً. وما أنا بصدده اليوم هو اغتنام هذه المناسبة المؤسفة لدق الجرس. المملكة تدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية ليس في الإنجاز وإنما في حوادث السيارات، فتتصدر القائمة العالمية لحوادث السيارات ووفياتها بالنسبة إلى عدد السكان، ويبلغ عدد الوفيات عام 2012، 7638 حالة وفاة، ما يعادل 21 حالة وفاة يوميا، و0.9 حالة وفاة في الساعة، بنسبة زيادة 7 في المئة على 2011. وعدد الحوادث والوفيات في تزايد مطرد كل عام وحتى "ساهر" لم يفلح في تخفيض العدد بل ارتفع إلى 24% منذ البدء في نظامه عام 2010 وحتى 2012 وفق الاقتصادية (طلال الصياح وإكرامي عبدالله 15/1/2014). فالحوادث يقوم بها بالدرجة الأولى أو حصرياً، الرجال، الشباب، والأطفال الذكور. وهؤلاء الذين نحن بحاجة إلى مراجعة أدائهم وتعليمهم، مدارس القيادة التي خرّجتهم، وظروف قيادتهم والقوانين التي يلتزمون أو لا يلتزمون بها، والقوانين التي تُطبق أو لا تُطبق عليهم، البنية التحتية وسلامة طرقنا، إشاراتنا وحفرنا وإجبار أطفالنا الذكور على تسلم القيادة منذ أن تصل أقدامهم إلى دعاسة البنزين. النساء كما نعلم، خارجات من هذه المعادلة بسبق إصرار وترصد، وبالتالي فنحن أمام حاجة ماسة لحوالي خمسة ملايين(نصف التعداد السكاني للنساء باعتبار أنهن بلغن السن القانونية لقيادة السيارة في أي مكان في العالم)، لتخليص أمورهن وقضاء مشاويرهن والوصول إلى أعمالهن أو جامعاتهن بأنفسهن. ربط حق إنساني مستحق لإنسان بوجود إنسان آخر ليس لي سلطة عليه إلا بصعوبة وبشروط توفر المال والظروف اللوجستية وال "موانية" (السائق أو الأخ أو المحرم) هو ربط غير منطقي ولا إنساني ولكنه الذي تحاول الأنظمة السائدة أن تُقنعنا به. الظروف القائمة تركت هذه الملايين من النساء المؤهلات القادرات على قيادة أنفسهن بأنفسهن، تحت رحمة الظروف والمجازفة والمخاطرة بالروح والآخرين في سبيل تخليص حاجة. منع النساء البالغات الراشدات من الحصول على رخصة قيادة سعودية وبالتالي تعلم القيادة الصحيحة (على الرغم من أن هذه مسألة غير مضمونة في ظل أنظمة مدارس قيادة السيارات لدينا ومناهجها الشكلية)، يؤدي إلى أن تقود من هي بحاجة إلى ذلك وهي في حالة من التوتر والضغط النفسي خشية أن توقفها دورية أو يتعرض لها متعرض يستغل موقفها غير الرسمي، فضلاً عن عدم الخبرة الكافية في الطرقات والتي يكتسبها المرء والمرأة من القيادة المستمرة، فتكون ضحية سهلة لحادث مؤسف. الهدر الذي ندور في حلقته المفرغة منذ دخول أول سيارة إلى الجزيرة العربية عام 1334ه/ 1915م لا نهاية له. نستورد التكنولوجيا ثم نُخضعها لقوانينا التي ما أنزل الله بها من سلطان ونعيد صياغة هذه المخترعات وكأننا من صنعناها أو اخترعناها ولكن نجد لدينا الجرأة لنمارس بواسطتها تمييزاً نوعياً يعوق استخدامها وأحياناً يحوّل استخدامها إلى النقيض مما اخترعت له. الأمثلة كثيرة ولا تقتصر على وسيلة المواصلات الإشكالية، السيارة. ويبقى دم هذه السيدة وكل امرأة تلقى حتفها في رقبة من يمنعها من القيادة ويمنعها من التعلم الصحيح ويتركها تحت رحمة من يتعلم القيادة فيها، وتحت رحمة من يلاحقها ويصادر حقها ويصادر سيارتها ويصادر حياتها.