كأنها صفة من صفاة الفراسة أن الكثير ممن عمل قديماً في شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو السعودية الآن )يجدون أنفسهم يتحدثون بطلاقة يتعجب منها رؤساؤهم، ثم يتدربون على الحديث ويصلون إلى مراحل لم يصل إليها من درس اللغة، ولدينا أسماء تجار ومقاولين يستطيعون أن يعطوا إيجازاً وحديثاً، وكأنهم تعلموا الدرس من معهد بدوام كامل. فراسة وتجربة وإصرار رفعتهم إلى مراتب جيدة في مجال التحديث والتخاطب فتجدهم يناقشون الأمور المالية مع أشخاص مختصين وأصحاب خبرة من غير العرب . وهذا الذي يجعلني أقول إن أرامكو تختار من يعملون معها، ولا يعتمدون على التزكية والواسطة والدرجة العلمية والعلم الذي تخرج به والجامعة واسمها ورصيدها. وأظن أنهم يصرون على ضرورة قدرة المتقدم للعمل على احترام وتقبّل التعليمات، وليس إعطاء الأوامر والتعميمات وتمرير هذا وترك ذاك الأمر. يؤيد بعض ما أقوله أن كبار رجالات أرامكو الآن هم اهل قدرة أكثر منهم أهل مستوى اجتماعي . ومن تقاعد منهم مبكرا رأيناه يشق طريقه في ميادين التجارة والخدمات والمقاولات. وحتى عهد قريب يرى عامتنا الكمال بقولهم : شغل أرامكو . أن العمل مُتقن وغير متروك للصدف . ولا أراني مبالغا إذا قلت إن ثمة سراً يكمن في قدرة أرامكو، وحذا حذوها بعض شركات الطاقة، بمعرفة الرجال الذين يقع عليهم عبء تحمل المهام الكبيرة في سلالم العمل وحلقات الأوامر واتخاذ القرار . We wish to stay an oil company العبارة تلك سمعتها من أمريكي – على سبيل الدعابة – وتشير إلى أن الشركة دخلت في ميادين بنى أساسية وتعليم وتخطيط، ما يُشير إلى أن الناس وثقوا كل الثقة بالشركة ومن يعمل بها. وسمعتُ أيضا من حاول أن يُسيء إلى رجل أخذ كامل خبرته التجارية من أرامكو ونهجها فقال عنه : اتركه عنك .. هذا تربية أرامكو . فقلت له إذا كان كذلك فامدحهُ ولا تذمّه . ويا ليت نصف من يعمل لدينا يأخذون من الشركة – على الأقل – حاسة البكور في الصباح والوصول إلى العمل في الوقت المحدد، ولا "يستأذن كثيرا" أو "يفطر" تاركا المراجعين خلف الباب، والمعاملات مُتكدسة يمينا وشمالا في مكتبه الذي لا يُجيد حتى ترتيبه. إلى جانب التردد في التعاطي مع المشكلات وتحسين أدائه والرقي بمستوى وجودة عمله، إلا ب.. "توجيه". الأخير حتما لا يصلح أن يكون قياديا. يمكن مراسلا(ينقل المشكلة إلى من فوقه) أو "مستشارا " لكن أن يكون قيادياً! .. لا