أبدى عدد من العاملين في قطاع النقل في مدينة جدة، امتعاضهم من ندرة السائقين وتقلص حركة النقل على الطرقات في المملكة، مطالبين بتخصيص طرق ومواقف للشاحنات حتى يسهل أداء المهام المنوطة بهم بسلاسة ودون عوائق، مشيرين إلى أن تشديد القيود على التأشيرة لعب دورا مهما في هذه المعاناة. بداية، قال أحمد المريسل (عضو سابق بلجنة النقل البري بالغرفة التجارية): نعاني كثيرا في عدم وجود مواقف مخصصة للشاحنات، ومن المفترض تخصيص أراض لهذا الغرض، تشرف عليها الجهات المسؤولة، لكون المستثمر الذي يقوم بتأجير الأراضي لنا لاستخدامها كموقف للشاحنات في الوقت الحالي يطلب مبالغ باهظة. وأضاف: «بالنسبة لي اضطررت لاستئجار أرضيتين مساحتهما 600 م 2، بقيمة 170 ألفا، ولا شك بأنه مبلغ كبير، حيث أنني لم أستطع استخدام الأراضي التي أملكها لذلك الغرض لكونها تقع في مناطق سكنية». ويمضي قائلا: وما زاد من معاناتنا هو قرار تحديد ساعات مرور الشاحنات صباحا والذي حدد من الساعة 9 حتى 12 ظهرا، بالنسبة لشمال جدة، على عكس المناطق الجنوبية التي يتمتع أصحابها بحرية أكبر في ساعات النقل، لكونها مناطق غير سكنية، ومن السهل مرور الشاحنات بها بعد الظهر، فيما عدا ذلك تكون أوقات النقل من الساعة 10 مساء حتى السادسة صباحا. واستطرد: «لا شك بأن تقليص ساعات مرور الشاحنات صباحا قلل من نسبة البضائع التي نحملها، وسبب لنا بعض الخسائر، حيث تقلصت حمولات البضائع التي ننقلها من 25 طنا إلى 15 طنا في الأسبوع». ويوافقه علي القطاني (صاحب إحدى مؤسسات النقليات وتخليص الجمارك) الرأي ويضيف قائلا:«لا يكفي الوقت الذي حدد صباحا للشاحنات لنقل البضائع، وهو 3 ساعات، إلى حد أن بعض السائقين يتكبد عناء المسافة ثم يمنع من المرور أثناء وصوله لانتهاء الوقت، كما يتسبب ذلك في تكدس المركبات لكون المسار الوحيد المخصص لمرورها ضيق، ولا يسع إلا عددا قليلا من الشاحنات، كما نواجه مشكلات أخرى لا حصر لها في هذا الجانب». أما محمد المانع فقال: «نعاني كثيرا من ندرة السائقين بسبب القيود المفروضة على التأشيرات، حتى أصبح لدينا مركبات بلا سائقين، كما نجد نفورا من السائقين السعوديين، لكون المهنة شاقة، وبيئة العمل فيها ليست منظمة، وغير مشجعة حتى الآن، فسائقو الشاحنات يعانون كثيرا من عدم وجود استراحة للسائقين في الطرق الطويلة (كطريق ينبع والرياض)، ومن المفترض توفير في كل 50 كلم ساحة مخصصة لاستراحة السائقين، لتخفيف معاناتهم في هذا الجانب، وتقليل نسبة الحوادث التي تحدث جراء ذلك»، كما يرى بأن معاناة الناقلين تتجاوز هذا الحد حتى في التأمين على مركباتهم مع ارتفاع أسعار التأمين، ويرى من الضروري تدخل مؤسسة النقد، لوضع حد لارتفاع أسعار التأمين. بدوره، قال سعيد البسام (عضو في لجنة النقل بالغرفة التجارية): إن السعودة في هذا المجال لم تنجح، والمطلوب إما أن تتولى وزارة العمل توفير السائقين المحليين لنا أو السماح لنا بالاستقدام وتخفيف القيود المفروضة على ذلك، فقد تقلصت عملية النقل بنسبة 30 % تقريبا مما تسبب في ارتقاع أسعار نقل البضائع بنسبة 20 إلى 30 % ولا شك بأن الناقلين مضطرون لرفع الأسعار لتغطية نفقاتهم، وتقليل خسائرهم، وقد ناقشنا الحلول مع وزارة النقل وطالبنا بإنشاء خطوط موازية ومخصصة للشاحنات، لزيادة موارد النقل، وتخفيف حدة الزحام، كما نطالب بتعجيل إنهاء مشروع الخط الدائري الثاني والذي يساهم نسبيا في حل المشكلة، وكذلك تخصيص أماكن للمستودعات بعد الخط الدائري. ويقول حسن دعجم (أحد المستثمرين وعضو لجنة النقل البري بالغرفة التجارية): لا بد من إنشاء مواقف مستقلة لشاحنات نقل البضائع والسيارات الكبيرة، لأنها ستساهم كثيرا في تطوير حركة النقل وتنظيمها، وكذلك تنظيم مسارات خاصة لها، لتخفيف حدة الزحام، فالناقل وكذلك السائق يعاني كثيرا في هذا المجال، ومثل تلك الخطوة سيكون لها مردود إيجابي على المستثمر والمستهلك، وستسهم في تطوير حركة النقل في المملكة. وفيما يشكو كل من علي موسى، ومحمد صبرى، وهارون خورشيد (سائقو شاحنات) من معاناة المواقف، وعدم وجود أماكن مناسبة لهم للاستراحة في الطرق الطويلة، معتبرين ذلك أحد أبرز أسباب الحوادث. من جهته، أكد رئيس المجلس العربي للنقل في جامعة الدول العربية، ورئيس اللجنة الوطنية للنقل بمجلس الغرف السعودية سابقا، ومؤلف كتاب اقتصاديات النقل في المملكة الدكتور علي ناقور، بأنه قد تم بحث هذه المواضيع وطرحها للنقاش، موضحا بأن شركات النقل والمستثمرين يعانون كثيرا في هذا المجال، مؤكدا الحاجة إلى محطات جديدة للنقل، مشيرا إلى وجود العديد من المشكلات التي تواجه الناقلين في هذا الصدد، ومنها فشل السعودة في هذا المجال لكونه من الأعمال الشاقة، مطالبا بضرورة معالجة تلك المشكلات من خلال تسهيل التأشيرات، وتعاون البلديات والجهات المسؤولة، وإنشاء محطات خاصة لوقوف الشاحنات قريبة من المدن، وإعطاء هذا القطاع الأولية والأهمية التي يحتاجها لكونه من القطاعات الاقتصادية الهامة. مطالبا بتشكيل لجنة على مستوى المملكة بحضور الجهات المعنية (كوزارة النقل، والعمل، والبلديات)، لمعالجة هذا الأمر، والارتقاء بخدمات النقل، وإحداث نقلة نوعية في هذا القطاع.