كان يا ما كان منذ عدة أعوام وفي الرحلة في طائرة البوينج الكبيرة من المملكة إلى أمريكا، وبعد الإقلاع بساعات طلبت المضيفة عبر الميكرفون تبحث عن طبيب ضمن الركاب في تلك الرحلة، وقالت «من منكم طبيب فليتقدم إلى مقدمة الطائرة حالا». فبحكم مهنتي الطبية تقدمت ... فأخذتني المضيفة إلى مقصورة الدرجة الأولى حيث كان هناك راكب شاب يبدو أنه من علية القوم، وكان في حالة شبه إغماء. وقمت بالكشف عليه كأي طبيب عام، وفورا أحضرت المضيفة المسؤولة حقيبة إسعاف طبية مليئة بكل ما يحتاج إليه في مثل تلك الحالات. وبالكشف وأخذ الضغط وسماع نبضات القلب وجدت أن الصحة العامة للراكب بخير وأنه في حالة إغماء عادية كالتي تحدث للمجهد وما شابه، فأخذت من الشنطة المعدة للإسعاف ما يساعد على إعادة الانتباه ويشفي من الإغماء. وفعلا من الله عليه بالشفاء وعلي بالتوفيق. وفرحت والدته ومن كان مسافرا معه، فرحت بشفائه أكثر كبيرة المضيفات. وعدت إلى مقعدي وإلى جوار أسرتي. وانتهت الرحلة ووصلنا إلى أمريكا وأمضينا عدة أيام فيها. وقررنا العودة إلى المملكة، ركبنا الطائرة البوينج الكبيرة، وبعد إقلاع الطائرة بلحظات رأتنا كبيرة المضيفات وكانت هي التي اصطحبتنا في رحلة القدوم التي ورد ذكرها سابقا.! فعرفتني ومن معي، وسلمت علينا وأبدت اهتماما كبيرا بنا وطلبت منا أن ننتقل إلى الكراسي التي في الدرجة الأولى. وقالت إنه من (صلاحياتي) أن أنقلكم إلى مقاعد في الدرجة الأولى مكافأة لما عملت معنا في رحلة الذهاب وهذا أقل ما يجب.. أورد هذه الوقفة ــ رغم بساطتها ــ لأني علمت أن بعض الزملاء من الأطباء يتقاعسون ويتجاهلون تلك المواقف الطبية في الرحلات الجوية. وينسون أن عليهم مسؤولية.