أثنت منظمة التجارة العالمية على خطوات شرعت فيها ماليزيا لإلغاء أو تقليص القيود على الاستثمارات الأجنبية في قطاع الخدمات، وفي تحديث أنظمتها الداخلية في قطاع الخدمات المالية، لكنها قالت إنَّ البلاد لا تزال تفرض قيوداً على إجازات الاستيراد، وتُحابي المقاولين المحليين في المشتريات الحكومية. وخلال مناقشتها للسياسة التجارية لدولة ماليزيا، ركَّزت منظمة التجارة على "انفتاح الاقتصاد الماليزي" الذي وصفته بأنه السبب في نمو التجارة في السلع والخدمات بنسبة 162 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي مقارنة بعام 2009، وامتدحت أيضاً جهود ماليزيا في قطاع الخدمات، الذي وصفته بأنه أكثر القطاعات حيوية في اقتصاد البلاد حيث يستحوذ على أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، ويقوم بتشغيل نحو نصف العمالة في البلاد. وأضافت المنظمة أنَّ الاقتصاد الماليزي انتعش بسرعة بعد انكماشه في 2009 على إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية، مؤكدة أن قطاع الخدمات، وليس تصنيع السلع المكرسة للتصدير، هو الذي أطلق النمو الماليزي خلال وعقب الأزمة المالية، وأنَّ معدل التضخم في عام 2012 انخفض إلى مستوى أدنى من 2010 ليصل إلى 1.7 في المائة ليصبح بذلك واحداً من أدنى المعدلات في منطقة آسيا ـ المحيط الهادئ.، كما هبط معدل البطالة المتدني أصلاً، إلى 3 في المائة في 2012. غير أن هذه الدولة الآسيوية النشطة وُصفت من قبل منظمة التجارة وبعض الدول الأعضاء بمواصلتها فرض متطلبات على منح إجازات الاستيراد، قالت إن من شأنها أن تُعيق الواردات في القطاعات الرئيسة كالسيارات. وتتولى منظمة التجارة إجراء مراجعة دورية للسياسات التجارية للدول الأعضاء، مع مراجعات أكثر تواتراً للقوى التجارية الكبرى، وهذه هي المراجعة السادسة للمنظمة بشأن السياسات التجارية لماليزيا، والتي كانت آخرها في كانون الأول (ديسمبر) 2009. ولاحظت المنظمة أنَّ المعدل المتوسط لأدنى التعريفات الجمركية في ماليزيا انخفض من 7.4 في المائة في 2009 إلى 5.6 في المائة في 2013، نتيجة لسياسة تبنتها الحكومة الماليزية تقضي بقطع أحادي الجانب للتعريفات الجمركية دون حسبان موقف الدول الأخرى. وبلغ المعدل المتوسط لأدنى التعريفات الجمركية في العام الماضي 2.9 في المائة للمنتجات الزراعية، و6 في المائة للسلع الصناعية، لكنها صعدت قليلاً في بعض السلع الأخرى كالبلاستيك، والمطاط، ومنتجات لب الورق والورق، ومعدات النقل ويتضمن ذلك السيارات. وأبرمت ماليزيا منذ عام 2009، سبع اتفاقيات جديدة للتجارة الحرة ثنائية وإقليمية، من بينها ثلاث اتفاقيات إقليمية من خلال رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وأربع ثنائية، وهي تتفاوض حالياً لإبرام اتفاقيات مع تركيا، والاتحاد الأوروبي، والرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، حيث تضم الرابطة الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وهي آيسلندا، والنرويج، وسويسرا. كما أن ماليزيا شريك في مفاوضات "الشراكة عبر المحيط الهادئ"، لكنها قررت حتى الآن الجلوس خارج مباحثات "اتفاقية التجارة في الخدمات" التي تجري بين بعض الدول الأعضاء في منظمة التجارة. وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن قطاع الخدمات هو أحد الميادين الذي حققت فيه ماليزيا تقدماً جوهرياً، حيث اضطلعت منذ عام 2009 بمجهود ضخم لتحرير قطاع الخدمات، مُلغيةً أو مُقلِّصةً القيود على مشاركة رأس المال الأجنبي في رقعة كبيرة من قطاع الخدمات. وبدأت ماليزيا في عام 2012، تنفيذ إلغاء جزئي أو كامل للقيود المفروضة على مشاركة رأس المال الأجنبي في 17 قطاعاً فرعياً من قطاع الخدمات، منها الخدمات المهنية، وخدمات الاتصالات، وخدمات التوزيع، وخدمات التعليم، وخدمات البيئة، وخدمات الصحة، وأضفت أيضا صيغاً رسمية للوصول إلى الأسواق في خدمات المحاسبة، إذ أصبح متاحاً لرأس المال الأجنبي المشاركة الكاملة في هذا القطاع. ونتيجة لهذا التغييرات، تسمح ماليزيا الآن بنسبة 100 في المائة للمالكين الأجانب لخدمات البريد، وخدمات تطبيقات الاتصالات، والمخازن المتخصصة، والجامعات الخاصة والمدارس الدولية، والعيادات الطبية وطب الأسنان المتخصصة، وخدمات معالجة النفايات تصنيعاً، أو تدويراً، أو حرقأً. كما سمحت الحكومة الماليزية للملكية الأجنبية في الولوج بنسبة 70 في المائة إلى خدمات شبكة الاتصالات، وخدمات المرافق ذات الصلة بالاتصالات، بعد أن كانت 30 في المائة سابقاً. وقالت المنظمة إنَّ ماليزيا أنجزت خطوات جديَّة في عملية شاملة لتحديث وتبسيط تشريعاتها ذات الصلة بالخدمات المالية، وأزالت القوانين الجديدة معوقات أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعي المصارف والتأمين، وأصدرت عدة قوانين تتعلق بخدمات الحجر الصحي والتفتيش، والتجارة الاستراتيجية، والمنافسة، والرقابة على الأسعار ومكافحة التربح. وفي الجانب السلبي، لاحظت منظمة التجارة أن ربع التعريفات الجمركية الماليزية تُستخدم كأداة لتنفيذ سياسات تجارية وصناعية تستهدف تنظيم تدفق الواردات، وتشجيع صناعات استراتيجية مختارة، ومن بين البضائع التي تخضع لمتطلبات إجازات الاستيراد، السيارات، وبعض الأدوية، والكيمياويات، والسُكَّر، والتبغ. وانتقدت المنظمة سياسة ماليزيا في مجال المشتريات الحكومية قائلة إنها لا تزال مستمرة في تفضيل الشركات المملوكة من قبل رجال الأعمال المحليين، وهي لا تدعو المقاولين الدوليين إلا عندما تكون السلع والخدمات غير متاحة محلياً. وبحسب منظمة التجارة فإنَّ ماليزيا عززت بشكل جيد أنظمتها المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية منذ عام 2009 بتعديل قوانينها المعنية ببراءات الاختراع، والتصميمات الصناعية، وحقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية، وتعزيز إجراءات إنفاذ القوانين ضد القرصنة عبر الإنترنت، وانضمامها إلى المعاهدات المتعلقة بالإنترنت التي تم التفاوض عليها في إطار المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية.