×
محافظة المنطقة الشرقية

نيمار يتصدر مراهقي كأس العالم

صورة الخبر

ملامح الأطفال المشاركين في الصراعات المسلحة لا تخطؤها العين، فصورهم حاضرة على موائد الفضائيات ووسائل الإعلام المهتمة بتغطية تلك الحروب، فيبدون بسواعدهم الغضة وهم يحملون أثقالاً ينوء بحملها الرجال، وتتعثر خطاهم وقت تعرض أماكنهم للقصف أو الهجوم المباغت، ويقتلون بدم بارد، فلا بواكي لهم، لا يعلمون شيئًا عن الأسباب الحقيقية وراء دوران تلك الرحى التي تطحن الأخضر واليابس، فقد يساقون لساحتها سوقًا مرغمين لا خيار لهم، باعتبارهم سلعة لا قيمة لها ووقودًا رخيصًا يذكى به نيران الصراعات المسلحة. وعلى الرغم من أن ظاهرة مشاركة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا في مناطق اشتعال الحروب بدأت تتمدد بشكل كبير إقليميًّا ودوليًّا خاصة في السنوات الماضية، إلاّ أننا نلمس عجزًا من قبل الجهات المخولة بحماية هذه الفئة، فلا يصدر عنها سوى تقارير وإحصاءات. طفولة على صفيح ساخن فقد أصدرت المفوضية الأوروبية، في يناير الماضي، تشير فيه إلى أن نحو 250 ألفًا من الجنود الأطفال، تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عامًا، يشاركون في المعارك التي تندلع في أنحاء مختلفة من العالم. كما أعلنت مفوضة الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان نافي بيلاي الأسبوع الماضي، أن أكثر من 9 آلاف طفل تم تجنيدهم في المعارك المستمرة منذ 4 أشهر في جنوب السودان من قبل الحكومة والمتمردين. وتُعرِّفُ مبادئ باريس بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، الطفلَ الجندي بأنه «أي طفل دون الثامنة عشرة من العمر، ولا يزال أو كان مجندًا أو مستخدمًا بواسطة قوة أو جماعة عسكرية في أي صفة، بما في ذلك الأطفال والغلمان والفتيات الذين يتم استخدامهم محاربين أو طهاة أو حمالين أو جواسيس أو لأغراض جنسية. أطعمة شهية على موائد الإرهاب وبعدما ثبت تجنيد الفتيات العربيات والأوروبيات للذهاب إلى سوريا، والزواج من مقاتلي القاعدة، اتجه التنظيم الإرهابي «داعش» لتجنيد الأطفال، فقد تداول عدد من الناشطين والتنسيقيات السورية صورًا من منطقة حلب الباب، لالتحاق حوالى 400 عنصر بالتنظيم، معظمهم من الأطفال والمراهقين الذين لم يتمّوا بعد الـ18 من عمرهم، بالإضافة إلى تدريب حوالى 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين السابعة والثالثة عشرة، وإلحاقهم بفصيل يحمل اسم «أشبال العز» في مدينة الطبقة غرب الرقة. الاتجار بالبشر غراس التطرف وفيما انتشرت في بعض دول الإقليم خلال السنوات الماضية، ظاهرة عمالة الأطفال، جراء فقر الأسر وارتفاع معدل التسرب من التعليم، سرعان ما تحوّلت، في بعض الحالات، إلى ظاهرة الاتجار بالأطفال واستغلالهم اقتصاديًّا سواء من خلال الأسر، أو من جانب عصابات محلية، أو مافيا دولية متخصصة في تهريبهم أو اختطافهم. وفي مرحلة لاحقة، بدأت تتصاعد ظاهرة إدماج الأطفال في المواجهات المسلحة داخل بعض دول الإقليم (خاصة في دول إفريقيا)، بسبب سهولة تجنيدهم، في ظل صغر سنهم وقلة خبراتهم، على نحو يشير إلى احتمال بروز ظاهرة «المتطرفين الأشبال»، في ضوء تصاعد حدة الصراعات المسلحة التي تجتاح دولا عديدة في الإقليم. وتتنوع استراتيجيات تجنيد الأطفال بين الطوعي في مقابل الحصول على أموال، لا سيما مع انتشار الفقر وانخفاض معدلات النمو والتنمية في دول الإقليم، وبين الإجباري القائم على الخطف والترهيب. اليمن محرقة العصر للأطفال وترتبط ظاهرة تزايد معدلات تجنيد الأطفال في العديد من دول الإقليم بتصاعد حدة الصراعات وكثافتها منذ انطلاق موجة الثورات العربية في مطلع عام 2011، خاصة في اليمن وسوريا والصومال وباكستان وأفغانستان. وتأتي اليمن في مقدمة تلك الدول، فقد أشار تقرير دولي تم تقديمه للأمين العام للأمم المتحدة، في منتصف عام 2013، إلى أن أطراف الصراع المختلفة، مثل الجيش النظامي، والقبائل المسلحة، وجماعة الحوثيين، وتنظيم القاعدة، وأنصار الشريعة، تلجأ إلى تجنيد الأطفال في المواجهات المسلحة، خاصة في محافظات صعدة وأبين وخنفر وزنجبار. سوريا فيها سم قاتل للبراءة كما انتشر أيضًا هذا النمط مع تصاعد حدة الصراع داخل سوريا، خاصة بين صفوف الجماعات التي ترتبط بـتنظيم القاعدة، لا سيما تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة، وهو ما انعكس في بث مقطع فيديو تحت عنوان «رسالة من أحد أشبال دولة الإسلام في العراق والشام» لطفل قدم نفسه على أنه أبو بكر البغدادي، ويحمل سلاحًا حربيًّا، ويتدرب على إطلاق النار، وهو ما يتزامن مع إعلان تنظيم «داعش» عن تأسيس معسكر «أشبال الخلافة» في دير الزور لتدريب المقاتلين من الأطفال والأشبال على استخدام السلاح. وفي هذا السياق، يشير أحد التقارير التي صدرت مؤخرًا عن منظمة «اليونيسيف» إلى أن سوريا صارت أخطر مكان في العالم على الأطفال، بعد أن وصلت الأخطار إلى الموت والإصابة، حيث يتم تجنيد أطفال في سن 12 عامًا لدعم القتال في معارك. قنابل موقوتة في باكستان في حين تعتمد حركة طالبان باكستان، بشكل مكثف، على تجنيد الأطفال لتنفيذ عمليات انتحارية، خاصة في وادي سوات، وفقًا للعديد من التقارير الحقوقية والإعلامية، فقد أعلنت الحركة، في أكثر من مناسبة، أن لديها ما يتراوح بين المئات والالآف من المراهقين المدربين على تنفيذ العمليات الانتحارية، في الوقت الذي أكدت فيه عدة دوائر حكومية أن نحو 5000 مراهق خضعوا للتدريب من قبل المقاتلين. الطفولة تذوب في الصومال وتُعتبر الصومال إحدى أكثر دول المنطقة التي تشهد تصاعدًا في عمليات استغلال الأطفال في الصراعات المسلحة؛ حيث تعتمد حركة شباب المجاهدين على الأطفال دون سن الثامنة عشرة كأداة رئيسة في تنفيذ عملياتها، خاصة في المنطقة بين دوسامارب وسيل جالجادو، حيث تتراوح أعداد الأطفال المنخرطين في الجماعات المسلحة في الصومال ما بين 2000 و3000 طفل. قوانين أممية تبحث عن تفعيل وتمثل ظاهرة تجنيد الأطفال، أو إشراكهم في الصراعات المسلحة، انتهاكًا صارخًا للقواعد القانونية المتعلقة بحظر استغلال الأطفال في الحروب والصراعات المسلحة، منها على سبيل المثال، اتفاقية حقوق الطفل في المادة (38) التي حظرت إشراك الأطفال دون الخامسة عشرة في الأعمال الحربية المباشرة، وهو ما أكده البروتوكول الاختياري للاتفاقية ذاتها، الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو عام 2000، والذي منع إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وحظر كافة نشاطات التجنيد الإجباري للأطفال ممن هم دون الثامنة عشرة من قبل القوى المسلحة. ويتسق ذلك مع الاتفاقية رقم (182) الصادرة عن منظمة العمل الدولية، والتي تحدثت باستفاضة عن التجنيد القسري للأطفال بغية استخدامهم في النزاعات المسلحة، واعتبرته أسوأ أشكال عمل الأطفال، في الوقت الذي ألزمت فيه الاتفاقية كافة الدول الأعضاء باتخاذ التدابير الفورية والفاعلة للقضاء على التجنيد العسكري للأطفال. كما اهتمت المحكمة الجنائية الدولية هي الأخرى بقضية تجنيد الأطفال، حيث نصّ نظام روما الأساس على أن تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة عشر عامًا، أو استخدامهم بشكل فاعل في أعمال عدائية؛ يعتبر جريمة حرب تقود إلى الملاحقة القضائية بصفة فردية. «أطفال لا جنود» إنقاذ ما يمكن إنقاذه بدأت جهات عديدة في بذل مساعٍ حثيثة لتحجيم ظاهرة «الجنود الأطفال»، وقد اتخذت تلك الجهود عدة مسارات، تتمثل في الجهود الأممية، حيث أطلقت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة، وأنتوني لاك المدير العام لمنظمة اليونيسيف؛ حملة تحت عنوان «أطفال لا جنود»، في 7 مارس 2014، بهدف وضع حد لاستغلال الأطفال في النزاعات المسلحة من الآن وحتى عام 2016، وقد حظيت تلك الحملة بدعم وتأييد كبيرين من مختلف الدول والمنظمات الدولية، لا سيما مجلس الأمن. ومن بين تلك الجهود قيام بعض دول الإقليم باتخاذ قرارات لتقييد الظاهرة، فقد وجه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في فبراير 2014، تعليمات لكافة الجهات العسكرية والأمنية بعدم تجنيد الأطفال دون الثامنة عشرة، معتبرًا أن تجنيدهم يُعد جريمة في القانون الدولي، وفي الوقت ذاته طالب كافة الأحزاب والميليشيات القبلية بعدم «خداع» الأطفال واستغلالهم في مجالات تعتبر محرمة من وجهة نظر القوانين والأنظمة الدولية. كما أصدر منى أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، في 13 ديسمبر 2013، قرارًا يحظر على كافة أعضاء الحركة تجنيد واستخدام الجنود الأطفال. مبادرات شعبية كما ظهرت عدة مبادرات وحملات شعبية لمكافحة ظاهرة تجنيد الأطفال، أبرزها مبادرة «لا لتجنيد الأطفال وإشراكهم في العمل المسلح في سوريا»، والتي قامت بإطلاقها مجموعة من الشباب السوري، التي وسعت نشاطها ليتجاوز المناطق التي تسيطر عليها قوي المعارضة إلى مخيمات اللاجئين التي رصدت فيها حالات عديدة لإرسال الأطفال إلى مناطق الصراع. المزيد من الصور :