نايف الرشدان إطلاق الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم لجائزة تعنى باللغة العربية وتشجع على ترسيخ أهمية التعامل بها يوحي بكثير من الرقي والتفهم للخطر المحدق بالأمة، جراء ابتعادها عن سبب رئيس يقوم عليه توحيد الكيان العربي من محيطه إلى خليجه، هذا من جانب، ومن جانب آخر تمنح أبناء العربية فرصا لاستعادة ما ذهب من اللسان العربي وإقامة ما اعوج منه، إلى جانب مهم آخر وهو إيقاظ الهمم لدى كل من ولي أمرا من أمور تعليم أبناء العرب بالعناية بالفصحى والتمسك بها، وتعويد الأبناء على التحدث والاستمرار عليها. إن (جائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية العالمية) في حين تهدف إلى تشجيع الإسهامات الاستثنائية في خدمة اللغة العربية، لتؤكد على حقيقة واحدة، وهي جدية الشيخ ابن مكتوم وصدقه في التفاعل مع قضايا أمته، هناك من يقدم الجوائز الجادة للأعمال الجادة، إذ أن هناك آلاف الأسباب للشهرة من وراء الجوائز، وهناك آلاف الأسباب للمغنم المالي والمكسب الاستثماري من وراء بعض الأعمال التي تأتي على هيئة جائزة، وهي تنحو مناحي متفرقة ما بين بحث عن الأضواء فحسب، أو تكسب من وراء بعض الأعمال. وهي، مع عنايتها بمصادر العربية من تراث ومراجع وموروث، لا تغفل الالتفات للمنجز الحديث العصري على مستوى التقنية والابتكار والتطوير والترجمة، وسيطال هذا الاهتمام مجالات الإعلام والتعليم والمراكز البحثية ومراكز الترجمة وغيرها. المهم أن يسخر لهذا العمل الرجال الأكفاء وأرباب اللغة المميزون الذين لديهم قدرة على التكيف مع متغيرات الحياة وإيقاع العصر المعرفي والعلمي، إلى جانب التمتع بقدر كبير من الحس الفني. ولعلي لا أكتمكم سرا إذا ما قلت لكم إنه لم يقتل لغتنا، منذ بواكير تعليمنا، ولم ينفر طالبي ودها مثل أولئك الذين تولوا مهمة تعليمها والتصدي لعرضها، وهم يفتقرون إلى الموهبة الفنية والقيم الجمالية، فاستحالت اللغة والنحو على أيديهم مواد جامدة وحكايات مؤلمة مفزعة خلقت هوات وفجوات بين الطالب والعربية، إلا لدى مجموعة ممن أوتوا نصيبا من القدرات الحقة، قاموا خلالها بالغوص في البحار لاستخراج الدرر من أعماقها، في حين كان سواهم يدور حول البحر يفكر كيف يلتقط الزبد!!.