قبل أن أتحدث عن صورة السعودية في إعلامهم وإعلامنا، علينا أن نعرف صورة السعودية في عقولنا وكلامنا.. وما مصادر المعلومات التي تكوّن الصورة الذهنية لبلدنا لدى المواطنين قبل غيرهم؟ يجب أن نعترف بأن هناك قصوراً كبيراً في التعريف بالدولة والمجتمع، ولا يستطيع أحد أن يكوّن رأياً فيه قدراً كبيراً من الصحة عن بلده، أحياناً نتيجة تصرفات فردية لموظفين حكوميين.. تخالف نصوص قانونية، وتوجهات عليا في التعامل مع المواطنين، أو نتيجة عدم إدراك المواطن لقوة وأهمية بلده، وأحياناً يعود السبب إلى وسائل الإعلام المحلية التي لا تعكس حقيقة الدولة، أو تسرف في المديح والثناء بشكل يدعو لعدم تصديق ما يقال أو يُكتب في هذه الوسائل الإعلامية، وهنا تصبح الرسالة الإعلامية بلا معنى ولا تأثير، لأنها تُرسل ولا يتلقاها الجمهور المستهدف، ولأنها لم تفهم الجمهور المستهدف ولم تمهد بشكل كافِ للرسالة الإعلامية التي ترغب في توجيهها. بدأت في الحديث عن السعودي وكيف يرى السعودية، وأعتقد بأن بناء صورة ذهنية سليمة لدى المواطن أهم بمائة مرة من بناء صورة ذهنية جيدة لدى الغير، وأعتقد أيضاً بأن المواطن الفخور بمواطنته، والذي يعرف أهمية انتمائه، ولماذا ينتمي وكيف ينتمي لدولته، سيكون الوسيلة الأولى التي تستشعر المسؤولية وتعمل بمصداقية عالية لتسويق صورة ذهنية جيدة عن المملكة. هل الإعلام الحكومي ممثلاً بالتلفزيون الرسمي يتحدث عن مشكلات المواطنين الخدمية؟ هل يتفاعل الإعلام الحكومي بشكل مرضٍ مع القضايا الفكرية؟ هل يغذي الإعلام الحكومي المشاعر الوطنية بشكل فيه عنصر الدهشة وبجودة تتناسب مع التطور التقني في مجال الإعلام؟ هل يشعر المواطن السعودي بأن الإعلام الحكومي يمثله، أو يمثل طموحاته، أو يجيب عن تساؤلاته ويغنيه عن البحث في مواقع وجهات أخرى لمعرفة الشأن المحلي والحكومي؟ اسأل هذه الأسئلة التي تتمحور حول الإعلام كصناعة وكجهاز رسمي أيضاً، عليه واجبات حكومية تتعلق بالتنمية وتقديم المعلومات الموثوقة، والتعريف بالدولة، وهذا التعريف يجب أن يكون بلغة مقبولة من مجتمع يتطور ويتغير ولا يمكن أبداً توجيه الرسائل بشكل مباشر، ولا يمكن جذب المشاهد دون أن تتحدث عن هذا المشاهد وعن أحلامه ومشكلاته في إطار حرص الدولة على المواطن وعلى مصالحه وعلى تفعيل مشاركته في التنمية. إذا تفاعل الإعلام الحكومي مع الناس سيتمكن من إيصال الرسالة بشكل جيد، عملاً بالقاعدة الصحفية الشهيرة «اكتب عن الناس يقرأ لك الناس»، سيعرف المجتمع أن الحكومة جزء من المجتمع، وسيعرفون حقيقة التنمية التي تدور عجلتها بسرعة كبيرة، وسيذكرهم الإعلام بما تم إنجازه بأسلوب يجذب ولا ينفر، وهنا أقصد المحتوى المتعلق بالهوية، والمتعلق بتعريف المواطن بدولته، أو إعادة تعريف الاهتمامات والأولويات والخطاب الحكومي الذي شهد تطوراً كبيراً جداً. يعلم الجميع أننا نواجه حرب علاقات عامة ضخمة، ولا يعلم كثير منا أن هذه الحرب الإعلامية وإن لم تؤثر على المدى القريب سيكون تأثيرها مزعجاً جداً على المدى البعيد، والذي يسهل مهمتنا في مواجهة هذه الحرب أنها قائمة على أخبار مختلقة، ومصادر غير موثوقة وعلى تحليلات يُدفع لأصحابها أموال للتشدق بها يميناً ويساراً. مواجهة الحرب الإعلامية هي في تحصين الهوية الوطنية، وفي تعزيز الانتماء، وفي تطوير الإعلام الحكومي، أو بالأصح مسار الخطاب الإعلامي، وأن نفتح مصادر معلومات أكبر وأوسع بلغات مختلفة وأن نصنع متحدثين أكفاء يعبرون عن شعب وحكومة وتاريخ ومستقبل بثقة وصدق. لدينا أيضاً قوة ناعمة في جميع القارات تقريباً، لدينا شباب وشابات بإمكانهم أن يكونوا سفراء فوق العادة لبلادهم لدى مجتمعات، يسوق أعداء السعودية لديها كل ما يدعو لنبذنا والنفور منا.