×
محافظة المنطقة الشرقية

"التصنيع" تعزز قيمها للإبداع والابتكار ودعم التنمية المستدامة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي في 2005، صدر كتاب «كيف تكتب عن أفريقيا» لصاحبه الكيني بينيافانغا وإينانينا، وتصدرت نصائحه الساخرة العبارات التالية: «استخدم كلمة افريقيا أو السوداء أو سفاري في العنوان»... «لا تنشر صورة افريقي «عادي» على الغلاف إلا إذا كان حائزاً جائزة نوبل... يستساغ اختيار صورة قاذفة «أي كاي-47»، أو ارداف عارمة وأثداء عارية... لا تنسَ ان تصف الجوعى أو الميتين او البسطاء... اما الأطفال فبطونهم منتفخة والذباب على وجوههم... والحيوانات ودعاء وأوفياء لقيم العائلة وحكماء. والفيلة يشغلهم الاهتمام بالآخرين وهم «نسويون» (يرفعون لواء حقوق النساء)، شأن الغوريلا. وفي الختام لا غنى عن استعادة قول لنيلسون مانديلا يتغنى بأقواس قزح». ومثل هذه الصور المشوهة عن افريقيا تغلب على وسائل الاتصال الاجتماعية رداً على فظاعات بوكو حرام في الأسبوع الماضي. فوراء التنديد الدولي بالخطف والقتل في نيجيريا، وهو مرحب به ولو تأخر، ثمة رأي سائد يزعم ان افريقيا هي مكان مجهول تعمّه الفوضى والتفلت من قيد القوانين حيث تقع حوادث وحشية، وإن سكانها المساكين يحتاجون الى المساعدة. ولكن هذا الرأي يخالف الواقع. فأفعال بوكو حرام ليست أبرز ما يدور في افريقيا أو نيجيريا. فأفعالها هي رد دفاعي ومحافظ على المنعطف الأفريقي. وهذا قوامه نمو اقتصادي كبير وتعاظم وتيرة التمدين والتحديث. والذعر يهز اوصال من يخشى هذه التغيرات. فعلى سبيل المثل، بلغت نسبة النمو في نيجيريا 6.7 في المئة في 2012، و7.4 في المئة في موزامبيق، و7.9 في المئة في غانا. ويتوقع ان يبلغ النمو في جنوب الصحراء الكبرى 5.2 في المئة في هذا العام. وفي 2011، لم تقل عائدات 60 مليون اسرة افريقية عن 3 آلاف دولار. وفي 2012، ارتفع عدد مثل هذه الأسر الى 100 مليون اسرة. والتجارة بين افريقيا والعالم ارتفعت معدلاتها 200 في المئة منذ العام 2000 الى اليوم. ومعدلات الفقر تنخفض واحداً في المئة سنوياً منذ 1996. ومعدل الأمل في الحياة يرتفع. ويعود ثلث هذه الثروات الى السلع. فالنمو في دول مثل إثيوبيا ورواندا- وهما لا تملكان احتياطياً نفطياً- ضخم. والفضل في النمو الأفريقي يعود الى الإصلاح الاقتصادي ورفع معدلات الإنتاج وتعاظم وتيرة التمدين ودوران عجلة الأنظمة السياسية في شطر راجح من الدول الأفريقية، ولو كان هذا الدوران بطيئاً. فأفريقيا ليست قارة يرثى لها يقصدها الطلاب والبعثات والمشاهير من اجل ان يفعلوا الخير ويحسنوا الى اهلها. بل هي مختبر حداثة القرن الحادي والعشرين. فوتيرة التحديث فيها هي الأسرع. والقوى المعارضة للحداثة والمقاومة لها لا تقف مكتوفة اليدين. وتمس حاجة غرب افريقيا الى صوغ فهم مختلف للإسلام. وصدام البنى المجتمعية القديمة وبناها الطرية العود يجلو على 3 صور تعم العالم وهي الأبرز في افريقيا: الصدام الأول مداره على التعددية والانفتاح. ففي هذه القارة سرى استخدام الهواتف الخليوية سريان النار في الهشيم. ووتيرة التمدين سريعة. وعلى سبيل المثل، اقتصر عدد سكان المدن هناك على 28 في المئة، في 1980، ولكنه ارتفع الى 40 في المئة اليوم. وهذا الانتقال الى السكن المديني ساهم في توسيع نطاق اختلاط المجموعات القبلية والدينية والتخفف من القيود الصارمة والتقليدية في اختيار نمط الحياة وأسلوبها. وإقرار قوانين قاسية معادية للمثلية في نيجيريا وأوغندا وبوروندي وعدد كبير من الدول هي رد على نازع الانفتاح الكوزموبوليتي. ويدور الصدام الثاني على التنمية الإنسانية. ففي العقد الماضي، ارتفع عدد تلامذة المرحلة الثانوية في افريقيا 50 في المئة. والإقبال على التعليم يساهم في الانفتاح الثقافي. وبوكو حرام تتوسل القتل والخطف - وشطر راجح من ضحايا الخطف إناث - في المدارس من اجل حمل الناس على الصدوع بهوامات متخيلة عن الماضي والعيش في هذا النموذج «السلفي» المتخيل. والصدام الثالث مرده الى الحكم وأساليبه. فثمانون في المئة من عمال افريقيا يعملون في القطاع غير الرسمي. والحكومات والبنى الناظمة منحازة الى شبكات النافذين والأثرياء، ولا تحتكم الى القانون ومعاييره غير الشخصية. ويسعى شطر راجح من الأفارقة الى ارساء حكم كفوء، ويبتكرون وسائل جديدة للتنسيق بين القطاع الرسمي والقطاع غير الرسمي. وأفريقيا تواجه مشكلات وثيقة الصلة بالحداثة: بروز المبادرة الفردية والاجتماعية وعجز المؤسسات الحكومية عن اللحاق بركب هذه التغيرات وتقديم الخدمات الأساسية.     * معلق، عن «نيويورك تايمز» الأميركية، 8/5/2014، إعداد منال نحاس