سبق أن قلت أن ثمة نسبة لا يمكن تجاهلها من الإحباط لدى شرائح واسعة من المجتمع السعودي. ولست في سياق بيان أسباب هذا الإحباط، لكنني وكل محب لبلاده أولا، ثم لأهله، ثم للإنسانية، لا يتمنى أن يبقى هذا الإحباط على ما هو عليه. الأمنية أن تتناقص مساحات الإحباط، مقابل مساحات التحفيز، وأن نستبدل التفاؤل بالتشاؤم، والإيجابية بالسلبية. الإحباط/التحفيز، والتفاؤل/التشاؤم، والإيجابية/السلبية، أضداد، كلما زادت مساحة أحدهما، تضاءلت مساحدة ضده، إذ بينهما علاقة أشبه ما تكون بالعلاقة الطردية. إبراهيم شاب عشريني، أصيب بحادث سير، أقعده في السرير الأبيض لسنة ونصف، وأصابه بالشلل. غرد إبراهيم من سريره في مستشفى الملك خالد، متحدثا عن ألم المريض الذي يلزم السرير لفترات طويلة، شاكيا عدم زيارة أهله له، فوالده مسن، وشقيقه مراهق يرتع مع صحبه. وحدها شقيقته التي تزوره كل جمعة. كتب رقم غرفته مستشفى خالد جناح ١٢ غرفة ٣ سرير٣، واتبعها بتغريدة كتب فيها «زيارة المريض فيها أجر كبير، فتعالوا». فتح الشباب السعودي الإيجابي الجميل، هاشتاق (ارتباط مرجعي) #إبراهيم ــ المشلول ــ يطلب ــ زيارته وبعد ساعات تحولت أسياب المستشفى إلى ممرات مكتظة بالشباب، وأصبحت غرفة إبراهيم كما عبر هو حديقة زهور من ورود الهدايا، وغرفة ممتلئة بعلب الشوكولاتا. هذه هي الإيجابية التي تجعل كل من نظر إلى صور الزوار الذين جاءوا إلى إبراهيم ابتغاء لوجه الله، وخدمة للمجتمع الذي نعيش فيه، وحرصا على بقاء قيم التواصل فيما بيننا. لا أحد نظر إلى الصور، أو سمع بما قام به الشباب الرائع، ولم يرفع رأسه ويتنشي بالفخر بأن هؤلاء هم أهلنا وإخواننا الطيبون أبناء هذه الأرض الطيبة. شكرا لكم لأنكم زرعتم شجرا من الإيجابية، واقتلعتم بفعلكم أشجارا من السلبية. لم تملأوا غرفة إيراهيم بالورود فحسب، بل زرعتم وروردا في نفوس شعب كامل.