لندن: عضوان الأحمري بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) من عام 2001، والتي استهدفت مواقع حيوية في الولايات المتحدة أهمها برجا مركز التجارة في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأشهر، بدأ نشاط إعلامي مكثف لتنظيم القاعدة تقوده مؤسسة «السحاب» تزامن مع الحملة التي شنتها قوات التحالف الدولية على أفغانستان. هذه المؤسسة التي دربت أحد من تولوا الشؤون الإعلامية لأفراد التنظيم وأنشطتهم في السعودية في الفترة من 2002 وحتى نهاية 2006 قبل أن يقضى على التنظيم وأنشطته الإعلامية والميدانية. * «البتار» و«صوت الجهاد» وكان لـ«القاعدة» كما كان يعرف اسمها «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» نشرتان إعلاميتان، نشرة «البتار» وهي المنشور العسكري حيث كانت هذه النشرة متخصصة في التدريبات العسكرية والرياضية وشرح طريقة استخدام الأسلحة وتنظيفها وصيانتها، كما كانت تحوي إرشادات حول كيفية استهداف الأفراد واغتيالهم. أما النشرة الأخرى فكانت تعمل على نشر فتاوى تكفيرية وتحريضية إلى جانب لقاءات مع أفراد التنظيم والخلايا المرتبطة. * أشهر الناطقين باسم «القاعدة» عيسى بن سعد آل عوشن، أحد أبرز القيادات الإعلامية لـ«القاعدة» وتلقى تدريبه مع مجموعات في أفغانستان لبث وكتابة ونشر أخبار وتقارير مرئية تابعة لمؤسسة «السحاب» التابعة للتنظيم، قبل أن يعود إلى السعودية مرة أخرى في منتصف 2002، وأطلق سراحه لاحقا لينضم إلى أفراد التنظيم الذين بدأوا بإعادة تشكيل خلايا على الأراضي السعودية. العوشن شارك إعلاميا في نشرة «البتار» التي أسسها قائد خلايا «القاعدة» في السعودية يوسف العييري والذي قتل على أيدي رجال الأمن السعودي عام 2003 بعد مطاردة برية، وبعد وفاة العييري أسس العوشن بتكليف من خليفة العييري في قيادة التنظيم عبد العزيز المقرن، الذي قتل هو الآخر مع ثلاثة متطرفين آخرين في يونيو (حزيران) 2004، ما عرف بمجلة وموقع «صوت الجهاد» وتسلم رئاسة تحريرها والإشراف عليها حتى قتل في مداهمة أمنية قام بها رجال الأمن في حي الملك فهد في العاصمة الرياض أسفرت عن مقتل العوشن ومعه متطرف آخر يدعى معجب الدوسري، في منزل يعود لصالح العوفي (يعد العوفي أحد أشهر القادة وقتل في 2005 على يد رجال الأمن السعودي، وكانت تسكن معه زوجته وابنته في المنزل وكان يأوي مجموعة من الإرهابيين عثر معهم على صاروخ «سام7» كما عثر على رأس الأميركي بول جونسون الذي قامت هذه المجموعة بأخذه رهينة وقطع رأسه إتباعا لمقاطع مرئية لأفراد التنظيم في العراق آنذاك، وبعد مقتل العوشن انتقلت القيادة الإعلامية إلى سعود العتيبي والذي يشترك مع من سبقوا أنهم كانوا على قائمة المطلوبين أمنيا الشهيرة والتي عرفت بـ«قائمة الـ26»، والعتيبي لم يصبح فقط ناطقا إعلاميا بلسان «القاعدة» أو مجرد مسؤول إعلامي، بل انتقلت إليه القيادة الرسمية بعد مقتل المقرن حتى توفي في نهاية شهر أبريل (نيسان) من عام 2005. الضربات الأمنية المتتالية للتنظيم في الفترة من 2003 وحتى 2005 أضعفت من الجهد الإعلامي لهم وخفضته، فبعد أن كانت تصدر نشرة «صوت الجهاد» مرتين كل شهر، توقفت لفترات متفاوتة لتصدر مرة في الشهر أو كل شهرين، وذلك بسبب التضييق الأمني والنجاح الذي حققته الحملة الأمنية التي نفذتها وزارة الداخلية بحق تنظيم القاعدة وأفراده على الأراضي السعودية. عبد العزيز بن رشيد الطويلعي العنزي، لعله آخر نشطاء «القاعدة» في النشر الإعلامي، والذي بسقوطه يمكن القول بأفول نجم نشرات «القاعدة» الإعلامية ونشاطها على شبكة الإنترنت. الطويلعي عرف بلقب «أخو من طاع الله» وكانت بداية شهرته في أوساط الفئة الضالة بعد كتابته لمقال نشر على منتديات إلكترونية بعنوان «سعودة المشاريع الجهادية»، وهو المقال الذي عده مراقبون نقطة تحول في فكر الطويلعي الذي كان ينشر مقالاته تحت الاسم المستعار «أخو من طاع الله» نظرا لشهرته الواسعة على الشبكة العنكبوتية وقدرته على إيصال الرسائل الإعلامية والمنشورات على نطاق واسع. ويعد الطويلعي من أمهر من تسلموا شؤون النشر والدفاع عن أفراد «القاعدة» وخلاياها، لكن ذلك لم يدم طويلا بعد أن وقع في قبضة رجال الأمن بعد مطاردة في مدينة الرياض. بعد الطويلعي كانت هناك محاولة بائسة لإعادة إطلاق منشورات «القاعدة» من جديد وإحيائها لكن هذه المحاولة لم تفلح، وكان يقودها شخص يكنى بـ«أبو عبد الله النجدي» قبض عليه عام 2007. * هويات قادة التطرف الإلكتروني منذ بدء هجوم قوات التحالف الدولي على أفغانستان لاستهداف مقرات ومعسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة في نهاية 2001، بدأ نشر الفكر المتطرف الموجه للسعوديين على المنتديات الإلكترونية يتزايد، وهو ما دفع بكثير من كتاب المنتديات إلى التحول من هواة كتابة إلى أعضاء مساهمين إعلاميا مع «القاعدة»، كما هو الحال مع الطويلعي الشهير بـ«أخو من طاع الله»، فمقالاته لم تكن تتسم بحدة في لغة التكفير أو التحريض، إلا أنه بدأ بالتأثر بمحيط تلك المواقع والمنتديات والتي كان يقود بوصلة التطرف فيها كتابيا رجل وامرأتان، باكستاني وعراقي وسيدة مصرية كانت تساهم في النشر الموجه للعناصر النسائية وحثهن على الجهاد بأنفسهن والتضحية لحماية الجهاديين. وعاد النشر بلغة أكثر تطرفا وتحريضا تجاه السعودية بعد دخول القوات الأميركية للعراق في 2003 لتخليصها من نظام صدام حسين، فبدأ النشاط الإعلامي المتطرف في ازدياد وبدأت لغة التحريض الحادة تعود مجددا بأسماء منوعة. * وسائل التواصل الاجتماعي.. ساحات جديدة مع التحذيرات الدولية، ولعل آخرها ما أطلقه المركز الدولي لدراسات الراديكالية في كينغز كوليدج في لندن حول أن الإنترنت وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي باتت فضاء مفتوحا للتجنيد، تسعى عدد من الدول إلى السيطرة على منابع النشر المتطرف، مع وجود رفض من قبل بعض مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم معلومات عن بعض الحسابات التي امتهنت نشر التطرف والتحريض ومشاهد القتل والدماء، وذلك كنوع من الالتزام بسياساتها في دعم حرية النشر. الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والتي تهدف لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السعوديين، تسعى لاستخدام موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» كموقع تواصل وتجنيد، وهو ما أقر به مجموعة من السعوديين العائدين من الأراضي السورية. ويبقى التحدي الحقيقي ليس للسعودية فحسب، بل للمجتمع الدولي في كيفية إيقاف تمدد سرطان الجماعات الجهادية في أنحاء العالم، ليس على شبكة الإنترنت فحسب، بل على أرض الواقع حقنا للدماء ونشرا للتسامح.