×
محافظة المنطقة الشرقية

كامل الموسى: حزين لرحيل الرمز .. وسأعود للوحدة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي سيتوجه الناخبون المصريون إلى صناديق الاقتراع يومي 26 و 27 المقبلين لانتخاب رئيس جديد للبلاد يحل محل الرئيس المعزول. ولأنه لم يتقدم بأوراق الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة سوى شخصين فقط، هما: عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي، فستنحصر المنافسة بينهما وستحسم نتائجها من الجولة الأولى، أي أنها انتخابات من جولة واحدة. لذا تختلف الانتخابات الرئاسية المقبلة اختلافاً بيّناً عن الانتخابات السابقة. ففي انتخابات 2012 تقدم 23 شخصاً بأوراق ترشحهم، قبلت لجنة الانتخابات أوراق ثلاثة عشر منهم ورفضت العشرة الباقين. والواقع أنه كان بوسع بعض من رفضت اللجنة أوراق ترشحهم إضفاء حيوية أكبر على هذه الانتخابات، وربما تغيير نتائجها تماماً. من بين هؤلاء: خيرت الشاطر، وعمر سليمان، وحازم صلاح أبو إسماعيل. فقد أيد ترشيح الشاطر في الانتخابات 277 نائباً، أي أكثر من عشرة أضعاف المطلوب، لكن طلب ترشحه رفض لعدم صدور عفو عام عنه بعد قضاء عقوبة حبس. أما حازم أبو إسماعيل فقد حصل على 152.853 (مئة وإثنان وخمسون ألفاً وثمانمئة وثلاثة وخمسون) توكيلاً من الناخبين بالترشح، وهو ما يعادل أكثر من خمسة أضعاف العدد المطلوب، لكن أوراقه رفضت بسبب حصول والدته المتوفاة على الجنسية الأميركية. واستطاع عمر سليمان أن يحصل على 49.389 توكيلاً، وهو رقم أكبر بنحو مرة ونصف المرة من عدد التوكيلات المطلوبة، لكن أوراقه رفضت لأن عدد التوكيلات التي حصل عليها من إحدى المحافظات لم يصل إلى الحد الأدنى المطلوب! ويعتقد كثيرون أن رفض أوراق ترشح هؤلاء بالذات كان لأسباب سياسية أكثر منها قانونية. خمسة فقط من بين المرشحين الثلاثة عشر الذين قبلت اللجنة أوراقهم تمتعوا بثقل انتخابي واضح، وحصدوا مجتمعين نحو 98 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة في الجولة الأولى من انتخابات 2012. فقد حصل محمد مرسي على 5.764.952 صوتاً (وهو ما يعادل 78.24 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة)، بينما حصل أحمد شفيق على 5.505.327 صوتاً (وهو ما يعادل 23.66 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة)، وحصل حمدين صباحي على 4.820.273 صوتاً (وهو ما يعادل 72.20 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة)، وحصل عبدالمنعم أبو الفتوح على 4.065.239 صوتاً (وهو ما يعادل 17.47 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة)، وأخيراً حصل عمرو موسى على 2.588.850 صوتاً، وهو ما يعادل 11.13 في المئة من الأصوات الصحيحة. أما المرشحون الثمانية الباقون، والذين لم يبلغ مجموع ما حصلوا عليه معاً سوى 2 في المئة من إجمالي الأصوات فتراوحت بين (05 في المئة للمرشح عبدالله الأشعل و 01.1 في المئة للمرشح محمد سليم العوا). لم تشكل كثرة عدد المرشحين في انتخابات 2012 دليلاً في حد ذاته على أن صندوق الاقتراع هو الوسيلة المثلى لفرز الأصلح. وكنت أول من كتب حينها قائلاً: إن أسوأ البدائل التي قد يواجهها الناخب المصري في الجولة الثانية من الانتخابات أن يضطر إلى الاختيار بين محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان، وأحمد شفيق، مرشح شبكة المصالح المرتبطة بنظام مبارك الذي ثار الشعب عليه، وهو ما حدث فعلاً، وكان الاختيار صعباً ومراً. أعفتنا انتخابات 2014، كما سبقت الإشارة، من الجولة الأولى لأن عدد المرشحين اثنان فقط، وسيعلن المرشح الذي يحصل على أصوات أكثر، أياً كانت نسبة المشاركة في الانتخابات، فائزاً بالمقعد الرئاسي. والأهم أن الانتخابات ستجرى في موعدها في جميع الأحوال، حتى لو لم يتبق على قائمة الناخبين سوى مرشح واحد، أي حتى في حال ما إذا قرر حمدين صباحي الانسحاب من السباق لأي سبب كان. فقط يشترط في الحالة الأخيرة حصول المرشح الذي سيخوض الانتخابات وحيداً، أو الاستفتاء في واقع الأمر على 5 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين المقيدين في الجداول الانتخاببة، أي أقل من 3 ملايين صوت، كحد أدنى، وإلا فتح باب الترشح من جديد. ولأن احتمال حصول المرشح عبدالفتاح السيسي على أقل من هذه النسبة إذا ما خاض الانتخابات وحيداً، هو أمر مستبعد إلى حد الاستحالة، فمن المؤكد أنه لن تكون هناك جولة إعادة، ولن يفتح باب الترشح من جديد. لذا يعتقد كثيرون أن عبدالفتاح السيسي سيعلن رئيساً لمصر في موعد غايته 5 حزيران (يونيو) المقبل، وربما قبل ذلك. فهل يمكن، في سياق كهذا، أن نعتبر أن الانتخابات الرئاسية لعام 2014 فقدت أحد أهم مقوماتها وهو التنافسية وتحولت بالفعل إلى ما يشبه الاستفتاء؟ الواقع أنه يصعب الجزم بذلك إلا في حالة الاقتناع بأن المرشح حمدين صباحي قبل دخول الانتخابات وهو على يقين بأنه سيخسر، وبالتالي قبل أن يلعب دور «المحلل» أو «الكومبارس». غير أن هذا الاحتمال ليس وارداً على الإطلاق، في تقديري على الأقل، لأنه يصعب تصديق أن يصبح حمدين بتاريخه وبمستقبله السياسي بمثل هذه السهولة. لذا أظن ان هذه الانتخابات ستكون تنافسية، كما أظن أنها ستزداد سخونة بمرور الأيام. بل لا أبالغ إن قلت إن نتائجها ليست محسومة على النحو الذي يتصوره الكثيرون. يعتقد البعض، وأنا واحد من هؤلاء، أن الخيار المطروح على الناخبين في الجولة الوحيدة لانتخابات 2014 أفضل بكثير من الخيار الذي كان مطروحاً عليهم في الجولة الثانية من انتخابات 2012. ولأن الانتخابات الحالية ستكون أكثر دقة وحساسية من الانتخابات السابقة، لأنها تأتي عقب عزل رئيس منتخب قبل أن يكمل فترة ولايته القانونية، فلن يكون الحكم على مدى نجاحها أو فشلها وفقاً للمعايير التقليدية، أي المعايير المتعلقة بمدى نزاهة هذه الانتخابات، وإنما سيكون الحكم عليها بمعيار آخر هو نسبة المشاركين في التصويت. وفي تقديري أنه لكي تنجح انتخابات 2014 يتعين ألا تقل عن نسبة المشاركين في انتخابات 2012. فهذه النسبة ستكون وحدها كافية للرد على الادعاءات القائلة بأن ما حدث في 30 حزيران كان أقرب إلى «الفوتوشوب»، أو أن ما حدث في 3 تموز (يوليو) كان انقلاباً عسكرياً، أو أن السيسي هو من خطط منذ البداية ليصبح رئيساً وفرض نفسه مرشحاً رغم أنف الجماهير. بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من انتخابات 2012 ما يقرب من 52 في المئة من المسجلين على القوائم الانتخابية، وحصل مرسي على 13.220.131 صوتاً. فإذا حصل المرشح الفائز في انتخابات 2014 على أكثر من هذا العدد من الأصوات، وبلغت المشاركة نسبة أعلى، فستطوى صفحة مرسي تماماً، وإلا فستتحول انتخابات 2014 إلى عبء على العملية السياسية بدلاً من أن تصبح خطوة على الطريق الصحيح.     * كاتب مصري