والآن، ما هي الخطة بعد غرق مكة؟، هل نكلف أرامكو بمشاريع تصريف السيول، أم نوكل المهمة للمهندس عادل فقيه؟، لماذا نتخيل دائما أن الحل سوف يأتي من فكرة خارج الصندوق؟ المشكلة أساساً في الصندوق. والحل في جوفه المغلق!. غرقت مكة.. على خطى جدة والرياض ورابغ وتبوك والباحة.. والحل ليس في عادل فقيه أو أرامكو أو سابك أو الدفاع المدني أو الحرس الوطني.. الحل في أصل المشكلة.. وأصل المشكلة يكمن في التعامل مع مظاهر الفساد الإداري، باعتبارها عوارض طارئة يمكن التغلب عليها واحتواؤها من خلال خطط عمل عاجلة دونما حاجة للاستئصال الذي قد يكون مؤلما نوعا ما!، وهكذا تبقى العلة على حالها، وإن توارت لفترة عن الأنظار، ولكنها سوف تعود في يوم ما أشد إيلاما. ** في صدفة ملهمة، غرقت مكة بمياه الأمطار في ذات اليوم الذي صدرت فيه أحكام ببراءة عدد من المتهمين في التسبب بكارثة سيول جده، في أيام سيول جدة أكدنا أن مرور السنوات دون محاسبة المفسدين الذين تسببوا في الكارثة، الكبار منهم قبل الصغار، سوف تكون نتيجته الحتمية غرق جدة مرة أخرى، وغرق كل المدن السعودية على التوالي.. وهذا ما حدث ــ للأسف الشديد.. لقد ألهمت نتائج تلك الكارثة الفاسدين كي يمضوا مطمئنين إلى أعمالهم، يشعرون بالأمان الكافي الذي يبعدهم عن رياح المساءلة أو حتى نسمات التغيير أو التدوير أو التطوير!. من الذي يمنعهم؟.. هيئة مكافحة الفساد؟!، هيئة مكافحة الفساد كانت قد نشرت بيانا قبل أيام يتحدث عن جملة من المخالفات الجسيمة التي ارتكبها عدد من موظفي أمانة العاصمة المقدسة خلال عملية توزيع أراضي المنح، فلم يهز هذا البيان الفضيحة شعرة في أمانة مكة، بل ردت على البيان ببيان مدجج بعبارات الثقة، أكدت خلاله أن كل ما قامت به نظامي و(في السليم)!. ويبقى السؤال الدائم: متى تأتي اللحظة التاريخية التي تجرف فيها السيول الهياكل الحالية لأمانات المدن وتبث فيها روح التغيير وترسخ في ممراتها إرادة التغيير؟، فالأداء السيئ لأمانات المدن يؤثر بشكل سلبي جدا على أداء كل القطاعات الأخرى. ** مشكلة المطر في مكة أنه يمر على الأزقة القديمة ويوسع الفجوات بين بعض الجدران التي تعرضت للإزالة، فتظهر من تحت الأنقاض صكوك تروي حكايات نزع الملكية وروايات اكتساب الملكية، وكلها قصص أقرب من الخيال يمكن أن يصبح خلالها المرء أغنى أغنياء الأرض في بضع سنوات، ويمكن أن يصبح أفقر من الفقر ذاته وبلا بيت أو تعويض مناسب وسيارته غارقة في السيول!.