×
محافظة المنطقة الشرقية

أميركا.. دولة الوصايا العشر

صورة الخبر

يأتي إعلان وزارة الداخلية بالقبض على 62 إرهابياً متورطين في خلايا تنظيم مشبوه داخل المملكة، يستهدف تهريب النساء إلى الخارج عبر الحدود الجنوبية، والتخطيط لعمليات إجرامية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية، واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين. ويأتي ذلك بعدما أخذت الأجهزة الأمنية المختصة ما يطرح على شبكات التواصل الاجتماعي على محمل الجد، بعد أن أصبحت ميداناً فسيحاً للفئات المتطرفة كافة، ووفرت وسيلة سهلة لتواصل أرباب الفتن في مواقع كثيرة، ما أدى إلى رصد أنشطة مشبوهة كشفت عن ذلك التنظيم، ويتواصل فيه عناصر التنظيم الضال في اليمن مع قرنائهم من أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا وبتنسيق شامل مع العناصر الضالة في عدد من مناطق المملكة، حيث بايعوا أميراً لهم وباشروا في بناء مكوناته. ليلقي الأضواء على الجرائم الإلكترونية، فالإنترنت هي إحدى أهم التقنيات الحديثة، فلقد حقق مستخدمو الإنترنت في العالم العربي أكبر وتيرة نمو في العالم كله في الفترة بين 2000 و2007م، بلغت نسبتها 93.18% بعدد يتراوح بين 28 و33 مليون إنسان من المجموع العالمي للمستخدمين والبالغ عددهم 1.319 بليون مستخدم بنهاية ديسمبر 2007م. وأصبح المتكلمون باللغة العربية يمثلون المرتبة العاشرة في العالم، وهذا الرقم مرشح للارتفاع وبسرعة هائلة، حيث ما زال يُعتبر ضئيلاً إذا ما قُورن بالدول الأخرى إذ يُشكّل العرب المتعاملون مع الإنترنت 5.7% من عدد السكان، بينما في أوروبا يبلغ 5.35% من العدد و4.67% في أمريكا الشمالية، و17% من سكان الصين يتعامل معها.. وتذكر إحدى الدراسات الحديثة أن هنالك 4.5 مليون سعودي يتعاملون أو تعاملوا مع الإنترنت أي 18% من سكان المملكة، الغالبية العظمى من هؤلاء هم من جيل الشباب، وذكرت الدراسة أن نسبة منهم دخلت مواقع فاسدة أخلاقياً أو فكرياً، وهذا في حد ذاته مشكلة. لقد ظهر التزاوج بين الإنترنت والإرهاب بشكل أكبر وضوحاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فلقد انتقلت المواجهة ضد الإرهاب من مواجهة مادية مباشرة واقعية انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أصبح الإنترنت من أشد وأكبر الأسلحة الفتاكة .. ولقد استخدم أرباب الفكر الضال والإرهاب الإنترنت في معركتهم على محاور عدة، أهمها: أن يصبح الإنترنت عاملاً مساعداً للعمل الإرهابي التقليدي المادي، وذلك بتوفير المعلومات الضرورية عن الأماكن المستهدفة أو كوسيط في عملية التنفيذ، وثانياً هو تأثير الإنترنت العضوي والنفسي من خلال التحريض على بث الكراهية والحقد وحرب الأفكار، وثالثاً: الإنترنت يعطي صورة رقمية من خلال استخدام آلياته الجديدة في معارك تدار رحاها في الفضاء الإلكتروني التي لا يقتصر تأثيرها على بعدها الرقمي وتتعداه لإصابة أهداف أخرى. ولقد تطورت المواقع الإرهابية التي تنشر فكر القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية من أربعة مواقع في عام 1998م إلى قرابة العشرة في 2001م، ومن أحداث الحادي عشر من سبتمبر حصل لهذا الفكر انفجار في العدد والسعة والكثافة، فتحولت من عشرة إلى قرابة أربعة آلاف في غضون أربع سنوات، وهي اليوم تُعد حسب إحدى الإحصائيات أقرب للعشرين ألف موقع. لقد أصبحت الخلية الإرهابية لا يهمها كم من الناس قتلوا بقدر ما يهمها كم من الناس شاهدوا وتفاعلوا مع الحدث الإرهابي، وهذا حوَّل أفراد الخلية الإرهابية من مجموعة قليلة من الناس مبعثرة جغرافياً لتُشكّل مجتمعاً خاصاً بها يساعدها على الالتحام والتواصل الدائم، هذا الأمر يُوهم الآخرين بأن هذا المجتمع كبير وغير محدد الأبعاد الكمية وقوي ومنظم.. بينما هو على العكس تماماً فقد تكون هذه الخلية قائمة على شخص واحد أو شخصين مع أجهزة حاسب محمول والكثير جداً من وقت الفراغ. يجب أن نعترف بأن الإرهابي بالأمس كان يتسلح ببندقية، أما إرهابي اليوم فجهاز حاسب محمول، وهذا الذي حول الإنترنت لأداة رئيسة في النشاط الإرهابي الدولي.. لقد خدم الإنترنت الخلية الإرهابية من حيث تضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا التي تمتلك عدداً قليلاً من الأفراد لديهم أو لدى أحدهم خبرة بالإنترنت وبرامج الملتيميديا لبث رسائل إعلامية تخدم أهدافهم لشن حرب نفسية ضد مستهدفيها والدعاية لأهدافها وأنشطتها بعيداً عن وسائل الإعلام التقليدية .. كذلك لتحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات والخلايا ولتبادل المقترحات والأفكار والمعلومات الميدانية حول كيفية إصابة الهدف واختراقه والتخطيط والتنسيق للعمل الإرهابي.. كذلك في تدمير مواقع الإنترنت المضادة واختراق مؤسسات حيوية أو حتى تعطيل خدماتها الإلكترونية. إن أهم العناصر التي تخدم الخلايا الإرهابية التي توفرها لها الإنترنت: - التنقيب عن المعلومات: حيث إن شبكة الإنترنت عبارة عن مكتبة مليئة بالمعلومات الحساسة. - الاتصالات: حيث تساعد الشبكة الإلكترونية على الاتصال بين أعضاء الخلية الإرهابية بعضهم ببعض والتنسيق فيما بينهم، وذلك لقلة تكاليف الاتصالات مقارنة بالوسائل الأخرى، كما تمتاز بوفرة المعلومات التي يمكن تبادلها بالصوت والصورة. - التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد: وهذا الأمر يحافظ على استمرار الخلية وبقائها، وهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم ويجتذبون الصغار بعبارات حماسية مثيرة خاصة من خلال غرف الدردشة الإلكترونية. - إعطاء التعليمات والتلقين الإلكتروني: وذلك بواسطة مواد مرئية ومسموعة تشرح وببساطة طرق صنع القنابل والأسلحة الكيماوية. التخطيط والتنسيق: حيث تُعتبر الإنترنت وسيلة اتصال بالغة الأهمية بالنسبة للمنظمات والخلايا الإرهابية، حيث تتيح التنسيق لشن هجمات إرهابية ويستخدم أرباب الإرهاب emails وchat rooms وغيرها لتدبير الهجمات الإرهابية وتوزيع الأدوار وتنسيق الأعمال والمهام لكل عضو في الخلية. - الحصول على التمويل حيث إن أرباب الإرهاب يحصلون من الإنترنت على قوائم إحصائية سكانية للتعرف على الأشخاص ذوي القلوب الرحيمة، ومن ثم استجداؤهم لدفع تبرعات وصدقات وزكوات لأشخاص اعتباريين أو مؤسسات خيرية يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين، وذلك بطرق لا يشك فيها المتبرع بأنه يساعد إحدى المنظمات الإرهابية. - مهاجمة المنظمات الإرهابية الأخرى: حيث إن الإنترنت هي حلبة مصارعة بين المنظمات وبين الخلايا وحتى أعضاء الخلية الواحدة وتمتلئ المواقع الإلكترونية بالسباب والتشاتم واللعان بينهم. وللأسف لقد أصبح اليوم وفي عصر الإرهاب الرقمي الحاسب الآلي المحمول وكاميرا الفيديو بأهمية وخطورة الكلاشينكوف «الآر بي جي»، وهذا ما أشار إليه أحد قادة الإرهاب عندما ذكر «أننا نخوض أكثر من نصف معركتنا في الساحة الإلكترونية والإعلامية» وقدم نصيحة لكوادره قائلاً: «عليكم أن تدركوا أن كل لقطة تلتقطونها هي بأهمية صاروخ يطلق على العدو..........». لقد استغل الإرهاب الحاسب والكاميرا إلى أقصى حد ممكن فأصبحت تقدم أدلة عسكرية على شكل كتب وأفلام وسلايدات «باور بوينت» تتضمن معلومات شتى عن الأسلحة والاغتيالات وصنع المتفجرات والسموم.. لقد أصبحت شبكة الإنترنت الواسعة وكأنها معسكر تدريب افتراضي للإرهابيين، ولقد نشرت النيويورك تايمز تقريراً يؤكد أن 90% من الهجمات الإرهابية استخدم فيها متفجرات صناعة يدوية من تلك التي توجد وصفاتها بكثرة على الإنترنت .. لقد لعب البريد الإلكتروني دوراً مهماً في التواصل بين الإرهابيين وتبادل المعلومات بينهم...... للأسف يُوجد على الشبكة الإلكترونية بعض المواد التي تُعتبر بمثابة دروس مجانية للإرهابيين، ابتداء من بيان كيفية صناعة الزجاجة الحارقة، مروراً بكيفية صنع الطرود المفخخة وصولاً إلى كيفية صناعة بعض القنابل.. لقد أصبح الإرهاب الحديث أكثر ضراوة لاعتماده على التكنولوجيا المتطورة للإنترنت التي ساعدت المنظمات الإرهابية في التحكم الكامل في اتصالاتهم ببعض، مما زاد من اتساع مسرح عملياتهم الإرهابية، وبالتالي أصبح من الصعوبة اصطياد هذا الوحش الإلكتروني الجديد وتدميره وقتله. الإرهاب الإلكتروني هو إرهاب الغد نظراً لتوسع وتعدد وتنوع مجال الأهداف التي يمكن مهاجمتها مع توفير قدر كبير من السلامة للمهاجمين وعدم تعرضهم لخطر اكتشاف هوياتهم أو حتى المواقع التي شنوا هجومهم منها إلا بعد وقت طويل وجهد في البحث .. هذا الإرهاب الإلكتروني له خسائر هائلة فتوقف التجارة الإلكترونية مثلاً ليوم واحد قد يتسبب في خسائر لأكثر من ستة مليارات دولار، وهكذا يمكن لمنظمة إرهابية إلحاق الكثير من الأذى والخلل لأعمال البنوك والبورصات وحركة الطيران، بل وحتى تغيير مواصفات تركيبة الأدوية في مصانع الأدوية مما يترتب عليه خسائر في أرواح البشر. لقد دمرت منظمة إرهابية في أستراليا عام 2000م شبكه الصرف الصحي بواسطة عملية إلكترونية وفي نفس العام عندما أفلحت منظمة آوم شيريكو الإرهابية اليابانية في اختراق نظام البرمجة المتحكم في مسار أعداد هائلة من سيارات الخدمة العامة بواسطة التلاعب بأنظمة الحاسب والإنترنت من أعطال أنظمة أكثر من خمسين شركة يابانية كبرى واختراق أنظمة عشر إدارات حكومية وتوجيهها لصالحها، ولم يتم اكتشاف هذه الاختراقات إلا بعد أن تكبدت الشركات والحكومة خسائر باهظة، كذلك استطاعت إحدى المنظمات الإرهابية مسح جميع البيانات السكانية لليابان بواسطة اختراق أحد المواقع الحكومية، وفي عام 2000م حصلت أكثر من مائة وثمانين ألف حالة اختراق إلكترونية لمؤسسات اقتصادية ومالية كبرى في العالم، وهذه الهجمات والاختراقات تزيد بمعدل 60% سنوياً. لقد أضحت «الإنترنت» الساحة المتاحة لمعتنقي الفكر التكفيري لاجتذاب الشباب من خلال الشات وغرف البالتوك أو بنشر أفكارهم على التويتر والفيس بوك والكيك والواتس أب والإنستقرام وغيرها. وعلى المنتديات أو من خلال المواقع التي تُعبّر عن الجماعات التي تعتنق هذه الأفكار .. ولقد تولدت قناعة لدى بعض المؤمنين بأفكار التنظيمات الإرهابية أن الإنترنت مجال لما أطلقوا عليه الجهاد الإلكتروني ودفعهم ذلك لتدمير المواقع المخالفة لنهجهم ومحاولة نشر فكر التنظيم، وبالتالي أصبحت الشبكة هي البديل لمن لم يتمكن من الإرهاب كسلوك، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو تصوير وإظهار ممارسي الإرهاب الرقمي بمظهر البطولة والقدرة التي جعلت منهم نجوماً يسعى الكثير من المراهقين لتقليدهم والإفادة من تجاربهم الإرهابية والمتطرفة والتكفيرية.. هل يصدق أن أحد المواقع الإرهابية الكبيرة أسست ما أسمته جامعة الجهاد الإلكترونية تحتضن عدة كليات منها كلية الجهاد الإلكتروني وكلية جهاد النفس وكلية تقنية العبوات الناسفة والسيارات المفخخة وكلية الجهاد الإعلامي بإمكانيات هائلة في التواصل الصوتي والمرئي والمكتوب بطبيعة سرية وفورية وقليلة التكلفة لتساعد التنظيم الإرهابي على بناء علاقات بين أعضائه في الفضاء الخارجي بعيداً عن المراقبة الأمنية، يُستفاد من ذلك في أعداد هائلة من الزوار من مختلف الجنسيات يمكن للتنظيم أن يجند بعضهم أو يكسب تعاطف البعض الآخر. وكعينة لإرهابيي الإنترنت يونس واسمه في الإنترنت (إرهابي007) وقبض عليه في أكتوبر 2005م.. ويونس هذا لم يطلق طلقة واحدة في حياته ولكنه أكثر خطراً من عشرات الإرهابيين، حيث لعب هذا الشاب في إعادة تنظيم القاعدة بعد سقوط نظام طالبان.. كان يونس يعمل مع اثنين من المتعاملين معه ومع أنه لم يسبق لهم الالتقاء وجهاً لوجه مطلقاً فإن جميع الاتصالات واللقاءات كانت عبر الشبكة العنكبوتية.. لقد كانت هذه الخلية تدير شبكة لبطاقات الاعتماد المزيفة بقيمة بلغت 8.1 مليون جنيه إسترليني وأنفقت هذه الأموال على شراء معدات لتنظيمات إرهابية وتصميم مواقع تكفيرية متطرفة على الشبكة الإلكترونية .. كما تبيَّن أن لهذه الخلية خاصة (إرهابي 007) ارتباطاً بالتخطيط لتفجير مواقع عسكرية ومدنية في واشنطن ولندن وله علاقة بالخلية من الأطباء التي حاولت تفجير مطار غلاسكو وعثر بجهاز (إرهابي007) على رسالة تقول (نحن 45 طبيباً مصممون على نقل الحركة إلى داخل أمريكا الفاسدة).. كما وجد في حاسبه كذلك مخطط لضرب قاعدة بحرية أمريكية في فلوريدا.. وهذه عينة فقط لإرهابيي الإنترنت ومدى فاعليتهم وخطرهم على المجتمع والأمن ككل. من المهم معرفة التمويل الإلكتروني، فعددٌ كبير من المواقع الإلكترونية تقدم دعايات وإعلانات وخدمات وتقبض أموالاً طائلة في مقابل ذلك، وقد يكون الموقع عادياً ولكنه واجهة لخلية إرهابية، ودلَّت بعض الدراسات أن بعض هذه المواقع يصل دخلها إلى ملايين الريالات، وهذه المواقع «العادية» تبهر المتصفح بالإعلانات المصممة تصميماً أقرب للخيال العلمي، وهي بذلك تربح الملايين من الريالات من هذه الدعايات والإعلانات والخدمات المقدمة, وللأسف الشديد لا يُعرف أين تذهب هذه الأموال؟ كذلك من الإستراتيجيات الفعَّالة التنسيق مع محركات البحث أمثال جوجل، وياهو، ويوتيوب، ووندوز لايف، ومكتوب، والفيس بوك، وغيرها لمنع دخول الإرهابيين لهذه المواقع وعدم استخدام مواقعهم كوسيلة نشر للفكر الإرهابي .. كما أن ضرورة توحيد التشريعات الأمنية على المستوى الدولي؛ بغية تعزيز قاعدة البيانات للمطلوبين أمنياً .. ومن الإستراتيجيات كذلك محاولة إنشاء هيئة وطنية تهتم بمكافحة الإرهاب والجرائم المرتبطة بشبكة الإنترنت تابعة لوزارة الداخلية أو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.