×
محافظة الباحة

منسوبي غامد المتوسطة يكرمون ” أصدقاء البيئة “

صورة الخبر

غريب هو الخطاب الميكافيلّي الذي صرح به زعيم تنظيم القاعدة الظواهري مؤخراً حول جماعة الإخوان عندما قال (بأن لهم الحق في استخدام القوة ضد الظلم الذي يواجهونه، مضيفاً: "هاجمهم العلمانيون والجيش بأموال الخليج وبتخطيط أمريكي وتحريض إسرائيلي ومؤامرة صليبية) ورغم أنه كان يسوغ عنفهم الميداني في مصر، حيث إن العنف هو إحدى سمات تنظيم القاعدة، إلا أن توقيت هذا التصريح وفحواه يستوقفانا بسبب قائمة الخلافات الجذرية بين الإخوان والقاعدة فكرياً وعقدياً. فجماعة الإخوان من ناحية هي جماعة دعوية ذات طموحات سياسية، ولايجدون بأساً في المشاركة بالعمل الحزبي والانخراط في المؤسسات الحكومية داخل الدولة الحديثة، بينما من ناحية أخرى تنظيم القاعدة يقوم على عولمة الجهاد وكان اسم التنظيم الذي أسسه الظواهري في مصر قبل أن يندمج في القاعدة(الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين)، بالإضافة إلى كونهم يكفرون الشكل الحديث للدولة ومؤسساتها من برلمانات وأحزاب وشرطة ويرفضون المشاركة بها. ولطالما اتسمت العلاقة بين القاعدة والإخوان بالتوتر والتشكيك والطعن وكيل الاتهامات، ورغم أن المنظر الأول لفكر القاعدة (عبدالله عزام) خرج من عباءة الإخوان، إلا أن الإخوان ظلوا يتبرأون من الفكر القاعدي ويدفعون عن أنفسهم تهمته، ويصنفونه كفكر تكفيري متطرف، وينسبونه بشكل موارب كذراع عسكرية للتيار السلفي المتطرف. ويذكر الباحث (نعيم التلاوي) في بحث مقارن له بين الطرفين لم تشارك جماعة الإخوان في المراحل التأسيسية للقاعدة في أفغانستان، لكونها تحبذ الفكر الإصلاحي ذا النفس الطويل والعمل الدؤوب لدى الإخوان المسلمين، فمنظّر ومؤسس الجماعة حسن البنا كان يحثهم على (البعد عن مواطن الخلاف الفقهي). ومن هنا لم يكن لم يكن معيار الولاء والبراء حاضراً في أيدلوجية جماعة الإخوان، بل لم يكن ممكن الحضور خاصة وأن الجماعة ليست مهتمة بالمصطلح العقدي بقدر اهتمامها وحرصها على انتشار الدعوة عبر العمل الاجتماعي، الذي يضمر طموحاً سياسياً، وكما قال مؤسس الجماعة يبقون في حالة كمون إلى أن يجدوا الوقت المناسب (وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله). أخيراً لم يكن العالم بحاجة إلى هذا التصريح من الظواهري ليعرف بأن الأصوليات السياسية شبكة ممرات أرضية معقدة كخلية النحل بعضها يفضي إلى بعض ومهما حاول الباحثون والدارسون القيام بعملية فرز وفهرسة بين تلك الأصوليات المتطرفة من قاعدة وإخوان وجهاديين وجاميين وسروريين وداعشيين وقوائم أخرى لامتناهية إلا أنها تظل ترشف من ذات النبع وتحمل نفس الأجندات السياسية التي تتربص الوصول عبر أقرب بوابة وأسهل طريقة ميكافيلّية تقودها نحو العرش. الآن ليست تلك الجماعات هي التحدي المستقبلي الوحيد أمام الوحدة الوطنية المحلية، ولكنها قوائم بمتطلبات المرحلة التنموية القادمة، التي تحفظ السلم الاجتماعي، وتغلق باب المزايدات، هذه القوائم تسير بموازاة خطة إصلاح وطنية عميقة ومتجذرة للكثير من الجوانب الإدارية في الدولة، مع توسيع دائرة المشاركة الشعبية. عندها لن تحتاج الحكومات أن تقنع هؤلاء بأن يترجلوا عن خشبة المسرح ويتقهقروا إلى الكواليس، لأنه ببساطة الأدوار التي كانوا يمارسونها والمزايدات التي يروجون لها والشقوق التنموية التي كانوا يتسللون منها قد سدت، لم تعد جزءاً من اللعبة المحلية أو المسار الدولي والعالمي، وأن الخطاب الأممي الذي كان يستقطب أحلام الجماهير ستستيقظ منه الجماهير سريعاً بجيوب خاوية وموائد متقشفة ومقاعد متقهقرة في مسار التحضر العالمي. هم في واقعهم لايمتلكون حلولاً سحرية، سواء القاعدة أم الإخوان كونهم يقبعون في أرض الشعار.. هم فقط بحاجة إلى نهضة إصلاحية شاملة تحتفي بالوحدة الوطنية.. لتزيلهم عن خشبة المسرح.