شارك عشرات الآلاف من الأشخاص معظمهم من الأميركيين السود في وسط واشنطن في الاحتفال بالذكرى الخمسين للخطاب التاريخي لمارتن لوثر كينغ «لدي حلم» حول الحقوق المدنية. وتجمع حشد كبير رفع عدداً كبيرا من اليافطات لساعات السبت، حول بحيرة كبيرة مقابل تمثال الرئيس السابق أبراهام لينكولن. وفي هذا المكان بالتحديد، أطلق القس الأسود عام 1963 الشعار الذي رافق معركة الأميركيين السود للاعتراف بحقوقهم خلال سنوات الستين الصاخبة، التي طبعتها حرب فيتنام واغتيال جون كينيدي ومارتن لوثر كينغ نفسه في نيسان (أبريل) 1968. وقال مارتن لوثر كينغ الثالث، نجل زعيم حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للأميركيين الأفارقة، في خطاب حماسي أن «العمل لم ينته والرحلة لم تصل إلى آخرها». وأضاف أن «الحلم ما زال بعيداً من أن يتحقق. دموع والدي تريفون مارتن تذكرنا بأنه في معظم الأوقات يبقى لون البشرة تصريحاً لارتكاب جنحة بسبب الملامح، للتوقيف وحتى للقتل»، في إشارة إلى الفتى الأسود الذي قتله حارس جورج زيمرمان في فلوريدا العام الماضي. وأثارت تبرئة زيمرمان وهو أميركي متحدر من أميركا اللاتينية تظاهرات غاضبة في أنحاء الولايات المتحدة. وأكدت سيبرينا فولتن والدة تريفون مارتن التي ارتدت قميصاً يحمل صورة الرئيس باراك اوباما، على المنصة ذاتها أن «تريفون مارتن ابني، لكنه ليس ابني فقط، إنه ابننا جميعاً وعلينا أن نكافح من أجل أبنائنا». وأكد وزير العدل إيريك هولدر الذي يتحدر من أصول أفريقية أيضاً أن «المسيرة هي مسيرتنا اليوم ويجب أن تستمر. اليوم نرى العمل الذي لم يتم إنجازه بعد». وهتفت نانسي بيلوسي زعيمة الكتلة الديموقراطية في مجلس النواب الأميركي: «عندما ينجح الملونون تنجح أميركا». وتحدث جون لويس وهو أميركي أسود عن تجربته قائلاً: «اعتقلت أربعين مرة في الستينات. ضربوني حتى أدموني وغبت عن الوعي لكنني لم أكلّ ولم أملّ وأنا مستعد لمواصلة النضال وعليكم أن تناضلوا». وكتب على آلاف اليافطات التي رفعها سود وبيض ومتحدرون من أصول لاتينية وآسيوية «مسيرتنا من أجل إنهاء التجريم على أساس الملامح» و «إرث الدكتور كينغ: وظائف لا حرب». وقالت فيرا بيل، التي قدمت من ولاية إنديانا (شمال) إن الولايات المتحدة «لم تتقدم» منذ خمسين سنة. من جهتها، أوضحت مارجوري روس التي أتت من ماساتشوسيتس (شمال شرق)، أن جدتها كانت في واشنطن في نهاية آب (اغسطس) 1963. وأضافت هذه الأميركية السوداء: «عندما كنت طفلة تعرضت للظلم كثيراً، وأنا واثقة أن ذلك كان بسبب لون بشرتي». وقبل خمسين سنة، وبالتحديد في 28 آب (أغسطس) 1963، ألقى القس مارتن لوثر كينغ في واشنطن خطاب «لدي حلم»، الذي أحدث تأثيراً عميقاً في المجتمع الأميركي وفي حركة الحقوق المدنية. وكان من المتوقع حضور 150 ألف شخص السبت إلى «ناشيونال وول»، الساحة الكبيرة التي تصل الكونغرس بالتمثال الذي يواجهه تمثال عملاق لأبراهام لنكولن ينظر إلى الزائرين. في يوم الذكرى الأربعاء، سيبدأ قرع أجراس الكنائس في أنحاء الولايات المتحدة في اللحظة التي يباشر فيها باراك أوباما أول رئيس أسود للبلاد خطاباً على درج نصب لينكولن. وستتيح وفرة النشاطات والندوات والمناقشات للأميركيين أن يتساءلوا بالتأكيد عن العلاقات بين مختلف المجموعات التي تؤلف الولايات المتحدة. وفي 28 آب 1963، احتشد حوالى 250 ألف شخص من كل الإتنيات في «ناشيونال مول» وهم يرددون شعار «المساواة الآن» وينشدون: «وي شل اوفركام» (سننتصر) خلال تلك المسيرة التي كان عنوانها الأصلي «مسيرة إلى واشنطن من أجل فرص العمل والحرية». ومن بين ملايين الأميركيين الذين تسمروا أمام شاشات التلفزيون، جون كينيدي الرئيس الديموقراطي الذي كان حتى ذاك اليوم يرفض طرح قوانين جريئة على التصويت تضع حداً نهائياً للتمييز العنصري في ولايات الجنوب. وفي ذاك اليوم، كان مارتن لوثر كينغ (34 سنة) الخطيب الأخير. ولدى خروجه على النص المكتوب الذي كان يقرأه، أطلق عبارته الشهيرة «لدي حلم، هو أن تنهض هذه الأمة في أحد الأيام وتنصرف إلى عيش مبادئها: نتمسك بهذه الحقائق التي تؤكد أن الناس يولدون متساوين». «لدي حلم»، عبارة محفورة اليوم على درج النصب الذي أقيم في المكان الذي ألقى فيه مارتن لوثر كينغ خطابه، ومكتوبة على الصفحة الأولى للقوانين حول الحقوق المدنية التي أصدرها الرئيس ليندون جونسون في 1964 و1965.