بيروت: «الشرق الأوسط» تعتمد كتائب المعارضة السورية استراتيجية حفر الأنفاق للوصول إلى مواقع القوات النظامية وتدميرها في ظل التحصينات المنيعة التي تتمتع بها هذه المواقع، مما دفع النظام إلى استخدام أجهزة رصد خاصة تستشعر الحركة تحت الأرض لكشف أنفاق المعارضة وقصفها. وأعلن أمس عن تمكن مقاتلي المعارضة من نسف «حاجز الصحابة»، التابع لمعسكر وادي الضيف في معرة النعمان بإدلب، حيث حفر مقاتلو المعارضة نفقا تحت الحاجز مباشرة بطول 290 مترا، استمر العمل على حفره 50 يوما، وشارك فيه أكثر من 60 مقاتلا معارضا. ونسف بأكثر من 40 طنا من المتفجرات. وتتبع كتائب المعارضة سياسة «حرب الأنفاق» لتدمير الحواجز النظامية، بسبب التحصينات التي تحيط بهذه الحواجز، وفق ما يؤكد المتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى العميد قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «القوات النظامية تخصص عددا من الدبابات لحماية حواجزها يصل مدى نيرانها إلى نحو سبعة كيلومترات، الأمر الذي يمنع قوات المعارضة من الاقتراب قرب المنطقة». وأشار سعد الدين إلى أن «استخدام هذه الأنفاق لا يقتصر على الصعيد العسكري وإنما تستخدم أيضا لنقل المقاتلين من منطقة إلى أخرى في ظل الحصار النظامي الخانق، كما تستخدم لإدخال المساعدات الإغاثية». واعتمدت فصائل المعارضة على الأنفاق بشكل رئيس للخروج والدخول إلى أحياء حمص المحاصرة خلال الفترة الماضية، لكن القوات النظامية كشفت عددا منها عبر استخدام أجهزة رصد خاصة تستشعر الحركة تحت الأرض، وفق ما تؤكده مصادر عسكرية. وبدأت المعارضة باستخدام الأنفاق في جنوب دمشق بعد شيوع أنباء عن قيام مقاتلين من حركة حماس الفلسطينية بتدريب كتائب المعارضة على اعتماد هذا التكتيك ضد القوات النظامية. وكثيرا ما اعتمدت حركة حماس على الأنفاق الأرضية السرية كتكتيك عسكري في مواجهتها مع إسرائيل في قطاع عزة. ومع تزايد استخدام الأنفاق من قبل المعارضة، وجدت القوات النظامية نفسها مضطرة إلى اتباع الأسلوب ذاته عبر حفر أنفاق مضادة توصل إلى المناطق التي يتمركز فيها المقاتلون المعارضون. إذ أعلن لواء «شهداء الإسلام» المعارض في بلدة درايا بريف دمشق، قبل نحو شهر، تفجير نفق بالعبوات الناسفة، كانت القوات النظامية حفرته بطول 70 مترا يصل بين نقطة للنظام وأخرى للمعارضة عند الجبهة الشمالية في المدينة، مما أوقع أكثر من خمسين قتيلا في صفوف القوات النظامية، بحسب ما أكد اللواء المعارض. وأشار إلى أن «القوات النظامية حفرت هذا النفق للتسلل وتفخيخ أماكن تمركز مقاتلي المعارضة والتي لا يستطيع الوصول إليها أو اقتحامها». وتمكنت فصائل المعارضة من قلب الميزان العسكري لصالحها في محافظة حلب عبر استخدام الأنفاق، التي حفرها عناصرها، وتمتد من نقاط تمركزهم إلى الأبنية التي تتحصن بداخلها العناصر النظامية، كي تفخخ تلك الأبنية وتفجر عبر زرع أطنان من المواد المتفجرة، الأمر الذي جنب المقاتلين المعارضين قناصة النظام وسهل عليهم التقدم والسيطرة على مواقعه في أكثر من جبهة استراتيجية. واستطاعت المعارضة في الفترة الأخيرة تفجير عدد من المباني عبر الأنفاق كمبنى الكارلتون والقصر العدلي وغرفة صناعة حلب والأبنية المحيطة بها، كما تمكن مقاتلوها من قتل العشرات من الجنود النظاميين المتحصنين داخلها، وفق ما أفاد «مركز حلب الإعلامي». ودفع هذا الواقع القوات النظامية في حلب إلى الدفاع عن نفسها بالأسلوب نفسه فحفرت أنفاقا بمحيط الفروع الأمنية وبعض الأحياء الواقعة تحت سيطرتها. وأفاد ناشطون بحفر نفق في محيط فرع المخابرات الجوية في حي جمعية الزهراء وآخر بمحيط فرع الأمن السياسي في حي ميسلون. وغالبا ما تمتد الأنفاق التي تحفرها المعارضة، وفق مصادر فيها، لأكثر من 200 متر وهي مجهزة بفتحات تهوية ومزودة بإنارة ووسائل اتصالات حديثة. ويتسع بعض هذه الأنفاق لعربة مدرعة، فيما بعضها الآخر مجهز بغرف عمليات عسكرية وكاميرات مراقبة.