الجزيرة - عبد الله العثمان: يرتكز تعامل أي مستثمر في سوق الأوراق المالية على مدى توافر المعلومات الدقيقة مع سرعة الحصول عليها ليتسنى له اتخاذ قراره بطريقة صحيحة، لذلك تحرص كافة التشريعات المنظمة لأسواق المال بتطبيق مبدأ الشفافية والإفصاح وتحديد مضمونه ونطاق تطبيقه، وقد صدر من هيئة سوق المال عدد من اللوائح التنفيذية وهي مجموعة من القواعد والتعليمات والإجراءات التي تصدرها الهيئة لتطبيق أحكام نظام السوق المالية ومن ضمنها لائحة قواعد التسجيل والإدراج وموضوعنا اليوم يتحدث عن المادة الثانية والأربعين وهي الإفصاح عن المعلومات المالية. أربع شركات من أصل 185 تطبق الإفصاح في البداية، أوضح المحلل المالي ثامر السعيد بأن لكل شركة مدرجة في سوق الاسهم خطط وجدولة واضحة للمساهم والمستثمر, وأضاف بأن المستثمر يحتاج لمعرفة خطط الشركة بشكل واضح وما هي الإيرادات المستهدفة والمتوقعة لكل شركة، وبناء على ذلك يستطيع بناء قراره الاستثماري والتصور المستقبلي للشركة على الأقل في المدد المتوسطة والقصيرة بغض النظر عن المتغيرات القادمة. وأبان السعيد سوق الأسهم السعودي يوجد به 185 شركة مدرجة حيث لايوجد فيه من يتبع هذا الاسلوب الافصاح عن خططها واستثماراتها سوى 4 شركات فقط بعضها بشكل شهري والآخر بشكل ربع سنوي, مشيرا الى ان مثل هذه التقارير التي تصدر من هذه الشركات أو بيوت الخبرة دائما يوجد فيها دقة عالية وأرقام واضحة يمكن من خلالها بناء التصور الاستثماري. أما بالنسبة لمساهمة التقارير المالية للشركات في وقف المضاربات العشوائية في السوق فقد شدد السعيد على أنه ضد تجريم المضاربة وذلك بناء على وجود أسواق عالمية كالسوق الأمريكي أو الياباني تكون المضاربة فيها عنصر رئيسي وموجود ومتاح للمتعاملين. وأشار إلى أن المتعامل في نهاية الأمر هو المتصرف الأول والأخير في ماله وهو من يتخذ القرارات بنفسه، لذا لا يمكن أن نصف المضاربة بسلوك سيء وفيه إجحاف على اعتبارها أحد سلوكيات السوق المتاحة. ولفت السعيد إلى أنه لا يوجد فصل بين أن تكون الخطط والإفصاحات هي من تحدد النطاقات السعرية التي يتحرك فيها السهم ضمن نطاقات منطقية وبين أن نجعل من المضاربة سلوك سيء ونجعل من سوق الأسهم سوقا استثماريا بحتا, مستدلا بسوق البحرين والذي فيه حوالي 120 شركة مدرجة حيث يضم 3 شركات فقط التي تتحرك فيها السيولة وقيمة التدوال تصل إلى مليوني ريال فقط، وأيضا الحديث ينطبق على سوق مسقط حيث قاموا بوضع تشريعات لمحاربة المضاربة وسلوكيات التداول النشطة حتى اختفى سوق مسقط عن الواجهة, مؤكدا أنه إذا تمت محاربة مثل هذه المضاربات فسيختفى السوق حتى عن أذهان المستثمرين لأن نشاط التدوال يحفز وجود شركات تستثمر في هذا السوق سواء كانت شركات وساطة مالية إو شركات إدارة أصول أو بيوت خبرة أو مستثمرين، فغياب جزء من هذا السوق سيعطل جاذبيته. التشريع موجود ولكن غير مفعل من جهته، أكد المحلل الاقتصادي سليمان الهوواي أن التشريع وقانون الإفصاح موجود في قواعد التسجيل والإدراج وأن الشركات ومجالس إداراتها تفصح سنويا عن خططها وعن استثماراتها التوسعية المستقبليه ويصدر ذلك على شكل تقارير سنوية تتضمن التوقعات والخطط الاستثمارية للأعوام المقبلة, مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الشركات تلتزم بالحد الادنى من المعلومات وتعطي معلومات فضفاضة بدون تفاصيل لا تؤدي إلى اتخاذ قرارات استثمار وترشيد قرارات الاستثمار بين المتعاملين والحد من المضاربات. مبينا بأن بعض الشركات والتي تعطي في تقاريرها وخاصة التي تصدر في الربع الثالث او الربع الرابع عن وجود قنوات استثمارية سيتم العمل بها او خطوط انتاج جديده نجد انه قبل الموعد الذي ذكر في تلك التقارير هناك مضاربات محمومة على اسهم تلك الشركات بناء على ماورد في تلك التقارير وهناك شركات كثيرة حدث لها مثل هذه المضاربات, لافتا إلى أن التشريع موجود ولكن الالتزام بهذا التشريع نسبي وفي حدوده الدنيا. وأكد الهواوي أن هذا التشريع موجود ومطبق وأنه في حال التوسع فيه سيصبح هناك مزيد من الشفافية، حيث سيعطي قرارات استثمارية لمتخذي القرار أو لدى المتعامل بمعنى أنه سيكون هناك طلب على بعض الشركات التي أفصحت عن استثمارات أو خطط استثمارية وفي المقابل سيكون هناك أيضا عزوف عن الشركات التي لم تعلن أو لم تلتزم بخططها، لافتا إلى أنه لو تمت المقارنة بين السوق السعودي وبين بعض الأسواق الإقليمية الأخرى لوجدنا أن السوق السعودي هو أفضل الأسواق المالية تشريعا، ولكن تبقى عملية الإفصاح لدى الشركات المدرجة في السوق السعودي بالحدود الدنيا، منوها بوجود بعض الجزئيات التشريعية في بعض الأسواق الإقليمية أفضل تطبيقا، مشددا على ضرورة وجود هيئة مستقلة أو رابطة لحملة الأسهم في الشركات المدرجة في السوق السعودي تطالب بحقوق المساهمين وتمثلهم أمام مجالس الادارات وتضغط عليها لتطبيق هذه الافصاحات وترشيد لقرارات المتعاملين في ظل ضعف العمل وتطبيق التشريعات والتساهل الكبير من قبل الشركات في تطبيقه, منوها الى ان تكون هذه الرابطة عامة لجميع الشركات المدرجة في سوق الاسهم لزيادة عملية التواصل بين المتعاملين وبين مجالس الادارات في الشركات المدرجة وكذلك هيئة سوق المال لتقديم ما هي افضل التطبيقات او الممارسات المالية للجهات المعنية في تقرير مجالس الادارة أو القوائم المالية،وذلك لإيجاد منظومة مالية اكثر حصافة وأكثر حماية للمساهمين. كما أكد الهواوي أن المضاربات العشوائية قائمة ماقام السوق, مضيفا بأن على المستثمرين توخي الحذر وانتقاء أسهم ذات قوائم مالية جيدة وذات عوائد جيدة، لأنه يوجد شركات عليها خسائر متراكمة وذات مخاطر عالية، لافتا إلى وجود تشريعات جديدة ستصدر قريبا من هيئة سوق المال وخاصة للشركات التي تراكمت خسائرها أكثر من 50 بالمائة، لذا يجب على المستثمرين أو المساهمين أخذ المعلومة الصحيحة عن طريق ثلاثة مصادر أولها القوائم المالية للشركات المدرجة وكذلك تقارير مجالس الإدارة السنوية أو النصف سنوية أو حتى الربع سنوية، وأيضا الدخول على موقع الشركة أو موقع هيئة سوق المال لأنه يحتوي على معلومات مفيدة جدا. التفريق بين المضاربات العشوائية والنظامية في حين أكد المحلل الإقتصادى محمد العمران أن الشركات المدرجة في سوق المال لديها خطط توسعة في نشاطاتها ومعلنة في التقرير السنوي للشركة والتي تحدد اتجاهات الشركه المستقبلية, لافتا ان جميع ما يعلن لايتم تنفيذه اما لوجود انحرافات أو تعديلات وأن مثل هذه الافصاحات وتسريب بعض المعلومات المهمة والتي تخدم البعض قبل غيرهم لن يحل بشكل كبير عملية تسريب المعلومات, مشددا على أهمية تعزيز اليات وقوانين هيئة سوق المال وتطبيق العقوبات مما يجعل من الشركة ان تعلن عن خططها وتوسعاتها الاستثمارية لافتا إلى أن الهدف من وضع هذا التشريع هو القضاء على تسرب المعلومات الداخلية وتكون النتيجة النهائية لحصول المعلومات بشكل عادل للمساهمين وبطريقة متساوية. كما أبان العمران أن النظام موجود واللوائح موجودة من قبل هيئة سوق المال ولكن المشكلة تكمن في تفعيلها حيث يحتاج الى جهد اكبر في حين ان الشركات تعلن عن خططها الا هذا الامر لايعفي عن تسريب المعلومات الداخلية وحصول البعض على هذه المعلومات قبل غيرهم والاستفادة مادام ان النظام او اللوائح لم تفعل خصوصا مايتعلق بالعقوبات, مشيرا الى الشركات العالمية لديها نفس المشكلة والشركات ملتزمة بالمعايير الدولية بشكل كبير وتبقى المشكلة الوحيدة هي في تطبيقها بشكل نظامي وتطبيق العقوبات لو صدرت أي تجاوزات. أما فيما يتعلق بالمضاربات فقال العمران بأنها موجودة في كل الأسواق العالمية، مشددا على أهمية التفريق بين المضاربات العشوائية والتي تقوم على إشاعات أو أخذ المعلومات عن خطط الشركات عن طريق بعض المواقع أو المجموعات، ولا تلام فيها الشركات إلا في حالة تسريب المعلومات من قبلها، ويجب على هيئة سوق المال تكثيف الرقابة ضد مثل هذه الممارسات والمضاربين العشوائيين. وأضاف: أما بالنسبة للمضاربة النظامية فهي التي تقوم على المعلومات التي تصدر من الشركات وهي تعتبر مضاربات نظامية.