×
محافظة المنطقة الشرقية

اختتام مسابقة الوفاء الأولى للقرآن الكريم بالأحساء

صورة الخبر

قال سفير مصر السابق في السودان السفير محمد الشاذلي: إن علاقات مصر والسودان تحكمها حالة من عدم الثقة بين الجانين، وأضاف في حواره لـ»المدينة» أن حلايب مصرية وتقع شمال خط عرض 22 الذي يمثل الحدود الدولية بين البلدين، وتركيز البلدين عليها يمثل خسارة للطرفين، وأكد الشاذلي أن أزمة سد النهضة الإثيوبي تهدد الوجود المصري، ومطلوب الدعوة إلى قمة عربية عاجلة كما دعت مصر لقمة عربية عاجلة عند تغيير إسرائيل مجرى نهر الأردن، ووصف الموقف من أزمة السد بـ»المتخاذل».. وفيما يلي نص الحوار... ** كيف تقرأ مشهد العلاقات المصرية السودانية حاليًا ؟ * أرى أن العلاقات مع السودان حيوية لمصر وللعرب بصورة ملحة، ولكن لا يتم التعامل معها من هذا المنطلق حتى الآن، وتحولت إلى مشاهد إعلامية دون الوصول إلى جوهر العلاقة، ويكفى أن أقول أنني منذ كنت سفيرًا لمصر في الخرطوم لسنوات، كان الحديث يتم عن افتتاح الطريق البرى بين البلدين ولم يتم إنجازه حتى الآن، رغم حيوية وجود طريق بري وسكك حديدية بين البلدين لإحداث نقلة كبيرة وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وأرى أن السودان هو البلد العربي الوحيد القادر على سد فجوة نقص الغذاء في العالم العربي، ولكن تنمية العلاقات المصرية السودانية أو العربية السودانية يحتاج إلى بنية تحتية مثل الطرق البرية وتحديث وسائل النقل البحري وإنشاء السكك الحديدية التي تربط الأقطار العربية، والغريب أنه رغم شعارات الجامعة العربية عن الوحدة العربية والسوق العربية المشتركة لم نرى حتى الآن خط سكك حديدية تربط بين قطرين عربيين. ** هل يعود ذلك إلى غياب الإرادة السياسية بين مصر والسودان ؟ * هناك حالة من عدم الثقة بين الحكام في البلدين وكلاهما لا يثق في الآخر بالصورة الكافية، وهذا يمثل أكبر معوق للعلاقات، بالإضافة إلى أن السودان مشغول بالأحداث الداخلية التي تقع في عدة مناطق من أراضيه على مدار سنوات طويلة، ومن هنا أرى أن الحديث عن تنمية العلاقات بدون بنية تحية، سيبقى عبثيًا، ولابد من وجود رؤية استراتيجية لعلاقة بعيدة الأمد في فكر قيادة البلدين. ** هل هناك علاقة بين جماعة الإخوان في مصر والنظام الحاكم في السودان ؟ * الفكر الإسلامي موجود بقوة في السودان، ولكنه ذو طبيعة خاصة، والسودان لها خصوصية وحساسية أيضًا، والإطار الفكري للنظام السوداني إسلاميًا وليس إخوانيًا. ** هل تبقى حلايب «مسمار جحا» في علاقات القاهرة والخرطوم ؟ * أنا من هواة لعبة الشطرنج، وفي هذه اللعبة التي تتكون من 64 مربعًا، نجد اللاعب الذي يركز على مربع واحد يخسر اللعبة، وبنفس المنطق أيضًا أرى أن تركيز أي من مصر والسودان على قضية واحدة ووضع علاقات البلدين التاريخية على محك تلك القضية لا يخدم البلدين، واستمرار التصعيد الإعلامى حولها يعكس «الهشاشة» التي تبقى العنوان الأبرز في العلاقات العربية، كما ظهر في أزمة مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر في السودان والتي كادت أن تقود إلى مواجهة عسكرية. ** لكن من الناحية القانونية حلايب مصرية أم سودانية ؟ * من الناحية القانونية وبقناعة 100% حلايب مصرية، حيث تقع شمال الخط الحدودي الفاصل خط عرض 22، وتخضع للسودان لفترة زمنية لأسباب إدارية مرتبطة بالتداخل المصري السوداني، والبلدان كانا دولة واحدة حتى الاستقلال. *بحكم خبرتكم الدبلوماسية، إلى أين تتجه أزمة سد النهضة الإثيوبي ؟ * أنا دبلوماسي محترف وأرى أن الدبلوماسية هي الحوار، وفشل الدبلوماسية ستكون نتائجه وخيمة على الطرفين، وأقدم التحرك الدبلوماسي على أي خيار آخر، ولكن أرى أن إثيوبيا تريد تطبيق دبلوماسية المدرسة الإسرائيلية في التفاوض، وهي تقوم على أسس التحاور بدون سقوف زمنية وبدون أجندات تحكم عملية التفاوض مثل ما يحدث بين الإسرائيليين والفلسطينيين على مدار عقود دون الوصول إلى نتائج، وتستخدم إسرائيل الاستمرار في التفاوض لتغيير الواقع على الأرض وإحداث تغيير ديموغرافي، وتكشف دعوات إثيوبيا المتكررة بدعوة مصر للعودة للحوار مع الاستمرار في البناء، وهذا ما يجب رفضه من جانب مصر والإصرار على القبول بالعودة للتفاوض بالتزامن مع توقف العمل في بناء السد حتى يتم التوصل لاتفاق يحفظ لمصر حقوقها التاريخية في مياه النيل ومعالجة القصور في إنشاءات السد. ** كيف ترى التحركات المصرية لمواجهة الأزمة ؟ * في تقديري، فالموقف المصري يتسم بقدر كبير من الهدوء غير المقبول وغير المبرر في أزمة تهدد الوجود المصري بالكامل، ومن غير المقبول من الجانب المصري عدم التحرك إلى مجلس الأمن وبشكل عاجل وأيضًا طرح القضية أمام الاتحاد الإفريقي وفي الجامعة العربية. ** ماذا عن الموقف العربي لدعم مصر في الأزمة ؟ * أرى الموقف العربي يتسم بتجاهل المشكلة ويقف متفرجًا حتى تموت مصر عطشًا، وأتعجب لعدم الدعوة لعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مخاطر سد النهضة، وهناك سوابق لقمة عربية دعت إليها مصر عام 1964 عندما قامت إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن. * ما هي خيارات مصر بخلاف اللجوء المتأخر للمنظمات الدولية ؟ * أرى أن أزمة سد النهضة تعد قضية حياة لمصر والسكوت عليها يعد تواطؤًا على حياة المصريين، والأزمة لن تحل بالقوة ولن تلجأ مصر إلى ذلك، ولكن المطلوب إظهار القوة والقدرة المصرية في الدفاع عن وجودها، وأرى أنه بات حتميًا على مصر أن تستعرض قوتها وقدراتها عبر إرسال غواصتين إلى باب المندب جنوب البحر الأحمر لإظهار قدرة مصر، ومطلوب أيضًا إجراء مناورات للطيران المصري في البحر الأحمر، ومناورات عسكرية مع دول الجوار الإثيوبي لإرسال رسائل قوية للطرف الإثيوبي، وهذه التصورات الشخصية من جانبي ليست دعوة للحرب، ولكن عدم حسم الأزمة سوف يوصلنا إلى الحرب حتما كما حدث في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، حيث تهاون رئيس وزراء بريطانيا تشمبرلين تجاه تصعيد هتلر حرصًا منه على تجنيب أوروبا الحرب ولكن هذا الموقف شجع هتلر على المضي قدمًا للوصول إلى الحرب، وعمومًا مصر تقع في منطقة الشرق الأوسط التي تعد من أعنف مناطق العالم وإذا لم تظهر مصر أنيابها ستفقد وجودها في القارة. * كيف تفسر موقف السودان في الأزمة ؟ * موقف السودان نابع من حسابات سياسية ومن أولياتها، البقاء في السلطة، وبحسب هذا الإنحياز توجه السودان نحو إثيوبيا ظنًا منه أنه سوف يكسب دعم الموقف الغربي الداعم لإثيوبيا، كما أن موقف السودان ينطلق من محدد آخر يتمثل في أن مياه النيل لا تمثل له الحيوية التي تمثلها لمصر، حيث توفر الأمطار جزءًا كبيرًا من حاجته للمياه بعكس مصر التي تعتمد على نهر النيل بنسبة 100%. ** يروج بعض المسؤولين في مصر لاستجابة مؤسسات تمويل السد لموقف مصر ؟ * مثل هذا الكلام غير صحيح ويريد من يقوله أن يوهم الشعب المصري بوقائع «كاذبة»، والواقع يقول إنه لم يحدث تغيير من مؤسسات التمويل للسد، وأن إثيوبيا تقوم بتوجيه المعونات التي تحصل عليها من جهات خارجية إلى تمويل السد، ويجب أن نصارح الشعب ولا نوهمه، حتى لا يفيق المصريون على كارثة، وأرى أن هناك حملات إعلامية لبيع الوهم للشعب المصري مثل الحديث عن تحويل مجرى نهر الكونغو وهذا مستحيل، ويكشف الجهل بقواعد القانون الدولي التي تحظر نقل مياه الأنهار إلى خارج الأحواض، وأن ترديد ذلك من بعض من يصفون أنفسهم بالخبراء كارثة، حيث يعطي شرعية لإثيوبيا لتغيير مجرى النيل الأزرق، وأقول لهم كفى عبثًا بعقول وعواطف المصريين وليعلم الجميع أن مصر أمام كارثة تهدد وجودها.