النسخة: الورقية - دولي تأخذ حملة النصائح التي يوجهها بعض مؤيدي المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي إلى السيسي نفسه جهداً يفوق ما بذله هؤلاء للترويج للرجل، أو شرح أسباب تأييدهم له، أو تفنيد الحملة التي تستهدفه من جانب الإخوان خصوصاً والإسلاميين عموماً، وكذلك القوى التي تطلق على نفسها صفة «الثورية». وحتى بعد إعلان ترشحه رسمياً لخوض السباق الرئاسي ظلت تفاصيل حملة السيسي غير معلنة لأسباب عدة بعضها أمني، إذ بدا أن السيسي نفسه مستهدف، والموالون له أيضاً، وكذلك أعضاء حملته، وهناك أسباب أخرى تتعلق بتفاديه تكالب أصحاب المصالح على «رمي» أنفسهم ضمن الحملة، وإظهار أنفسهم وكأنهم ضمن فريقه الذي اختاره بنفسه، علماً أن حملات شعبية كانت تشكلت منذ فترة لتطالب السيسي بالترشح، ثم تحولت إلى تأييده بعدما ترشح بالفعل، فخلط الناس بين المؤيدين الذين يعملون بغطاء شعبي وبين فريق الحملة الذي اختارهم السيسي. ولذلك لا تستغرب حين تجد بعض المحسوبين على السيسي وقد تفادوا انتقاده لكن لا يكفون عن الهجوم على حملته مع تأكيدهم أن مواقفهم من باب الحرص عليه!. دعك من موقف الإخوان الكاره للسيسي، فهم يطيقون العمى ولا يطيقونه، وستستمر الجماعة على عدائها له أبد الدهر بدرجات تفوق كثيراً مواقفهم من جمال عبد الناصر!. كذلك من البديهي أن ينال السيسي هجوماً من دول وأنظمة داعمة للإخوان كتونس وتركيا وقطر، فتتولى تشويهه والإساءة إليه، كلما سنحت الفرصة، وتقوم إذا لزم الأمر بتحريض العالم ضده، وأيضاً تسعى بكل الطرق إلى منع الانتخابات الرئاسية طالما هو مرشح لخوضها. وبالطبع من البديهي أن تتناول حملة المرشح حمدين صباحي بالنقد البرنامج الانتخابي للسيسي، وأن تسعى إلى تفنيده، وليس غريباً أن يصل النقد إلى السيسي نفسه، وإلى تفنيد تصرفاته وخطبه وكلامه وأحاديثه، فهو منافس قوي لديه فرص عالية للفوز بالمقعد الرئاسي، وعليهم، بل من واجبهم، أن يطمحوا إلى تقليل تلك الفرص بكل الطرق المشروعة، بعيداً بالطبع عن التجريح أو التجاوزات اللفظية والأخلاقية. ما يلفت الانتباه في الانتخابات الرئاسية المصرية تلك الحملة التي يتبناها مؤيدون للسيسي ضد أعضاء حملة السيسي!! فالنصائح توجه إليه والانتقادات تتجه إلى فريقه، وتصدر عن جهات أو أشخاص أيدوا ترشحه بل كانوا من المطالبين بأن يخوض السباق الرئاسي قبل أن يشرع الرجل في اتخاذ إجراءات الترشح، وبين هؤلاء من بالغ في إظهار حبه للسيسي والجيش والدولة. تشمّ من خلال ما يصدر عن هؤلاء رائحة تظهر لك إلى أي مدى أصاب بعضهم الإحباط لاستبعادهم من عضوية الحملة، وذهول بعضهم الآخر من «نكران الجميل» الذي أثر فيهم بعدما علموا أن أسماءهم ليست ضمن فريق المشير، وبين أولئك وهؤلاء من نصبوا أنفسهم رعاة للحملة قبل أن تبدأ ثم فوجئوا بأن وجوههم غير مقبولة جماهيرياً. نعم هناك رجال أعمال وأشخاص محسوبون على نظام مبارك سعوا إلى التقرب إلى السيسي، ويروّجون ويوحون بأنهم ضمن رجاله، وهم يحافظون على مصالحهم، ويعتقدون أنهم قد ينالون أكثر مما نالوه في عقود سابقة إذا ما نالوا رضا الرئيس المقبل، ومثل هؤلاء لا تحركهم سوى بوصلة مصالحهم، وقد يكون بعضهم أو أحدهم نجح في اختراق حملة المشير وصار فاعلاً فيها، ولو كان صباحي يمتلك فرصاً أكبر للفوز لتحول هؤلاء إلى تأييده والتقرب منه. أما أصحابنا ممن يوجهون النصح للسيسي، ويهاجمون حملته، ويستغربون لماذا نظمت له الحملة هذا اللقاء أو ذاك المؤتمر، أو لماذا استقبل هذا الشخص أو التقى هذه السيدة، أو استنكروا لماذا ضم بعض المحسوبين على ثورة يناير إلى حملته، أو لماذا استبعد آخرين من رموز الثورة نفسها عن حملته، فلم يكونوا لينتقدوا لو كانوا ضمن الحملة وتحولوا من موقف الهجوم إلى الدفاع!!. اختار السيسي حملته وهو تحمّل المسؤولية عن اختياراته وهذا حقه، والمهم سياساته في المستقبل أمام شعبه الذي نجح في عزل رئيسين في غضون سنتين دون أن يحول دون عزلهما نصائح أو تحذيرات المتيّمين بكل رئيس، ولا يرون فيه عيباً إلا.. حملته!.