الحلم قد يتحقق ويتحول إلى حقيقة متى وجد النفس النشطة التي تسعى لنيل مطالبها غلابا وليس بالتمني، فالرغبات تتحول إلى حسرات حين لا يبادر صاحبها بتحويلها إلى قوة دفع داخلية نحو رسم نهاية هذا الحلم. لورنس العرب الماكر الذي لا يحفل بما يشفع له في تاريخنا لنسجل له ما يشرفه بالرغم من سكناه في أراضينا ومكوثه لدينا كأنه الأخ الحميم، غير أنه وصف نفسية العرب بشكل لا يضاهيه غيره وحدد مكمن الضعف فيها حين قال إن الحالمين في النهار هم من يصنعون الأحداث ويغيرون النتائج، ويقصد بهذا الذي يعملون منذ بدء شمس اليوم حتى مغيبها فهم يسعون لتحقيق حلمهم بالعمل والمثابرة، يقابلهم الصنف الآخر الذي يسهر الليل يتغنى بضوء القمر ويرسم أحلامه في ضوء ناره التي تبدد سطوة الظلام المحيط به، ولذا فهو لا يبرح مدى خطاه ولا يتعدى قيد أنملة عن أرنبة أنفه. في اليومين الماضيين رأيت من الحالمين في النهار الراسمين للإبداع، ما يجعلني أشعر بغبطة تكسر ذكرى لورنس السيئة في خاطري، فملعب الجوهر الذي شيد خصيصاً لكرة القدم بأنموذج فريد وتصميم رائع يجعلني أستنشق هواء الفخر والإعجاب بمن صمم ومن نفذ، فلله درهم من عقول وعزيمة، يضاف لهم صوت جماهير عروس البحر الأحمر الذي بإلحاحه وصبره وجد أنه يملك الملعب الأجمل والأبهى، أما المنفذ شركة أرامكو فهم يخلدون للنوم من أجل الراحة فقط ولا سواه فحلمهم يبدأ مع شروق شمس اليوم التالي بإنجاز ما كلفوا به من عمل بكل إبداع وتفان، إنها التربية على العمل من أجل الكمال والكمال من أجل الرضى والرضى بما تقدمه يدي الإتقان والتنفيذ السليمتين، يضاف لهؤلاء إدارة ولاعبي وجماهير نادي الشباب فهم لم يركنوا لصعوبة اللقاء ولا هيبة المنافس وعودته القوية مع ما تعرض له رئيس ناديهم من عقوبة كادت أن تخرج الجميع خارج فكر وروح المنافسة، لكنهم سرعان ما أعادوا ترتيب أوضاعهم ولملموا جراحهم وساروا بقلب الليث وروحه نحو منصة التتويج بكل جدارة وسط انهيار غريب وكبير للقلعة الخضراء، التي لم تحسن إدارتها حتى الآن التعامل مع قسوة مدربها المفرطة وتكتيكه الذي لا يخدم الفريق في سباق البطولات، فمتى تدرك وتصحو من الحلم الذي تسايره ويعيش ليلها الحالك معها، غير أن شمس الفشل تشرق فتجلو ذلك كله ويبقى نصيب الجماهير العاشقة المحبة الحسرة والندامة وترديد يا ليل الصب متى غده. نجح الحالمون في النهار وكان نجاحهم مبهراً وصوت فرحهم في كل الآفاق بعد تعب وجهد، وميز هذا النجاح صدق العزيمة وروح العمل الجماعي المشترك فأصبح له لذة ونشوة وحق لهم الفخار والتربع على عرش قلوب محبيهم ومن يبادلونهم الإعجاب نظير ما قدموه، ملعب هو الجوهرة في واسطة عقد عروس البحر الأحمر وبطولة هي ختام جميل لموسم صعب جداً على الليوث، أما الأهلي فلا بد من وقفة مكاشفة ومصارحة يكون السؤال الأبرز فيها: من يجعل مصطفى بصاص على دكة الاحتياط ويحجز مكاناً دائماً للمقاتل عبد الله المطيري بماذا يفكر وماذا يريد؟