ها هو شهر رمضان المبارك قد حلت أيامه، وازدانت لياليه، وبدأ الناس صيامهم وقيامهم وتلاوة آيات ربهم، ليعيشوا أيامهم أمنا وسلاما. ولكن الواقع العربي ليس كذلك بسبب الصراعات التي ما زالت تتواصل منذ حين في هذا المكان أو ذاك. فهل سيكون هذا الشهر الفضيل عاملا أساسيا لتهدئة الأمور وتبديل الأوضاع إلى الأفضل، وإيقاف الصراعات العنيفة التي أنتجت خللا كبيرا وانقسامات متعددة. شهر رمضان – كما في الأثر – هو أفضل الشهور، ولياليه أفضل الليالي، وأيامه أفضل الأيام. فهل هو كذلك على حياتنا الفردية والجماعية؟ هذا ما يتمناه المسلمون والصائمون في كل مكان، وهو أن تؤثر هذه العبادة في سلوك الناس، فتحول النزاع الى سلام، وتحول العنف إلى أمان، وتنهي الصراعات بين البشر كلهم، ناهيك بين المسلمين. الملاحظ أن المثل الإسلامية، التي تدعو إلى الأمن والسلام بين البشر شيء، والواقع الذي نعيشه كمسلمين شيء آخر، وأن العمل على إيجاد هذا التوافق بين المثل والواقع يحتاج إلى جهد كبير من كل المؤمنين بهذه المثل إيمانا صادقا، ومن المطالبين بتطبيق حقوق الإنسان بين كل البشر، والمنادين بالحريات والإخاء والمساواة بين الناس. لذلك فاني أثمن المقولة المنقولة عن المفكر المصري الكبير الشيخ محمد عبده حين زار فرنسا تلك الأيام، وحين عاد وسئل عن الوضع هناك قال: «وجدت إسلاما بلا مسلمين، وهنا وجدت مسلمين بلا إسلام»، وفي ذلك فهم كاف للعقلاء. من هنا.. فإن الكثير منا كمسلمين في حيرة نوعا ما مما نراه من فارق كبير بين متبنياتنا الدينية السمحة والعادلة والمتوازنة وبين الواقع المختلف الذي نعيشه من فقر واختلال في العدالة الاجتماعية وصراعات تعتمد على تفسيرات دينية لا واقع لها. فهل سيكون شهر رمضان الفضيل هذا بداية لإيقاف سفك دمائنا كمرحلة أولى للصفاء بيننا وفهمنا الإيجابي لفريضة الصيام؟ هذا ما نتمناه، ويتمناه الصائمون المخلصون. عبدالمحسن يوسف جمالajamal2@hotmail.com