صنعاء: حمدان الرحبي واصل الجيش اليمني حملته العسكرية البرية، لليوم الرابع على التوالي، ضد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، في مناطق بجنوب البلاد. وأعلن مصدر عسكري أمس «تطهير» منطقة المعجلة بمحافظة أبين، وقتل قائد أجنبي يدعى أبو مسلم الأوزبكي، في حين قتل ثلاثة جنود، في محاولة اغتيال فاشلة استهدفت حاكما محليا، وقيادات عسكرية رفيعة في محافظة البيضاء، بالتزامن مع استنفار الأجهزة الأمنية، لمواجهة أعمال «إرهابية محتملة» انتقامية للتنظيم. وقال مصدر عسكري يمني إن الجيش، معزز بقوات من الأمن واللجان الشعبية، سيطر أمس على منطقة المعجلة بمحافظة أبين، وقُتل قيادي للتنظيم يدعى أبو مسلم الأوزبكي، وستة آخرون، إضافة إلى تدمير ثلاث سيارات، واعتقال عدد من العناصر، بحسب ما نشره موقع وزارة الدفاع الإلكتروني. وذكرت مصادر عسكرية ومحلية أن الجيش قصف بالمدفعية الثقيلة والطائرات الحربية عشرات المواقع المفترضة لـ«القاعدة» في كل من احوار، والمحفد، وميفعة، مع وصول تعزيزات عسكرية من اللواء 111، وكتيبة من مكافحة الإرهاب إلى شبوة، للمشاركة في الحرب. وتتزامن هذه الحملة مع نزوح عشرات الأسر من مناطق القتال، بعد ازدياد شدة المواجهات. وبدأ الجيش اليمني يوم الاثنين الماضي حملة عسكرية برية ضد مناطق مفترضة لـ«القاعدة»، بمساندة قوات من الأمن ومقاتلين مدنيين من اللجان الشعبية، وهي الحملة العسكرية الثانية منذ تحرير محافظة أبين عام 2011، من جماعة «أنصار الشريعة» المرتبطة بـ«القاعدة». وتعد مناطق عزان والمحفد ورضوم والمعجلة من معاقل تنظيم القاعدة، نظرا لطبيعتها الجبلية الوعرة. وفي محافظة البيضاء وسط البلاد، قتل ثلاثة جنود، من الجيش والأمن، وستة مسلحين، أمس، في كمين لعناصر تنظيم القاعدة، استهدف الحاكم المحلي للمحافظة وقيادات عسكرية رفيعة. وقال مصدر عسكري إن محافظ البيضاء الظاهري الشدادي، وقائد المنطقة العسكرية السابعة اللواء الركن علي محسن مثنى، وقيادات أمنية وعسكرية، تعرضوا للكمين في منطقة الحيكل أثناء عودتهم من زيارات تفقدية رسمية. من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية حالة استنفار في صفوف أجهزتها في مختلف المحافظات، لمواجهة «أعمال إرهابية انتقامية». وذكرت الوزارة في بيان صحافي نشره موقعها الرسمي أنها رفعت درجة الاستعداد والجاهزية الأمنية لمواجهة أي أعمال إرهابية محتملة، وأمرت بتفعيل الأحزمة الأمنية في العاصمة صنعاء والمحافظات. وأشارت الوزارة إلى أن «هذه التشديدات تأتي تحسبا لأي ردود فعل انتقامية مغامرة قد يقدم عليها تنظيم القاعدة». وتشمل الاحترازات الأمنية كلا من المرافق والمنشآت الحيوية الحكومية، في المدن، ومقرات الأجهزة الأمنية والمعسكرات. في غضون ذلك، قال الخبير اليمني المتخصص في قضايا الإرهاب، محمد سيف حيدر، إن «حملة الجيش ضد تنظيم القاعدة جاءت متأخرة كثيرا، خاصة مع ازدياد خطر وقوة التنظيم، خلال الفترة الماضية، وتمكنه من توسيع قوس وجوده في كثير من المدن اليمنية في الشمال والجنوب والوسط». وأوضح حيدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحملة تأتي ضمن سياق الضغوط الأميركية على اليمن، بعد نجاح التنظيم في تنفيذ العديد من العمليات النوعية، وظهور قياداته، مؤخرا في شريط فيديو مع عناصرهم، الذين فروا من السجن المركزي بصنعاء»، مضيفا أن «هذه الحملة تزامنت أيضا مع مؤتمر أصدقاء اليمن الذي عقد في لندن قبل يومين، وأرادت الحكومة من خلال الحملة توجيه رسالة إلى المانحين بأنها جادة في محاربة الإرهاب وملاحقة عناصره». وأكد سيف أن «جهود مكافحة الإرهاب تتطلب من الحكومة تغيير استراتيجيتها، ووضع خطط متقدمة ضمن تنسيق استخباراتي بين اليمن ودول الجوار، مع استمرار حملات المباغتة والهجوم على مناطق التنظيم، والأهم هو أن تشارك قوات النخبة الخاصة بمحاربة الإرهاب، التي تم تدريبها لهذه المهمة، وليس وحدات عسكرية غير مدربة»، موضحا أن «العشرات وربما المئات من الأجانب انضموا للتنظيم، ودخلوا البلاد بطرق غير مشروعة مستغلين الانفلات الأمني في عدد من المحافظات». وأشار إلى أن «(القاعدة) استغلت المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، إضافة إلى ضعف قوة الدولة وغيابها في عدد من المحافظات في الشمال والجنوب، وهو ما مكن التنظيم من استغلال هذه الثغرات لتوسيع تحركاته نحو مناطق جديدة، كالحديدة وتعز وصنعاء، إضافة إلى المناطق التي تشكل ملاذا آمنا لعناصره في أبين وشبوة وحضرموت والبيضاء».