قرار مجلس الوزراء القاضي بإلزام الوزارات والهيئات الحكومية إحالة من أمضى من الموظفين مدة 30 سنة خدمة إلى التقاعد المبكر من دون إنذار هو قرار يعد تعسفاً لموظفي الدولة، إنني من هذا التوجه أتساءل كيف يتم التخطيط لإحالة عشرات المواطنين للتقاعد بصورة قسرية دون النظر إلى أوضاعهم، ولا تزال لديهم الرغبة الجامحة بالاستمرار ولديهم القدرة على العطاء وأعمارهم لم تلامس حتى السن القانونية؟!اعتقد ان هذا النوع من القرارات دليل جازم على أن الحكومة ليس لديها رؤية مستقبلية لسوق العمل أمام آلاف الخريجين الذين ينتظرون دورهم في ديوان الخدمة المدنية، وبالتالي حينما تعجز الدولة عن خلق فرص عمل لهم تتعذر من خلال أفضلية التقاعد المبكر للآخرين، وهذه خطوة غير إيجابية، فالموظف غالباً ما يكون في قمة عطائه المرحلي، وبالتالي اكتسب من الخبرات ما جعلته أكثر تميزاً وإبداعاً عن غيره، ولكن مع الأسف بسبب بعض السياسات الإدارية يتحجج الوزير أو الوكيل المعني بأسباب غير مقنعة، وفي المقابل لا يعترض ديوان الخدمة المدنية على هذه الخطوات الإدارية وإن جاء القرار مجحفاً لأنه جاء من دون منح الموظفين المحالين مهلة أو إنذاراً قبل التقاعد، لا سيما ونحن نرى عشرات الوافدين الذين يتم التمديد لهم بعد بلوغهم السن القانونية لسنوات طويلة تحت مسمى «الحاجة الماسة» او المصلحة العامة.إذاً فإن قضية الاحالة إلى التقاعد المبكر أو بعد مضي 30 عاماً خدمة أصبحت مشكلة بحاجة لإيجاد حلول مناسبة لها، وبالتالي نحن نرى ضرورة إعادة النظر في هذه الخطوة في ظل وجود اعتراض مبرر ومنطقي، ولهذا لاحظنا أن مثل هذا القرار غير المدروس لم تتخذه جهات حكومية أخرى نظراً لحساسية تباين آراء المسؤولين واعتراض عشرات الموظفين وظهور قصور ونقص واضح في سد فراغ الموظفين المتقاعدين، وقد رأينا كيف أن للتقاعد القسري آثاره السلبية التي انعكست على سير العمل في مؤسسات الدولة وعلى خدمات المواطنين في القطاعات الخدماتية، ولعل ما حدث لوزارتي التربية والصحة هو من الامثلة التي شهدت على الواقع المرير وجعلت المسؤولين في حيرة من أمرهم فاضطرت جهات كثيرة للاستعانة بهم من جديد لسد الفراغ الذي تركه هؤلاء...لذا يجب على جميع مؤسسات الدولة رفض هذا التوجه، فالمادة القانونية التي أعطت الوزير أو الوكيل أو المسؤول حق الإحالة القسرية إلى التقاعد تحتاج إلى تعديل عاجل قبل أن تتضخم المشكلات وتتراكم هذه النوعية من القضايا الإدارية في المحاكم الكويتية وتكثر عملية التظلمات في الجهات الحكومية ومؤسسات التأمينات، فما سيترتب على ذلك، عبء كبير على باب الرواتب من الميزانية العامة للدولة، وبالتالي لا يجوز أن نرمي الفشل في تحقيق الخطط المستقبلية للتوظيف والعجز عن القيام بإنشاء مشاريع تنموية من الممكن أن تخلق آلاف الفرص للشباب مقابل الاستغناء عن عشرات الموظفين وإحالتهم إلى التقاعد المبكر من أجل الوصول إلى حلول ترقيعية موقتة جاءت من قرارات تعسفية ظالمة وخاضعة لأهواء مسؤولين متنفذين ويترتب عليه أضرار مادية ونفسية جسيمة وبالتالي يعتبر التقاعد الإجباري عقوبة متعمدة لا يفترض استخدامها ضد الموظفين المخلصين إلا في حالات معينة...وبما ان الحكومة تعارض منح الموظف الخيار في التقاعد المبكر من دون ذكر أسباب مقنعة، فقد رأى بعض أعضاء مجلس الأمة وجوب منع هذا الأمر والرغبة في تصحيح الخلل من خلال تشريع قانون يمنع هذا التخبط الحكومي وترك الخيار للموظف نفسه، أو تعديل القانون رقم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية بحيث لا تتم إحالة أي موظف إلى التقاعد إلا بعد إكماله السن القانونية للتقاعد.نشكر اعضاء المجلس ممن وقف وراء هذا المشروع وتقدم باقتراح لتعديل هذا القانون الذي نتمنى أن يرى النور قريباً.ولكل حادث حديث،،،alfairouz61_alrai@gmail.com