الرياض: عبد الإله الشديد أعاد توقيع العقود الحكومية للإسكان هيكلة أسعار العقار في السعودية من جديد، عقب توقيع وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي ثمانية عقود بقيمة أربعة مليارات ريال (1.6 مليار دولار) لتطوير مخططات أراض مساحتها الإجمالية 26 مليون متر مربع في عدة مواقع، لتوفر أراضي مطورة في المدن تستوعب ربع مليون مواطن. فمنهم من أشار إلى أن هناك انخفاضا وشيكا أجبره على ذلك الضغط الحكومي بالمشاريع الأخيرة التي توفر خيارات جديدة للتملك تنافست على أثره المشاريع التجارية، بل إنها تعد الخيار المفضل نظرا لابتعادها عن الربحية وأنها مشاريع تنموية بالدرجة الأولى. وهناك من أشار إلى أن الأسعار ستبقى ثابتة لعدة أمور، أهمها: ضعف حجم المشاريع مهما بلغت نظرا للحاجة الماسة إلى الإسكان، كما أن لوجود المشاريع على أرض الواقع نغمة تختلف عن وجودها في أوراق موقعة، وهي علامة فارقة في ضغطها على الأسعار. وقال عبد الرحمن الموسى، المستثمر في القطاع العقاري، إن مثل هذه المشاريع الحكومية الضخمة أثر لا شك فيه على القطاع العقاري ككل، في الوقت الذي تزدهر فيه المشاريع التجارية في أنحاء البلاد وتزداد الأرباح فيها، إلا أن للمشاريع الحكومية الإسكانية اتجاها مغايرا ذا أثر إيجابي سيزيد من الضغط على الأسعار لكي تتراجع وتتماشى مع أسعار المنتجات الحكومية التي ستكون لها كلمة كبيرة في القطاع العقاري عبر الإسكان التنموي غير الربحي. وأضاف: «نفتقد وبشدة مثل هذه المشاريع غير الربحية، في الوقت الذي يعاني فيه أغلب المواطنين ارتفاع أسعار العقار إلى درجة لا يستطيع معظمهم مجاراتها، مما يعني أن دخول مثل هذه المنتجات للسوق وبأعداد كبيرة، خصوصا مثل المرحلة الثانية من الإسكان، والتي ستتمكن من إيواء ما يقارب الربع مليون مواطن»، لافتا إلى أن السعودية بحاجة ماسة لمنح المواطنين المزيد من الأراضي المتطورة وتقديم قروض لهم للبناء عليها، وأنها طريقة مجدية تمكن شريحة كبيرة من التملك باعتبارها حلا قد يغير الخريطة العقارية واستراتيجية كبيرة في تلبية رغبات المواطنين في إيجاد الحلول لهم من أجل تملك المنازل. وأوضحت وزارة الإسكان السعودية على لسان وزيرها، أنه لم يتم حتى الآن إقرار التكاليف على المواطن بالنسبة للمستفيدين من مشاريع الإسكان، مؤكدا أنها بطور الدراسة وسيعلن عنها قريبا فور الانتهاء منها، وشدد على أن المشاريع الجديدة تبدأ مددها من 18 شهرا لأقل المدد و24 شهرا لأقصى المشاريع التي ستوزع وفق لائحة الاستحقاق على المواطنين بشكل عادل ومنصف. وفي الاتجاه ذاته، أكد ياسر المريشد، الخبير العقاري، أن السوق بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لترغم الأسعار على الانخفاض. وتمنى أن يتم اعتماد كثير من المشاريع المشابهة بشكل مكثف، رابطا انخفاض الأسعار بمدى الضغط الحكومي على القطاع العقاري بطرح مثل هذه المنتجات التي تكبح الأسعار وتعيدها إلى رشدها، في الوقت الذي تشهد فيه السوق ارتفاعات مهولة، نتيجة انتشار المشاريع ذات الربحية بالتزامن مع ارتفاع مصاحب في أسعار الأراضي ومواد البناء وتكاليف الأيادي العاملة، لافتا إلى أن السوق العقارية تعتمد كثيرا على المثل الشهير «اشتر على الإشاعة وبع على الخبر». وتطرق المريشد إلى أن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، كما أن هناك انخفاضا كبيرا على الطلب في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في مجال تملك المنازل، مبينا أن المواطنين يتريثون في الشراء في الوقت الحالي لحين التبين فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع. وكانت وزارة الإسكان قد أكدت أن أغلب المشاريع تقع داخل المدن كمشروعي مدينتي جدة والدمام، بينما يقع مشروع الإسكان في المدينة المنورة داخل الحرم النبوي، وأنها تراعي في عملها كل الجوانب الخدمية بربط المشاريع بالكتلة العمرانية داخل المدن، وأن جميع الخدمات تصل لكل المشاريع من كهرباء وماء وصرف صحي وما إلى ذلك من خدمات، حيث إن تقسيم الأراضي ضمن مشروع أرض وقرض لكي يتسنى لكل المواطنين الاستفادة من مشاريع الوزارة. وفي الاتجاه المعاكس كشف إبراهيم العبيد، وهو صاحب مؤسسة استشارات إنشائية، عن أن الأسعار ووضع السوق لن يتغير حتى تترجم المشاريع على أرض الواقع، لافتا إلى أن السوق أقوى من أن تهتز لمجرد توقيع بعض المشاريع التي لم تقم بعد ولم يرها أحد، مبينا أن السوق العقارية لها ثقلها المعروف ولا تتأثر إلا بما يحدث فعلا على ملعبها، موضحا أن الأسعار ثابتة ولم تشهد أي تزعزع يذكر، وأن هناك موجة بسيطة من الانخفاضات التي كونتها عوامل متعددة، إلا أن السوق متماسكة إلى حد كبير ولم يحدث فيها أي أمر مخالف للعادة. وحول تأثر إعلان المشاريع بالإقبال، اعترف العبيد بأن الإقبال منخفض إلى حد كبير بانتظار توزيع المشاريع الحكومية، وانتظار اعتماد كثير من المشاريع التي لو حدثت على أرض الواقع فإنها ستكون ذات الكلمة الفاصلة على تحصيل الأرباح وأسعار البيع. وتطرق إلى أن السوق لن تتغير حتى يتم دعمها بآلاف المنازل الحكومية التي ستضغط على التجار لخفض الأسعار لمجاراة المنتجات الحكومية، لافتا إلى أن المشاريع الوطنية هي المعول الكبير لإحداث التغيير في أسعار القطاع في الوقت الذي تعج فيه السوق بالمشاريع الاستثمارية عالية الأسعار التي أنشئت لجني الأرباح فقط وليس لحل مشكلة الإسكان في دولة يسكن أكثر من نصف سكانها في منازل مستأجرة.