بعد خمس طوال.. هي في تاريخه أشبه بالمحال.. اشتاق الزعيم العاشق لمحبوته (بطولة الدوري).. فهو قيسها وهي ليلاه وبنوره تضوي.. فقرر ترك تغريبته.. والعودة إلى مضاربها ذات دوري.. شديد.. عنيد.. أسموه (جميل) وهو حِمل وئيد.. ثقيل.. ينوء بحمل الجَمال.. ولا يزدان إلا بالهلال.. عاد ممتطياً صهوة جواد البأس والاختيال.. عاد ليقول للجمع إنه خير من تسعى به قدم.. وأن البطولة لايتساوى فيها شهب البُزاة والرخم.. عاد لعنفوانه وكبريائه الجامح.. بسطوته الباذخة.. بوسامة الملامح.. . بتفجر ينابيع إبداعه.. وتدفق شلالات إمتاعه.. فكان يا ما كان.. على يد الهلال قمر الأرض والزمان: أسد جريح في موسم 2016م.. كان الزعيم قاب قوسين أو أدنى.. من اللقب الفاخر.. ومن منجم الذهب الأسنى النادر.. وكاد أن يفعلها.. ولكنه في آخر المشوار.. آثر التريث والانتظار.. فالمنافسون أقصر منه قامة.. وكان يريد نصراً نارياً.. يترك في الدنيا دوياً.. كما تداول سمع المرء أنمله العشر.. ألم يقل سيد الشعر أبا محسّد: أما ترى نصراً حلواً سوى ظفَر.. تصافحت فيه بيض الهند باللمم.. هكذا كان حال الزعيم الملكي.. كان المقام في الموسم الماضي لا يليق.. ببهاء الهلال وروعة الهلال وفخامة الهلال.. فأضاء للأخضر بالأزرق العبور.. فأنعم على جماهيره بالسرور.. بعد جدب ثلاثين عاماً بحرمانها تَمور.. فما أكرم عطايا الموج.. المشهد التالي أعد الهلال للموسم الحالي 2017م عدته.. فطعم الفريق ببعض النجوم المحليين والأجانب.. وملأ جعبته.. وهو باسمه وإنجازاته بالطبع جاذب.. فاستقطب عبدالملك الخيبري وعبدالمجيد الرويلي وماجد النجراني.. واستعاد هوساوي و المعيوف.. وجاء بليو.. وتياقو ألفيس.. وميليسي.. وانطلق كالسيل الهادر.. لايني ولا يحاذر.. فجمع في البداية اثنتي عشرة نقطة وخسر ثلاث.. أدرك وجه السعد بعدها أن المدرب/ ماتوساس.. دون المستوى المأمول.. فأقاله قبل وقوع الفأس بالرأس.. وكان خير الحلول.. فارتكى للحمل مدرب الفريق الأولمبي سيبيريا.. الذي حصد نتائج ساحقة مع الفريق.. فدك الفيصلي برباعية والخليج بسداسية.. وغريم الهلال حتما غريق.. الامتياز مع دياز بعد بحث شديد عثر الهلاليون على ضالتهم.. فأعلنوا التعاقد مع الأرجنتيني/ دياز ذي التاريخ الممتاز.. الذي بدأ مشواره من مباراة الاتحاد.. ليخسرها وقد كان مرشحاً لها.. ثم بدأ مشوار الدور الثاني وقد تعلم درس العميد.. بثلاثة انتصارات متتالية لاتميد.. لكنه تعثر بالتعادل أمام القادسية الذي كان في ذروة النشوة.. وقد جندل صناديد الفرق وكبارها بقسوة.. ثم عاد للانتصار مرتين.. المنعطف الحاد جاءت مباراة الاتحاد في الجولة عشرين كمنعطف مرير وخطير.. لفحص صلابة الإرادة الزرقاء.. معركة كسر عظم.. في ظل وضعه المتأرجح.. وعودة الوعي للعميد العنيد الذي جبر سريعاً انكساراته.. وقام متجاوزاً عثراته.. فالكبير كما يقال كبير.. المنافسون يأملون عثرة الجواد الأصيل.. ومحبوه يريدون حسماً لا يقبل التأجيل.. فدارت رحى معركة المهارات الضروس.. فسقط النمر الأصفر العنيد.. مضرجاً بسهام ثلاثة أدارت الرؤوس.. فتوسع الفارق النقطي إلى ثماني نقاط عن أقرب المنافسين.. وخرج الأزرق من المعركة وهو يردد: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا.. في هذه المباراة بدأ السوبر/ إدواردو استعمال فرحته الشهيرة ب«رشة الملح».. والتي كررها فيما بعد لتصبح بصمة انتصاراته.. وأقوى تواقيعه وعلاماته.. معركة الفتح كانت الأمور تقترب نحو صناعة المجد الجديد.. وبات الهلاليون أكثر ثقة.. حتى جاءت معركة الفتح العنيد.. الذي استعصى على الزعيم المتصدر.. حتى نزل ياسر الكاسر وهو مشمر حاسر.. فسدد كرة لا تصد ولا ترد.. قبل أن يضع الحكم صافرته في فمه ليعلن نهايتها.. فتنفس الجميع الصعداء.. وبات الهلاليون سعداء.. إعلان البطل بعد الفوز على الفتح.. كان على الزعيم اقتناص ست نقاط من أصل خمس عشرة.. ليعيد المجد التليد ويشعر بالفخر.. فانتصر على الرائد الرائع.. وتعادل مع الأهلي الذي لعب أمامه مدافع.. ثم أمام الشباب أعلن الهلال نفسه بطلاً للدوري.. بلا ارتياب.. إعلاناً لا يقبل التأجيل بل فورياً.. بعد فوزه عليه بهدفين مقابل هدف. معركة ذات الابتهاج كان للزعيم الحق في اختيار موقعة التفويج نحو التتويج.. ومن الطبيعي أن يكون ذلك أمام المنافس المشاكس.. ذي الوجه العابس.. رغم تعدد الاختيارات.. جاء النصراويون يمنون النفس بالأماني.. بتنكيد فرحة الهلال.. فتم إغراؤهم بالمال.. عشرون ألفاً بالتمام والكمال.. وكان الهلاليون يتلمظون تلمظ الحيات.. وهم يحسبون ثواني الأوقات.. يتطاير من أعينهم الشرر.. ينتظرون انطلاق الصافرة الماكرة.. ليزحفوا بقضهم وقضيضهم بوحشية التتر.. ليصنعوا أمجادهم ويتركوا للتاريخ بصمة وأثر.. ويدعوا خصيمهم عبرة لمن لم يعتبر.. زلزال وانفجر ابتدر الجن الزرق الميدان بكل الأماني.. من أول الثواني.. وانطلقوا كليوث كاسرة لا تلوي على شيء.. ريح عاصفة لا تبقي ولا تذر.. سيطر الهلاليون عشرين دقيقة على نديدهم.. الذي لعب بحذر.. ارتد انكماشاً مع طوفان المهارة والحماس المنتثر.. وتفنن جن الملاعب في نقل كراتهم ورسم تمريراتهم.. بشتى الفنون والطرق.. حتى قرر نواف العزاف النزاف فناً وإبداعاً.. الأسمر الشفاف.. الذي لامس فنه القلب والشغاف.. أن يقص شريط البداية.. فانسل كصل أزرق.. وعند رأس القوس أرعد وأبرق.. رفع رأسه وضبط نيشانه وأطلق شلفاه وسنانه.. وإذا بوليد عبدالله يمتد سوبرمانيا ليصد المد.. وأنى له ذلك.. فالكرة ذات اشتعال والتهاب.. وسرعتها تفقد الصواب.. وتحير الألباب.. فتكوكبت في الشباك.. مؤذنة بمسلسل الاشتعال والاحتراق.. رد الصاع مع ثقة الهلال بتسيد الميدان.. وتوالي إهدار الفرص بالمجان.. ومن هجمة شبه ميتة مرر يحيى الشهري كرة تلقاها توماسوف.. وهو داهية معروف.. وفاجأ بها المعيوف.. ليسجل هدفاً رائعاً ويعادل الكفة.. لكن جن الملاعب لم يؤثر فيهم هدف الغفلة.. فاستأنفوا غاراتهم بهدوء الكبار.. وثقة القادر على الانتصار.. وماهي إلا هنيهات حتى استعان الهلاليون بخبرتهم في لعبة البلياردو.. فجربوا أحد تكتيكاتها بكرة تناقلها البريك كقطعة كيك.. ومررها لعطيف الأملس كحد السيف.. ثم إلى خريبين سيد المخربين.. الذي انطلق كقذيفة آر بي جي.. مصوباً الكرة برأسه.. مستجمعاً كل شجاعته وبأسه.. حتى خيل للناظر أن رأسه الذي ولج الشباك.. فحضر عمر وحضر الخطر.. فاحتضنت الشباك له قمر.. وقد أدرك(دياز) بامتياز.. أنه قادر على العبور والاجتياز.. فانحاز للهجوم الصريح أي انحياز.. وتسابق الصناديد على مرمي النصر.. وسنابك خيلهم ترمي بشرر.. ومن هجمة خطفها جن الملاعب من النصر المتثائب.. مرر نواف العزاف.. كرة للسوبر (إدواردو).. الذي دار وشغل الرادار.. ثم أطلق قذيفة أدارت رأس وليد.. الذي استدار يبحث عنها.. وما درى إلا وهي تغطرف في الثمانيات.. ثم بصم السوبر الهدف بإشارته الشهيرة والأثيرة المثيرة.. (برشة الملح).. على الجرح.. ولتبديد الحسد.. شوط المقامات الموسيقية هنا ازاددت سباع الهلال ضراوة.. وأصبحت شهيتهم لالتهام غريمهم مفتوحة.. لتشفي الأكباد المقروحة.. الذي ولسوء حظه قابل الهلال في يوم تألقه وسعده.. وحال نشوته وبرقه ورعده.. فاستهل وأمطر.. وأنذر فما أعذر.. وضرب فأوجع وما قصر.. كان على الهلاليين أن يمتعوا جماهيرهم التي غص بها الملعب.. الذي تسيدوه عن بكرة أبيه.. وكان ذلك عرسهم الكبير.. فأكرمهم جن الملاعب.. بمزيد من الإذلال للغريم.. وبمزيد من الأهداف.. التي تفجرت بغضب الحليم.. وبعطاء سخي كريم.. عمر.. شعلة الخطر لم يمنح جن الملاعب غريمهم فرصة التقاط الأنفاس.. فالوضع جداً حساس.. وكان لابد من قطع وتين الغريم.. بهدف لايريح ولا ينيم.. عاد (المحيط الهادئ) عطيف.. كما يسمونه.. لتمرير كرة خبيثة ماكرة.. لأقصى الدفاعات عابرة.. لتصل للزوري.. الذي أراد حضوراً فاعلاً لا صوري.. وأرسل كرة بالمقاس والعدل والقسطاس.. مرت ونفذت كسهم في الخاصرة.. إلى رأس عمر.. شعلة الخطر.. الذي غمز برأسه لغماً كروياً.. في مرمى وليد فانفجر.. هذه الأهداف الأربعة.. التي كانت بالفن والمهارة مترعة.. جعلت الأبواب للمزيد مشرعة.. عاد السوبر إدواردو لشن هجمة من اليسار منسقة.. مررها بكل أناقة وثقة.. فتقطع من دفاعات الأصفر.. يتلقاها المحيط عطيف.. يمررها لمخرب الأمزجة.. الذي سدد كرة زاحفة راعفة لزجة.. تصطدم بالعارضة.. فإذا بها في الشباك والجة.. (وخمسة وخميسة).. (سنة الخمسات).. للتأريخ كان هذا المشهد الحالم يوم خميس.. والهلال كالجيش الخميس.. فوسم الزعيم على علبا خصمه التعيس.. خمسة مطاريق ومياسم.. وحق لهذه البطولة أن تسمى (سنة الخمسات).. فيؤرخ بها.. مثل سنة الرحمة.. وسنة السبلة.. وسنة الطبعة.. ضرب الهلاليون عصافير عدة برمية واحدة.. فقد كسروا حاجز العشرين نقطة لتحقيق الدوري التي كانت لغريمهم مسجلة.. وتوجوا بأعلى معدل نقطي ب66 نقطة الذي لم يهنأ به منافسهم سوى ثلاث سنوات.. فازوا بالدوري لأنهم الأفضل والأجمل والأقوى.. فهم الأعلى تهديفا ب 63 هدفاً.. فاز الهلاليون حين حضرت العدالة بالصافرة الشقراء.. وأيضاً بالمحلية الرعناء.. فمحوا شماعة التحكيم إلى الأبد.. سدوا أنف تغريدة البخاري.. الذي شم.. نوايا.. وما علم عن عزم الزعيم مخلف الهقوات.. بين البرايا.. وهادم اللذات والتوقعات.. وهازم الخصوم.. الحازم الجازم أبو الظفرات.. التتويج لكون البطولة مميزة وسيدها الزعيم الأميز.. وختمها بختام مميز.. كان يجب أن يحتفل بنجوم الزعيم.. احتفالاً كرنفالياً أسطورياً لا يتكرر.. كانت ليلة من كتاب ألف ليلة وليلة.. فالملعب تحول إلى مستحيل أزرق.. أزرق بجماهيره وألوانه.. حيث تحول فجأة إلى أيقونة بل ماسة زرقاء.. تليق بمهابة وجلال الهلال الزعيم الملكي.. كان زفافاً أسطورياً لعريس البطولة السليبة.. كرم فيه مجلس إدارته ونجومه.. فغنى الجسمي بصوته السوبرانو أغنية رومانسية الأداء.. تليق بزفة عريس عاشق.. وغنى الفارس وألهب الجماهير طرباً.. (برقم كم) حيث يصعب العد.. فبطولات الهلال شلال ممتد..