×
محافظة مكة المكرمة

الصرف الصحي يهدد مضخة مياه «الخالدية»بالخرمة

صورة الخبر

هل يمثل الزخم السياسي المستجد والمتمثل في عديد من الأحزاب والقوى والتكتلات الناشئة وحديثة العهد بحرية الممارسة السياسية نعمة على الديموقراطية العربية الوليدة أم نقمة جلبتها ثورات الربيع العربي؟ وهل من الإنصاف ترك المجال لأيٍ كان من النشطاء لتشكيل حزبٍ سياسي بذريعة التعبير عن الرأي وتمثيل من يصفونهم بشريحة من المجتمع تشاطرهم الرؤى والمفاهيم، أما أن الأمر ليس أكثر من أحزاب فئوية وصولية تسعى لصنع مراكز قوى تضمن لها تنفيذ طموحاتها! «الشهوة الديموقراطية» المستجدة، والسعي لقطف ثمار الثورة ساهما في تفريغ الفكر من العمل المدني والتطوعي، وحصره في الإطار السياسي فقط. في اعتقادي، أحد أسوأ ما جلبه ربيع العرب هو حالة التهور المجتمعي والانكباب على السياسة، والعجلة للحاق بركب العدالة والتقدم، واستباق النتائج، ليتسبب في تخبط وفوضى، شلّت العمل العام وقذفته بما قد يصعب التعافي منه أو الاستفاقة دون دفع ثمنٍ باهظ! الديموقراطية هي «حكم الشعب»، كما أنها تستوجب تأسيس الإطار العام الذي يجب أن يحكم الدولة المدنية الحديثة، التي لن تتطور عبر الفوضى السياسية، وإنما عبر تأسيس الهيئات المدنية غير الربحية، التي يجب أن تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلالية والشفافية. فرنسا مثلاً ذات الثورة الأكثر شهرة عانت من الثورات المضادة، وتحول الحكم بعد سنوات لعسكري ومن بعده عودة للملكية الإقطاعية، التي ما لبثت أن تغيرت لتكون مدنية من جديد، ولكن بأُطر أسست دعامات الجمهورية التي انبرى منها ما نعاصره اليوم من فرنسا الأكثر حرصاً على الحرية والعدالة والرفاهية. شعوب الربيع العربي لم تلتفت لأهمية العمل التطوعي المدني وبناء الدولة الحديثة، فأشغلت نفسها بالسياسة، وشتت جهدها في تأسيس التكتلات السياسية التي زادت من ظاهرة المنظرين والخبراء؛ الذين أسهموا بدورهم في تعطيل حركة البناء والتنمية المجتمعية، عبر تركيزهم فقط على الشأن السياسي وزرع الفرقة، بدلاً من توجيه العامة صوب البناء والتنمية وتغذية روح المسؤولية والواجب!