المنطقة الشرقية، في وطننا الكبير، دائماً، سباقةً إلى ميادين الخير والعطاء متصفةً بتربة أرضها الخصبة المليئة بالخيرات الجنية. كعادتها دوماً تخط مسارات مشاريع الخير والمبادرات التي تعز وتحفظ هذه البلاد وأهلها بكل محبةً وصدق ووفاء. فقد انطلقت خلال الأشهر الماضية في المنطقة الشرقية مبادرات عديدة لتعزيز المحبة والوحدة الوطنية، حضرتها أطياف متعددة من المجتمع السعودي، بشتى مناطقهم ومذاهبهم وتوجهاتهم من شمال الوطن إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه وكانت تلك المبادرات تهدف وتدعوا إلى تعزيز اللقاء والترابط والتسامح بين المواطنين في بلادنا العزيزة في ظل ظروف عالمية وفترة زمنية صعبة مليئة بالفتن والكراهية مستدركةً ذلك الوباء، لنشر ثقافة الحب قبل أن تصيبنا دائرة السوء ونحن، بحمد الله، نعيش نعمة الأمن والأمان التي منّ الله علينا بها في هذا الوطن. إن فكرة الحب والتعايش شعلة يحملها كل مواطن مخلص لإنسانيته ودينه ووطنه، لهذا لا بد لنا في هذه الظروف الساخنة وما يحيط بنا من فتن، أن نعمل بجد لإظهار تلك الشعلة المضيئة داخل أنفسنا لتضيئ طريقنا وسط هذه الهجمة، والتحريض الإعلامي الذي يبث شوك الفتن ويتجاهل حدائق الإنسانية. إن العيش المشترك في بلادنا ليس وليد اليوم، بل تاريخ عريق مليء بالشواهد الإنسانية والمواقف البطولية، وما دون ذلك شواذ يعتاشون بيننا على النميمة والفتنة، يريدون أن يشوهوا الحب ويزرعوا الأشواك في جسد الوطن. المنطقة الشرقية عامة ومحافظة القطيف خاصةً كانت سباقةً على الدوام لمبادرات الإخاء والخير والتسامح تواقةً للقاء واستضافة شركائها في هذه البلاد الشاسعة بقلب رحب وفرحة لا توصف وكان لها دور ريادي في تعزيز هذه الثقافة، ولكوني من أهل الدار فلن أستطيع التعبير عن مدى هذا الود والحرص لكن ما يشهده لسان حال كل من زار هذه المنطقة وتواصل مع أهلها ولبى دعوتها سيكون أصدق وأوفى في التعبير عن حجم ما احتضنته هذه الأرض من الحب. شعلة الحب تُضاء دائماً في منطقتنا الشرقية، لكننا نطمح ونأمل أن تتنقل هذه الشعلة وتُعمم هذه الفعاليات والمبادرات في كل بقعة من بقاع هذه البلاد ليدعى مثلاً أهل المنطقة الشرقية بشتى أطيافهم إلى المنطقة الغربية، ويدعى أهل القطيف إلى القصيم وهكذا .. إلخ، لنساهم جميعاً في توطيد ما نؤمن به وما يكلفنا ويدعونا إليه ديننا وأخلاقياتنا وإنسانيتنا من نشر وتعزيز روح الأخوة والتعاون والترابط ونبذ كل الخلافات وإصلاحها والوقوف سداً منيعاً، ويداً واحدة ضد خطر ومخططات الطائفية والمذهبية ونكوّن بحبنا أمننا لأنفسنا ووطننا، ونكون سلاحاً وطنياً في وجه الأبواق الداخلية والخارجية التي تريد تفتيت هذه اللحمة أو إضعافها. فقد أجمعت جميع المبادرات والدعوات الوطنية باسم الوحدة والتعايش والتسامح على توصيات أساسية لتحقيق وترسيخ وتقوية قاعدة المحبة التي عشنا وتعايشنا فيها طوال عشرات السنين، من أهمها تعزيز أن الوطن للجميع وكلنا للوطن، والعمل الدؤوب على ضرورة إصدار القوانين والتشريعات التي تجرم الطائفية وتسيء للحمة الوطنية. فنحن اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى سد كل الأبواب التي تريد استغلال الثغرات لتخترق من خلالها وحدة الصف لبث سموم الوهن فينا وفي هذه الأرض الطيبة.