×
محافظة المنطقة الشرقية

«محكمة الدمام» تسجل تنامياً في عدد القضايا خلال 6أشهر

صورة الخبر

يا نجد ما عاد الهوى مثل ما كان تكدرت يا نجد كل المشاريب يا نجد غنيتك هوى القلب وأشجان وبحنا ونحنا فوق عالي المراقيب رحل عنا قبل أيام الأستاذ القدير والأديب الشاعر والكاتب الناقد الدكتور محمد بن سعد بن حسين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، رحل بعد أن جاوز الثمانين وقد أثرى الساحة الثقافية السعودية بإنتاجه العلمي الغزير الذي يتجاوز الثلاثين كتاباً مطبوعاً، وساهم في تخريج أجيال من المتخصصين في اللغة العربية من خلال إشرافه ومناقشته لعدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه في عدد من الجامعات السعودية، وكان له ندوة أدبية حقيقية بمدينة الرياض تسمى (ندوة النخيل) يرتادها أساتذة الجامعات والأدباء والمثقفون وغيرهم ليرتووا من معين علمه وأدبه. لم تقف إعاقته البصرية دون طموحاته فقد واصل تعليمه حتى حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد بل حتى حصل على درجة الأستاذية ورأس قسم الأدب في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام ، ويعد من أوائل من تعلم القراءة والكتابة بطريقة (برايل) في المملكة وله إسهامات متعددة في الإذاعة ومشاركات لا تحصى في الندوات والمؤتمرات والمحاضرات. هذا الجهبذ المتخصص في اللغة العربية لم يكن ينظر إلى الأدب الشعبي بمنظار دوني، أو يتعاطى معه بعدائية، أو يتعامل معه بحساسية الموسوسين الذين يطالبون بنبذه واجتنابه والفرار منه كالفرار من الأجرب بينما هم يعلجون ألسنتهم بعامية سقيمة حتى في محاضراتهم داخل أروقة الجامعة. ابن حسين نظر إلى الأدب الشعبي نظرة الخبير بخباياه فرأى فيه لمحات إبداعية، ولفتات ذهنية، وشذرات تاريخية وجغرافية، وفوائد للباحثين في الدراسات الاجتماعية واللغوية والإنسانية والثقافية، من هنا لا نستغرب عنايته بآثار ابن بليهد ذلك الرجل المحقق الذي قام بأول محاولة لأبناء الجزيرة في العصر الحديث لتحقيق المواضع الواردة في المعلقات في كتابه الرائد (صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار) والذي كان لفت الأنظار من خلاله إلى الروابط العضوية بين الشعر النبطي والشعر الفصيح من خلال ما أورده من شواهد وما ناقشه من عوامل. بل إن ابن حسين حقق ديوان ابن بليهد العامي (بقايا الابتسامات) امتداداً لتحقيقه لديوانه الفصيح (ابتسامات الأيام) ليس ذلك فحسب بل كان يكتب في الصحف عن دواوين الشعر العامي، وينشر القصائد العامية غير المنشورة ويعلق عليها، ويطرح القضايا المتعلقة بالشعر العامي ويناقشها ومن آرائه التي كان ينافح عنها ببسالة أن الشاعر الذي يحسن الشعر الفصيح لا يستعصي عليه إحسان الشعر العامي والعكس كذلك إذا أدرك الشاعر العامي شيئا من الثقافة اللغوية الفصيحة مستشهداً في ذلك ببعض الشعراء الذين اتقنوا النظم في الفنين كالأمير عبدالله الفيصل ومحمد بن عثيمين ومحمد بن بليهد وحسين سرحان وآخرين كثيرين. وأخيراً فإن أحد هؤلاء هو ابن حسين نفسه رحمه الله فهو مجيد في الفصيح وفي العامي ومن شعره البيتان اللذان صدرنا بهما هذه المقالة والبيتان في خاتمتها: تاهت خطاي وضيع الدرب عنوان نجول جول مجمعين الكراكيب يا نجد شاب الراس من عقب ما بان وشباب قلبي ما درج حوله الشيب